خنق المليشيا.. التحالف ومهمة قطع الشريان الأخير للانقلابيين في اليمن (تقرير)
رغم أن الجرائم الانسانية التي توالت بإسراف كبير منذ اندلاع الحرب في البلاد، إلا انها لم تثر جدلاً دولياً عميقاً كاستهداف مركب اللاجئين قبالة ميناء الحديدة على البحر الاحمر.
فمقتل أكثر من 40 لاجئاً صومالياً بينهم نساء وأطفال مطلع الأسبوع الماضي، بهجوم ناري استهدف مركباً يقل نحو 150 لاجئاً، فتح باباً واسعاً للخلافات الدبلوماسية وتوتر العلاقات الدولية، فضلاً عن إثارة مخاوف طرفي الحرب ( الشرعية والانقلاب) وغيرها من أطراف متحكمة بالشأن اليمني.
يقع ميناء الحديدة وهو ثاني أكبر ميناء في اليمن ويؤمن 70% من احتياجات اليمنيين، غربي اليمن، في محافظة الحديدة، التي تعد ثالث أكبر محافظة من حيث عدد السكان وأشدها فقرا.
أزمة دبلوماسية
يرى مراقبون بأن التحالف العربي بقيادة السعودية لم يتوقع أن ترفض الأمم المتحدة طلبه بوضع ميناء الحديدة الاستراتيجي تحت الإشراف الأممي، بُعيد استهداف مركب اللاجئين، وهو ما جعله يشن هجوماً لاذعاً على المنظمة الدولية التي قالت إن "هذه الواجبات لا يمكن نقلها إلى آخرين"، محملة الطرفين المتحاربين مسؤولية حماية المدنيين والمنشآت التحتية.
هاجم المتحدث باسم التحالف اللواء أحمد عسيري الأمم المتحدة، بقوله إن حديث الناطق باسم المنظمة الدولية "لا يمثل فهماً للواقع داخل ميناء الحديدة، مطالباً الأمم المتحدة بأن تظهر بشفافية كيفية تأكدها من وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني عبر ميناء الحديدة الخاضع لمليشيا الحوثي وصالح.
وأكد سياسيون ل"مُسند للأنباء" ان سيطرة الحوثيين وصالح على ميناء الحديدة تسببت في الأزمة الدبلوماسية الراهنة بين الأمم المتحدة من جهة وقوات التحالف العربي من جهة أخرى، موضحين ان مصدر الأزمة بين الجانبين نابع من إصرار الأمم المتحدة على إيصال المواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية لليمن عبر ميناء الحديدة، بما فيها تلك التي يمولها التحالف العربي والمخصصة أيضا للمناطق التي تقع تحت سلطة الحكومة الشرعية.
وتتغاضى الأمم المتحدة عن ذلك، بمبرر أن هذا الميناء يظل الشريان الوحيد لإدخال المواد الغذائية الى المناطق التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين.
وكانت وزارة الخارجية الروسية أعربت عن قلق موسكو من خطط التحالف العربي بقيادة السعودية لاقتحام ميناء الحديدة أكبر المرفئ اليمنية، وحذرت من أنه سيقطع العاصمة صنعاء عن وصول المساعدات الإنسانية إليها.
من جهتها، طالبت الصومال المملكة العربية السعودية بالتحقيق في الهجوم الذي لم تعرف على الفور الجهة التي كانت ورائه، فيما لم ترد السعودية على مطالب مقديشو حتى الان.
قاعدة عسكرية
وفي أوج الأزمة الدبلوماسية بين التحالف العربي بقيادة السعودية والأمم المتحدة حول وضع ميناء الحديدة كشف الناطق الرسمي باسم التحالف العربي العميد أحمد العسيري أن ميناء الحديدة أصبح قاعدة عسكرية ومنطلقا لهجمات ضد خطوط الملاحة في البحر الأحمر ولا يمكن أن يبقى تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين.
ولم يتوقف الامر عند التحالف العربي فقط بل قال الجيش الوطني إن ميناء الحديدة أصبح قاعدة عسكرية لمليشيا الحوثي وصالح، ويجب السيطرة عليه من أيدي الحوثيين الذين يهددون الملاحة الدولية.
خنق المليشيا
تمثل محافظة الحديدة للتحالف اهمية كبرى وهي الوجهة الأبرز للقوات الشرعية والائتلاف بعد سيطرتهم على ميناء المخأ، نظراً لأهميتها الإستراتيجية، فبتحريرها سيتم محاصرة الحوثيين وصالح في صنعاء وقطع أهم الموارد المالية عنهم.
وبحسب المتحدث باسم الجيش الوطني فان تحرير ميناء الحديدة، يعني مواصلة خنق الحوثيين اقتصادياً وسياسياً ودفعهم للجلوس على طاولة المفاوضات بدون شروط وستحجم الدور الايراني في اليمن وتمنع استمرار تهريب الاسلحة لهم القادمة من طهران.
ووفقا للناطق باسم التحالف اللواء أحمد عسيري فتحرير الحديدة مقدمة لتساقط المدن الأخرى القريبة منها الواحدة تلو الأخرى، في عملية دراماتيكية قد تفتح الباب واسعا، أمام اي عملية عسكرية تنهي معركة الساحل الغربي، لافتاً إلى أن كل هذا، متوقف على رؤية التحالف والحكومة الشرعية وما تقتضيها الخطط العسكرية تجاه إنهاء الحرب.
من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي غمدان أبو اصبع لـ"مُسند للانباء" ان ميناء الحديدة يشكل المحطة الاخيرة لخنق جماعة الحوثي وصالح بعد خسارتهم لموانئ الجنوب وميدي والمخأ ماجعل دول التحالف تضع ميناء الحديدة نصب أعينها بهدف حصر المليشيات ومنعهم من الاستفادة من الموانى اليمنية بعد خسارتهم لنفط مأرب وحضرموت والمنافذ البرية مع دول الجوار.
ويضيف ان طلب التحالف الاشراف على مرفئ الحديدة يمهد للسيطرة على الميناء الوحيد الذي مازالت جماعة الحوثي تتنفس من خلاله، بهذا الإنجاز العسكري يكون التحالف قد ضيق الخناق على الحوثي وجعله يواجه أزمة اقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها.
ويأتي هذا الطلب لممارسة ضغط على الجماعة عبر إشعار الأمم المتحدة بجدية استعداد التحالف لفرض سيطرته على الشريان الأخير الذي تستخدمه جماعة الحوثي وصالح للتواصل مع الخارج.
استغلال الميناء
تشير مصادر اقتصادية الى أن الانقلابيين الحوثيين وصالح استغلوا سيطرتهم على ميناء الحديدة أسوأ استغلال من حيث التلاعب في حجم الجمارك فيه وفرض أتاوات لصالحهم وعدم توريد هذه العائدات الى خزينة الدولة، بالإضافة إلى مصادرة المساعدات الانسانية والمواد الإغاثية التي تصل عبره وتوزيعها حسب أهوائهم، بل وبيعها في السوق السوداء عبر عناصرهم في المناطق التي يسيطرون عليها لجني الأموار الطائلة من ذلك وتمويل جبهات القتال التابعة لهم.
وتضيف المصادر أن «المنظمات الدولية وكذا التحالف العربي أنفق مئات الملايين من الدولارات على المواد الإغاثية والمساعدات الانسانية لليمنيين خلال السنتين الماضيين من الحرب، ولكنها للأسف ذهبت الى جيوب الانقلابيين، بدليل المجاعة التي تجتاح محافظة الحديدة، التي تقع فيها الميناء والتي حرمت من خيرات العائدات المالية للميناء».
يبدو فيما لا يدع مجالاً للشك ان الجدل الكبير والتراشق الاعلامي والتصريحات التي واكبت استهداف مركب اللاجئين تأتي بمثابة الاشارة الى استعداد التحالف لفرض سيطرته على الحديدة ومينائها، كونها تصريحات سبق أن قالها التحالف قبل اجتياح المخأ وباب المندي بعد تعرض الفرقاطة الاماراتية لهجوم صاروخي من قبل الحوثيين التي أعقبت سيطرة الجيش الوطني المدعوم من التحالف على ساحل محافظة تعز.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها