مؤتمر حضرموت الجامع بين إقصائية التمثيل وخلافات التحضير
يشارف «مؤتمر حضرموت الجامع» على الوصول إلى المحطة الأخيرة من مراحله المتمثلة في تحديد الموعد النهائي لانعقاد «الكونفرس»، الذي من المفترض أن تجتمع تحت سقفه مكونات وأطياف حضرمية، لتوحيد كلمتها وتحديد رؤاها تجاه مستقبل السياسي لحضرموت في المرحلة القادمة، والفصل في طبيعة الموقع الذي ستحتله هذه المحافظة في الدولة اليمنية الجديدة، سواء كانت اتحادية من إقليمين أو أربعة أقاليم أو ستة أقاليم، وفق ما نصت عليه مخرجات الحوار اليمني التي ما زال الشك يساور الحضارم تجاهها، كونها «هجيناً» سياسياً تشريعياً مطاطاً، لن تُمنح بموجبه «المحليات» القدر الكافي من الإستقلالية في إدارة شؤون الأقاليم، كما يرى كثيرون، علاوة على السيطرة والتحكم بملف الثروات والموارد في المحافظة النفطية الشاسعة التي كانت ترفد خزينة الدولة بحوالي 80% من مواردها.
إعلان
وبعد حالة من «المد والجزر» أعلنت أخيراً «الهيئة التحضيرية العليا» لـ«مؤتمر حضرموت الجامع» عن الموعد النهائي لانعقاد المؤتمر العام، والذي حدد بتاريخ 22 أبريل الجاري. «الهيئة» التي اختتمت، الأحد، أعمال اجتماعاتها المنعقدة على مدى يومين في المكلا، برئاسة المقدم عمرو علي بن حبريش، الوكيل الأول للمحافظة ورئيس «حلف حضرموت»، أقرت قوام المندوبين للمؤتمر العام البالغ عددهم 3001. وتوافق المجتمعون على تشكيل لجنة لتحديد نسب توزيع وآلية اختيار المندوبين للمؤتمر العام برئاسة الدكتور صالح عوض عرم، بالإضافة إلى تشكيل لجنة لصياغة مشروع البيان الختامي، والقرارات والتوصيات الصادرة عن مؤتمر حضرموت الجامع. وكان أعضاء «الهيئة التحضيرية العليا» قد وقعوا، السبت، على وثيقة «ميثاق الشرف» بين المكونات المجتمعية الحضرمية، في حين أكدت اللجنة التحضيرية أن فعاليات «مؤتمر حضرموت الجامع» ستتم بـ«مشاركة كافة فئات وشرائح المجتمع الحضرمي علاوة على أبناء حضرموت في المهجر».
خلافات
وأفادت مصادر، بأن خلافات حادة شابت اجتماعات «الهيئة العليا» للمؤتمر، كادت أن تعصف بها لولا احتوائها من قبل بعض الوسطاء القبليين. وأضافت المصادر أنه تم طرد مجموعة من أعضاء اللجنة الإعلامية الخاصة بالمؤتمر، عقب انتهاء اعمال الجلسة الإفتتاحية لاجتماعات «الهيئة العليا»، ما أثار استياء أعضاء اللجنة الإعلامية المشكلة من 50 عضواً.
المجلس الإستشاري
وفي ظل استمرار معارضة الأصوات المناوئة لآلية عمل «تحضيرية المؤتمر الجامع»، والتي تضم عدداً من المكونات السياسية والمجتمعية والقبلية التي أعربت عن استيائها من إصرار رئاسة المؤتمر على عدم التجاوب مع الدعوات المنادية بـ«تصحيح مسار» المؤتمر، ومضيها في عملية الإعداد بالآلية نفسها التي وُصفت بـ«الاقصائية»، أثار الإعلان عن قوام «المجلس الإستشاري للهيئة التحضيرية العليا» للمؤتمر، ردود فعل غاضبة، لاسيما مع نفي العديد من الشخصيات التي تم إدراج أسمائها في قوام المجلس المكون من 52 عضواً إشعارها أو التنسيق معها بشأن عضويتها في هذا الكيان الجديد.
ويعد «المجلس الإستشاري» كياناً رافداً لـ«الهيئة التحضيرية العليا» للمؤتمر، التي تم تقليص عدد أعضائها من 345 إلى 161 عضواً، سيمثلون المكونات والشخصيات في الداخل والمهجر، وهو ما يشكل حوالي نصف العدد المعتمد للدوائر الإنتخابية في اليمن، والتي يتألف منها مجلس النواب اليمني، البالغ عدد اعضائه 301. وبحسب إعلان «اللجنة التحضيرية» المصغرة التي أسندت إليها مهام الإعداد والتنسيق لانعقاد المؤتمر، فإن اجتماعات «الهيئة التحضيرية العليا» من شأنها أن تفصل في مختلف الرؤى والوثائق المقدمة من المكونات والشخصيات القبلية والمدنية كافة، للخروج بخلاصة «تحدد ملامح حاضر ومستقبل حضرموت وأجيالها القادمة».
أهداف المؤتمر
ولفتت «تحضيرية المؤتمر»، التي يرأسها الوكيل الأول لمحافظة حضرموت، المقدم عمرو بن حبريش العليي، إلى أن أهداف المؤتمر تتمثل في «لَمِّ الشمل وتوحيد الكلمة لكل أطياف ومكونات حضرموت، وإعداد رؤية شاملة ترسم خارطة حاضر ومستقبل حضرموت، لضمان مستقبل تسوده العدالة الإجتماعية والرخاء الإقتصادي، إضافة إلى التأكيد على دعم قوات النخبة الحضرمية، باعتبارها صمام أمان حضرموت بالوقت الراهن». ومن بين الأهداف أيضاً «العمل على نبذ التعصب والتطرف، وإشاعة روح التسامح وقبول الآخر، وتعزيز نهج الوسطية والاعتدال لمدرسة حضرموت الدينية».
ردود أفعال
وفي خضم التحضيرات لانطلاق عَرَبة «مؤتمر حضرموت الجامع» الذي انخفض مُعدل التفاؤل به والتفاعل معه على المستوى الشعبي، ثمة ردود فعل متباينة حول الحدث الذي ستشهده حضرموت قريباً، من قبل شخصيات سياسية واجتماعية ومكونات سياسية، كان أبرزها موقف نائب الرئيس اليمني السابق، خالد محفوظ بحاح، المحسوب على جناح الإمارات، والذي دعا إلى الإلتفاف حول طاولة «مؤتمر حضرموت الجامع»، بوصفه «تجربة أولى نحو تحديد الخيارات المستقبلية لحضرموت وباقي المحافظات»، والتعاطي مع الواقع بإيجابية لـ«معالجة لا تحتمل التأجيل في المحافظات التي يمكن ترسيخ أمنها واستقرارها، والتقدم فيها للأمام، قبل الحديث عن خارطة الأقاليم التي مازالت تواجه تحديات في كثير من المناطق».
و في منشور له على صفحته الرسمية في موقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك»، رأى بحاح أن «مؤتمر حضرموت الجامع هو بداية صحيحة يمكن البناء عليها، ولا نرفع التوقعات بأن تكون تجربة مثالية للغاية، بل ستتخللها تحديات وصعوبات يجب أن نكون بحجمها وأكبر منها، وأن لا نتوقف عندها، بل نجعلها اللبنة الأولى لبناء مستقبل واعد طال انتظاره، وآن لنا أن نسهم في صناعته». واختتم منشوره بقوله: «ما تود أن تجنيه غداً عليك أن تبدأ في غرسه من الآن، ولا تنتظر، وآمالنا المشروعة تستحق العمل الجاد والمنظّم مرة ومرتين وعشراً».
«الاصلاح»
من جهته، عارض «إصلاح حضرموت» الآلية المتبعة في التحضير لـ«المؤتمر الجامع». وفي بيان صادر عنه، أعرب «إصلاح حضرموت» عن تفاجئه بـ«قيام اللجنة التحضيرية لمؤتمر حضرموت الجامع بعملية تهميش وإقصاء للكثير من القوى والشخصيات السياسية والاجتماعية المؤثرة والفاعلة في المحافظة». وأكد البيان موقف «التجمع اليمني للإصلاح في محافظة حضرموت، الداعم والمؤيد لانعقاد مؤتمر حضرموت الجامع، شريطة استيعاب كافة القوى والمكونات والشخصيات المؤثرة في حضرموت لتأسيس لمستقبل واعد للمحافظة»، داعياً «تحضيرية المؤتمر إلى إعادة النظر في قرار التشكيل، وضرورة استيعاب كافة القوى السياسية والاجتماعية والشخصيات المؤثرة والفاعلة في حضرموت وفق معايير وضوابط واضحة، انطلاقاً من مبادئ المواطنة والمشاركة وتكافؤ الفرص، باعتبار أن مستقبل حضرموت هو مسؤولية الجميع». وينسجم موقف «إصلاح حضرموت» مع موقف تيار «تصحيح المسار» الرافض لآلية الإعداد للمؤتمر ونسب التمثيل فيه.
زيارة بن حبريش
وأثارت زيارة عمرو علي بن حبريش إلى وادي حضرموت، مؤخراً، استياءً لدى البعض، بسبب «الحملة الدعائية» الكبيرة التي رافقت الزيارة، لاسيما مع رفع صور الرجل عند مداخل المدينة وفي الشوارع الرئيسة، وتقديمه بصفته وكيلاً أولاً لسلطة حضرموت، والرجل الثاني في المحافظة بعد المحافظ بن بريك مباشرة. وطرحت الزيارة علامات استفهام كثيرة حول «القالب الجديد» الذي ظهر فيه الرجل في موكب مهيب كمسؤول رفيع المستوى، بعد «ترويضه وإعادة إنتاجه من مُقاوِم ثائر إلى مُقاوِل ومستثمر»، وفق ما يَتداول معارضوه.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها