هل تنقذ أموال المانحين جوعى اليمن؟!
عدن بوست - تقرير: الأربعاء 26 أبريل 2017 10:38 مساءً
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن المانحين تعهدوا بتقديم 1.1 مليار دولار لدعم الجهود الإنسانية في اليمن الذي يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وكان غوتيريش قد افتتح مؤتمرا رفيع المستوى في جنيف لإعلان التعهدات لدعم اليمن، بالدعوة إلى تمويل النداء الإنساني لعام 2017 الذي يبلغ 2.1 مليار دولار لمساعدة اليمن.
وقال الأمين العام إن النداء لم يتم تمويله إلا بنسبة 15% حتى هذه اللحظة، في وقت لم تكن فيه الحاجة إلى المعونة الإنسانية وحماية المدنيين أكبر من أي وقت مضى.
وأشار إلى أن ما يقرب من ثلثي السكان في اليمن، أو حوالي 19 مليون شخص، بحاجة إلى دعم طارئ، فضلا عن معاناة نحو 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعل الأزمة في اليمن أكبر أزمة جوع في العالم.
وأضاف غوتيريش: "كما هو الحال دائما، فالأطفال هم أكبر المتعرضين لخطر الموت. في المتوسط، يموت في اليمن طفل دون الخامسة من العمر لأسباب يمكن الوقاية منها كل عشر دقائق. وهذا يعني أن خمسين طفلا في اليمن سيموتون خلال مؤتمر اليوم. كان من الممكن منع كل هذه الوفيات. وسيتأثر العديد من الأطفال بالتقزم وسوء الحالة الصحية طوال حياتهم. إننا نشهد جيلا بأكمله يتضور جوعا ويصاب بالشلل، وعلينا أن نتحرك الآن لإنقاذ الأرواح".
وتابع الأمين العام أن: "اليمن يشهد اليوم مأساة هائلة الأبعاد، حيث دمر عامان من الصراع حياة اليمنيين العاديين والاقتصاد والخدمات الصحية، وأجبرت الحرب ثلاثة ملايين شخص على ترك منازلهم، مما جعل الكثيرين غير قادرين على كسب قوتهم أو زراعة المحاصيل".
وحذر غوتيريش من انهيار الخدمات الأساسية، مع تضرر أو دمار ما يقرب من 300 مرفق صحي بسبب إطلاق النار أو القصف أو الضربات الجوية، مما يعرض الملايين لخطر المرض والتهديدات الأخرى.
" أثرت الحرب على كل جوانب الحياة، ووصل الناس إلى نقطة الانهيار. حيث نفدت مدخراتهم ولم يعد لديهم أصول ليبيعوها، فقد استنفدوا كل آليات التأقلم... وفيات الأمهات هي الأعلى في المنطقة، وتعاني أكثر من مليون امرأة حامل من سوء التغذية. هناك ما يقدر بنحو مليوني طفل خارج المدرسة، مما يجعلهم عرضة للتجنيد أو التطرف من قبل الجماعات المسلحة. وتزوج الفتيات البالغات من العمر 13 عاما، حيث تسعى الأسر اليائسة إلى الحصول على أموال المهر لتلبية الاحتياجات الأساسية. لقد سلبت هذه الأزمة - التي هي من صنع الإنسان- حياة وأمل وكرامة ملايين الناس."
وقال الأمين العام إنه عمل لسنوات عديدة مع اليمن عندما كان مفوضا ساميا لشؤون اللاجئين، ولطالما أعجب كثيرا بكرم الشعب اليمني.
ففي الوقت، الذي كان اليمن يعاني فيه بالفعل من صعوبات هائلة، ساعد جميع اللاجئين الصوماليين القادمين إليه، وأضاف "أشعر بأنني شخصيا أتأثر جدا عندما أرى هؤلاء الناس الكرماء يعانون كثيرا، وأشعر بأنه يتعين عليّ أن أطلب منكم جميعا أن تتضامنوا بكرمكم مع مثل هذا الشعب الرائع".
مؤتمر التعهدات لدعم اليمن
رأس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤتمر إعلان التعهدات رفيع المستوى حول اليمن، ي جنيف والذي تشارك في تنظيمه حكومتا السويد وسويسرا.
ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة قال إن اليمن يشهد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
"اليمن هو أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج 19 مليون شخص أي نحو ثلثي عدد السكان إلى المساعدات": أضاف ستيفان.
وتابع: "ويحتاج نصف هذا العدد إلى المساعدة الفورية لإنقاذ حياتهم أو ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة. اليمن يشهد أيضا أكبر حالة طوارئ لانعدام الأمن الغذائي في العالم، ويقترب من حافة المجاعة".
يبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن ما يقرب من 17 مليون شخص، من بينهم 7 ملايين يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي.
سباق لإنقاذ حياة الملايين
يؤدّي العنف المستمرّ في اليمن إلى تأجيج واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم، حيث لا يعرف 7 ملايين إنسان تقريباً من أين ستأتيهم وجبتهم التّالية، وهم في أمسّ الحاجة للمساعدات الغذائيّة.
ويعاني ما يقرب من 2.2 مليون طفل من سوء التّغذية، وهناك نصف مليون طفل منهم بلغت معاناتهم مرحلة سوء التّغذية الحادّ، ويوشكون على الموت إن لم يحصلوا على رعاية عاجلة وعلاج متخصّص.
وقال خيرت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسف في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يعاني ملايين الأطفال في اليمن من سوء التّغذية الحادّ، ويموت كثيرون منهم نتيجة لأمراض يمكن الوقاية منها تماماً". وأضاف قائلاً: "إنْ لم تتّخذ أطراف النّزاع والمجتمع الدّولي مزيداً من الإجراءات؛ سيكون اليمن معرّضاً لخطر السقوط في براثن المجاعة - وترك المزيد من الأطفال معلّقين بين الحياة والموت. نحن في سباق مع الزّمن".
وقال مهنّد هادي، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا: "حين يصل بلد ما إلى طور المجاعة، فإنّ ذلك يعني أنّ العديد من الأرواح قد أُزهقت بالفعل. يجب ألاّ نصل إلى المرحلة التي نرى فيها الأطفال يموتون بسبب المجاعة، والأمهات الثّكلى تبكي أطفالها على شاشات التليفزيون". وأضاف هادي قائلاً: "إذا تحرّكنا الآن؛ فبإمكاننا إنقاذ حياة الكثيرين في اليمن. إنّنا ندعو المجتمع الدوليّ لأن يزوّدنا وعلى وجه السّرعة بالتّمويل الكافي، وأن يساعدنا على تجنّب حدوث المجاعة في مختلف أنحاء اليمن".
يتسبّب العنف وانعدام الأمن الغذائي في خسائر فادحة على دخول الأسر، مما يضطّرهم وأطفالهم لاتّخاذ تّدابير قاسية لمجرّد البقاء على قيد الحياة، ومن ضمنها الزّواج المبكّر والانضمام إلى القتال. وبلغ عدد الأطفال الّذين تمّ تجنيدهم واستخدامهم على يد أطراف النّزاع في الأشهر الثّلاثة الأولى من عام 2017، ثلاثة أضعاف عددهم مقارنة بالأشهر الثّلاثة الأخيرة من عام 2016.
لقد أدّى العنف إلى تحويل أجزاء واسعة من البلاد إلى مناطق يتعذّر على العاملين في المجال الإنساني الوصول إليها، وإلى قطع المعونات المستعجلة عن الأطفال والعائلات.
هذا وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن في وقت سابق من هذا الشّهر عن زيادة في نطاق عمليّاته الغذائيّة الطّارئة في اليمن، وذلك بتقديم مساعدات غذائيّة لنحو 9 ملايين شخص يحتاجون إليها بشكل عاجل. ويهدف البرنامج أيضاً إلى توسيع دعمه التّغذوي للوقاية من سوء التّغذية الحادّ أو للمعالجة منه، ويشمل ذلك 2.9 مليون طفل دون سنّ الخامسة، والأمّهات الحوامل والمرضعات، ومن هم من الأسر الّتي تمّ تزويدها بالقسائم الغذائية أو المساعدات العينية.
لقد تجاوزت احتياجات النّاس في اليمن الموارد المتاحة بسرعة كبيرة. ويحتاج برنامج الأغذية العالميّ بشكل عاجل مبلغ 1.2 مليار دولار أمريكيّ لكي يلبّي الاحتياجات الأساسيّة لـ9 ملايين شخص يعاني من انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال الشّهور الـ12 المقبلة. هذا وناشدت منظّمة اليونيسف الجهات المانحة للحصول على مبلغ 236 مليون دولار أمريكي لكي تقدّم المساعدات المنقذة للحياة للأطفال المتضرّرين من النّزاع في اليمن في عام 2017. حيث لا يغطي التّمويل الذي تحصل عليه كلتا المنظمتين سوى أقل من 20 في المائة من الجهود المبذولة.
تدعو اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي، وبالنّيابة عن الأطفال والعائلات، إلى إيجاد حلّ سياسيّ وفوريّ لإنهاء الحرب الدّائرة في اليمن. حيث سيوفّر ذلك الأمان لملايين الأسر الّتي ترزح تحت وطأة اليأس في اليمن، وسيسمح بزيادة كبيرة في مستوى تزويد الغذاء، والدعم التغذوي وغيرها من المساعدات الإنسانيّة. إلى أن يتحقّق ذلك، ومع اشتداد وتيرة النّزاع، فإنّ المنظّمتين تناشدان جميع أطراف النّزاع وأولئك الّذين لديهم نفوذ عليها، السّماح بوصول المساعدات الإنسانيّة إلى الناس والتوقف عن أي عمل يمنع وصول المعونات المنقذة للحياة.
دعم المانحين للنشاط الإنساني
أكد ستيفين أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية وعمليات الإغاثة الطارئة، أن اليمن يمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم اليوم، مشيرا إلى خطر المجاعة الحقيقي المحدق به.
جاء ذلك في كلمته أمس الثلاثاء في مؤتمر التعهدات رفيع المستوى الذي عقد في المدينة السويسرية، جنيف.
أوبراين أثنى على تضامن الجهات المانحة المشاركة في المؤتمر والتزامها وسخائها لإنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة النساء والأطفال والرجال الذين علقوا في صراع ليس من صنيعهم.
وقال: "إن دعمكم لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2017 هو تعبير عن هذا التضامن. وتعد المساهمات المالية في الخطة أكثرَ الاستثمارات استراتيجية وفعالية وكفاءة لإنقاذ ملايين الأرواح وحمايتها؛ إنها تصب في مجال تقديم المساعدة الإنسانية المحايدة والنزيهة والمستقلة، والوصول إلى الناس حيث الاحتياجات ومواطن الضعف هي الأكبر في جميع أنحاء اليمن".
وكان وكيل الأمين العام قد زار اليمن ثلاث مرات خلال العامين الماضيين، وعاين بأم العين المعاناة الرهيبة، بما في ذلك مراهق يعاني من التقزم وبالكاد يشبه طفلا في مرحلة الحضانة؛ وفتاة تبلغ من العمر 13 عاما أصبحت ربة أسرتها؛ ورضّع وأطفال صغار مرضى جدا لدرجة أنهم لا يعون محيطهم أو حتى لمسة أمهم.
"هؤلاء هم بعض الأشخاص الذين نجتمع لأجلهم هنا اليوم"، قال وكيل الأمين العام، الذي أشار إلى أن أموال المانحين ودعمهم تمكّن الوكالات الإنسانية من توسيع نطاق جهودها وتجنب المجاعة، مطالبا أيضا بدعم سياسي يحمي عمال المساعدة الإنسانية الشجعان.
لكنه أضاف: "اسمحوا لي أن أكرر ما قاله الأمين العام: إن المساعدة الإنسانية لن تحل هذه الأزمة. إننا بحاجة إلى وقف فوري للأعمال القتالية والعودة إلى المفاوضات والسلام. ويحدونا الأمل في أن نسعى أيضا، من خلال تلبية احتياجات الناس الأكثر إلحاحا الآن، إلى تهيئة المساحة اللازمة لليمنيين وأطراف الصراع للالتقاء ووضع حد لهذه الحرب الرهيبة".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها