كاتب أمريكي يكشف عن الإستراتيجية الإيرانية في تهديد التجارة العالمية
كانت لقطات الفيديو في حالة اهتزاز وبعيدة عن التركيز، ولكن لم تكن تلك اللحظة التي تم فيها التقاط ذلك الفيديو أي لبس، حيث إنه بينما كانت سفينة حربية ضخمة في البحر، كان ملتقط الفيديو يبذل قصارى جهده للتركيز على تلك السفينة، بالرغم من الموجات الخفيفة للمياه التي كانت تهز مكان تصويره، ولمدة دقيقة بدأ ملتقط الفيديو بالدردشة مع شخص آخر كان بجواره ومن ثم بدأ كلٌ منهما بالصمت.
ومن ثم حدث الانفجار الضخم كما كان مخططا له الذي استهدف السفينة الحربية، وبعد ثانية واحدة تحول ذلك الانفجار إلى سحابة سوداء في السماء، وبعدها عاد ذلك الصوت العربي مرة أخرى ولكن بكثير من الحماس "الله أكبر! الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل! اللعنة على اليهود! النصر للإسلام!".
كان هذا هو المشهد في جنوب البحر الأحمر في أواخر شهر يناير الماضي، عندما نجحت مليشيات الحوثيين المدعومة من إيران في استهداف فرقاطة سعودية، بقارب مشحون بالمتفجرات، أدى إلى مقتل بحارين اثنين، والإعلان للعالم بأن ترسانة المليشيات تضم الآن قوارب بدون ربان مسيرة عن بعد.
وقبل بضعة أشهر في 1 أكتوبر، كان السلاح مختلفاً، ولكن كانت الهتافات نفسها، وبدلاً من أن يستخدم الحوثيون تلك القوارب، تم استخدام صاروخ مضاد للسفن "سي-802"، وهو صاروخ صيني الصنع وإيراني الهندسة، أطلقه الحوثيون هذه المرة على السفينة الإماراتية "سويفت" مما أدى إلى تدميرها.
وبعد أسبوع من ذلك، اختارت ميليشيات الحوثيين في 9 أكتوبر، وبدون خوف، أن تستهدف بصاروخين كروز سفينة "يو إس إس ماسون" التابعة للقوات البحرية الأمريكية، وهي أقوى قوة بحرية في العالم، حيث اضطرت السفينة لاتخاذ تدابير دفاعية من خلال إطلاق ثلاثة صواريخ لاعتراض صواريخ الحوثيين، والتي أدت إلى إحباط ذلك الهجوم، ولكن الجماعة لم تتوقف عن ذلك، حيث قامت بشن هجومين صاروخييْن على نفس السفينة خلال الأسبوع نفسه.
وحذر مكتب استخبارات البحرية الأمريكية في شهر مارس بأن ميليشيات الحوثيين قد قامت بزرع ألغام بحرية في مضيق باب المندب، وفي شهر مارس أيضاً أصيبت سفينة تابعة لخفر السواحل اليمنية جراء انفجار لغم اصطدمت به مما أسفر عن مقتل اثنين من البحارة وإصابة ثمانية آخرين.
تعتبر الألغام البحرية والقوارب بدون ربان المسيرة عن بعد وصواريخ كروز أسلحة إيرانية تسعى إيران من خلالها للسيطرة على الممر الجنوبي للبحر الأحمر.
الاستعداد للحرب
كتب جيرالد فيوري في شهر أبريل 2015 عندما سيطرت ميليشيات الحوثيين في أواخر عام 2014 بأن استيلاء الحوثيين على اليمن لم يكن بسبب ثورة شعبية، وإنما جاء من إستراتيجية إيرانية متعمدة للاستيلاء على البحر الأحمر، وتثبت الهجمات الأخيرة التي قام بها الحوثيون بأن إيران تحقق تقدماً في السيطرة على هذا الممر، ومع تصاعد هذه الأعمال ضد الأهداف البحرية من خلال وكلائها الحوثيين فإنها تمارس بشكل مباشر السلطة على جنوب البحر الأحمر.
وأجرت البحرية الإيرانية في أواخر شهر فبراير عملية واسعة النطاق في شمال المحيط الهندي، شملت عدة عمليات في منطقة تبلغ مساحتها 800,000 ميل مربع، من مضيق هرمز إلى الخليج الفارسي حول شبه الجزيرة العربية إلى مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر، وهذه هي العملية السنوية التي تقوم بها البحرية الإيرانية. ولكن عملية هذا العام كانت مختلفة تماماً عن العام الماضي، حيث إنها المرة الأولى التي تمتد فيها المناورات إلى باب المندب.
إن الطموح الإيراني في باب المندب هو أمر طبيعي خاصة بأن أحد قادتها قد أدعى هيمنة إيران على الممرات المائية في أعقاب انتفاضة الحوثيين عام 2011.
وقال مستشار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي "محمد صادق الحسيني" بأنهم في محور المقاومة وإنهم السلاطين الجدد في منطقة البحر الأبيض المتوسط والخليج، وإنهم في طهران ودمشق والضاحية الجنوبية في بيروت وبغداد واليمن سيشكلون المنطقة.
ومع المضي قدماً إلى عام 2017 فإن إيران تنفذ ببساطة إستراتيجيتها التي لمحت إليها قبل سنوات، كما أن أنواع الأسلحة التي أرادت إيران اختبارها في أوائل عام 2017 تكشف عن إستراتيجيتها البحرية، حيث إن إيران قد قامت بنجاح من اختبار صاروخ مضاد للصواريخ في اليوم التالي للتدريبات العسكرية الإيرانية "ولايات 95".
إن هذه الصواريخ الموجهة بالليزر التي يصنعها الفنيون الإيرانيون ستعرض حركة الملاحة البحرية التي تجوب الممرات البحرية في البحر الأحمر والخليج الفارسي للخطر.
إستراتيجية إيران في اليمن
كتب جيرالد فلوري في عام 2015 بأن استيلاء الحوثيين في اليمن يثبت أن إيران تنفذ إستراتيجية جريئة للسيطرة على الممر البحري الحيوي من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط "ما تم ذكره سابقاً".
وكان ذلك في الوقت الذي كان فيه معظم المعلقين يركزون على أن تمرد الحوثيين ومحاولاتهم في الاستيلاء على الأراضي وزعزعة استقرار خصم إيران "المملكة العربية السعودية"، وهي الجارة الشمالية لليمن، وقد توقع فلوري أن اهتمام إيران بالانتفاضة الحوثية يهدف إلى الهيمنة على ممر البحر الأحمر الجنوبي.
إن إيران تدرك تماماً الأهمية الإستراتيجية لهذه البوابة، حيث نشرت بجراءة وكالة تسنيم الإيرانية في 17 يناير مقالاً بعنوان "إن جميع شرايين نقل النفط اليوم عبر السيطرة على سوريا واليمن والبحرين تقع تحت نطاق الصواريخ الإيرانية"، وتدرك أيضاً أن السيطرة على هذه البوابة سوف تمنحها سيطرة فعلية على التجارة في هذه البحار.
كتب معهد "ستراتفور" للدراسات بعد هجوم الحوثيين الصاروخي في 1 أكتوبر على سفينة الولايات المتحدة بأن الهجوم يشير إلى أن جماعة الحوثيين قد اكتسبت قدرات جديدة، وهو ما يثير تساؤلات حول أمن الشحن في المياه الإقليمية وقبالة الساحل اليمني ومدى فعالية حظر الأسلحة على هذه الجماعة.
حتى وإن لم يكن هناك دليل على أن هناك أسلحة جديدة، فإن الهجوم يدل على أن هناك تحول تكتيكي للجماعة وهو ما يدل على أن هذه الجماعة تهدد السفن في البحر الأحمر على حد سواء.
* نشرت المادة في موقع ترامبيت الإخباري.
*يمكن الاطلاع على المادة بنسختها الأصلية بالضغط هنا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها