السبب الخفي في تأخر الحسم العسكري
كثرت التحليلات السياسية والعسكرية عن الحسم وضرورته، وطرقه وأبعاده الإستراتيجية، وبموازاته كثر المدافعين عن الجيش الوطني، ضد من ينتقده في عدم إحرازه أي تقدم يذكر في الكثير من الجبهات، وأهمها جبهة نهم التي بدأت تتحرك الآن، وبقوة.
السؤال الذي يضع نفسه دائمًا: لماذا تأخر الحسم حتى الآن؟ وما هي موانع تحقيقه؟! هل هي داخلية أم خارجية؟! وكثرت التأويلات والإفتراضات غير المنطقية، ومنها أن التحالف لا يريد الحسم العسكري، وأنه يريد أن يخنق المليشيات الإنقلابية حتى تستسلم فقط.
وكي لا يفهم نقدنا أنه استهداف للجيش الوطني، وبطولاته، وهو سبب ترددي منذ فترة في كتابة مثل هذا المقال، نؤكد أن هناك الكثير من القادة والجنود الأبطال المخلصين قد استشهدوا، والكثير منهم ما زال ينتظر النصر أو الشهادة، وهناك معوقات جغرافية في أرض المعركة، تلعب دورها في تأخير الحسم، لكن ومع ذلك كله، نؤكد وبوضوح أن هناك معوّقات أخرى خفية أعمق من المعوقات الظاهرة التي نراها الآن، وهي بالتأكيد خارجة عن اطار الخطط العسكرية، وإمكاناتها القتالية الهائلة، أبلغها أن نذكر ما قاله الله تبارك وتعالى "قل هو من عند أنفسكم".
بسبب ترك "سنة السواك" في إحدى المعارك تأخر النصر، وبتطبيقها تزلزل كيان العدو، وانهارت قواه، بعد أن رآهم يقتلعون الأشجار كي يستاكوا، فظن أنهم يأكلون الأشجار من شدة بأسهم، فبث الله الرعب في نفوس الكافرين، وتحقق النصر المبين.
ولذلك نقول: أن فتشوا ففي الجبهات بعضًا من القادة العسكريين وغيرهم من الضباط، آثروا البقاء في مناصبهم لأهداف غير حميدة، ومصالح مادية بحتة، لا تمت بصلة الى المعنى الحقيقي للمقاومة، ومع يقيني الأكيد أن هناك أبطالاً كانوا في المقدمة حتى لقوا الله وهم شهداء، كأمثال القائد الفذ اللواء ركن/ عبد الرب الشدادي- رحمه الله – الذي بموته انهارت قوى كثير من الأبطال، بسبب أنهم لم يجدوا مثله يقاسمهم اللقمة، ويرافقهم في المتارس، والقفار، فأنى لهم بمثله.
أقولها وبكل يقين: أن هناك أخطاء كثيرة موجودة في كل موقع، وهناك خيانات، ومؤامرات، وارتباطات مع قيادات انقلابية، لكن كل ذلك سينتهي متى ما أصبح رئيس هيئة الأركان، وقادة الجيش الوطني العاملين معه في كل الجبهات، قدوات في أفعالهم قبل أقوالهم، وتحركاتهم التي تخلو من التصوير والنشر الإعلامي، وقيادتهم العميقة المبنية على استقامة حالهم، وأيقنوا أن الواجب أن نكون كما يجب، لا كما يتوهمه الناس.
إن مقتضى حال قادتنا العسكريين إن أرادوا إثبات مصداقيتهم، أن يقوموا بواجبهم المناط بهم فعليًا، فإن قاموا بذلك فسيلتف الأبطال حولهم في الجبهات، وبالتالي سيتحقق النصر، فإن لم يتحقق، ومن ذلك معرفة المتقاعسين، أو المتآمرين، وحينذاك وجب عليهم تغييرهم بقادة أكفاء، ثم المضي في مشروع الحسم العسكري، فإن لم يستطيعوا تحقيق ذلك، إما لخلل في ذواتهم لم يصلحوه، أو خلل في قدراتهم القيادية، أو لأي سبب كان، فصار لزامًا عليهم أن يستقيلوا، خير لهم من أن يبقوا على رأس أبطال أصابهم تعب مكوث الجبال، وطواهم الجوع والبرد والحرمان.
كما أن من أوجب الواجبات على الرئيس هادي ونائبه، أن يقفا وقفة جادة للتقييم من كل ما يعتمل في الجبهات من تأخير وتعثر، وما يحدث فيها من خلل، وعليهم دفع الأمور بقوة، وتجييش الشعب وجيشه الوطني نحو الحسم، والحسم فقط.