صنعاء وسيناريو الحسم بـ"البندقية"
على الرغم من تعدد جبهات الحرب الدائرة بين ميليشا الحوثي/ صالح من جهة والجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة أخرى في أكثر من محافظة يمنية, إلا أن للعاصمة "صنعاء" شأناً آخر؛ بحكم جغرافيتها ومكانتها السياسية والاجتماعية لدى اليمنيين, الذين ينظرون إليها كأساس لأي تغيير في النظام السياسي في اليمن.. فمن ينتصر في صنعاء يأخذ المحافظات الأخرى هدية مجانية كما يقول متابعون وساسة.
"مدينة" جمعت اليمنيين وأحلامهم, تكتسب مكانتها من الحضور الجمعي للقادم من تعز وشبوة وتهامة والضالع وحجة وكل جغرافيا 26 سبتمبر 1962م.. لا تستطيع أن تظل تحت الوصاية.. لا يمكنها أن تستمر في سيرك اللون الواحد، هي لليمني واليمني فحسب, عن هذه المكانة وأشياء أخرى يحاول الاقتراب منها "مُسند للأنباء" خصوصاً مع وقع المعارك التي باتت تقترب شيئاً فشيئاً من قلب العاصمة التاريخية لليمنيين.
غياب لن يطول .!
حتى 21 سبتمبر 2014م كانت صنعاء تحتضن الجميع، تتابع حلقات الانتفاضة الشعبية منذ 2011م ضد نظام المخلوع صالح وفصول التآمر عليها حتى حدوث الانقلاب الدموي، حتى الساعة الأولى من اليوم المشؤوم، كانت صنعاء الحزينة تبدأ فصل الغياب الإجباري من الزمن الجمهوري، يحدثنا التأريخ بأن سجّاناً امتلك جرأة اعتقال العاصمة لن يكون في مأمن من الإزاحة إلى مزبلة التأريخ، حدث وأن غالبية سكان عاصمة الإنسان اليمني غادروا خوفاً من بطش عصابة الحوثي صالح، انتشر النازحون في كل الأرجاء, كغبار في ساعة نهار محرق، تجمع ذلك الغبار مجدداً مكوناً جسداً صلباً هو العاصفة الجمهورية التي ستزيل اللحظة الجاثمة على صدر اليمن السعيد.
تكمن جمهورية صنعاء بحيويتها، وفاعليتها الناتجة عن أيادي البسطاء، والطلاب والعمال والجنود، الأحزاب والجمعيات، النشيد والأغنية، الحب والإنجاز، الشمولية في الأداء وعدم الارتهان على لاعب واحد، صنعاء ليست سوى صورة مصغرة للجمهورية اليمنية بإنسانها المكافح في دروب الحياة للحصول على نتائج وتحقيق أهداف, ليس آخرها توفير الخبز والماء والعيش بكرامة.
استطاع علي عبدالله صالح، وعبدالملك الحوثي أن يتمكنا من تغييب صنعاء عن وجودها الجمهوري لكن مدينة اليمنيين لن تستمر في الغياب إلى الأبد, هكذا تقول ألسنة بعض أبنائها اليوم انضم منهم إلى الجبهات المختلفة, خصوصاً "نهم وأرحب" التي تلتف على العاصمة من الناحية الشرقية.
صنعاء وخاصرتها الملغمة..!
اعتمد صالح طيلة فترة حكمة على رجال القبائل, ممن يدفعهم الفقر والعوز للارتهان لرغبات صالح ومخططاته العبثية بحق اليمن أرضاً وإنساناً، ظل اليمنيون في غيبوبة الجوع والحاجة بينما صالح يشيد المعسكرات ويعقد صفقات من الأسلحة الحديثة لحراسة صنعاء, التي يرغب بأن تكون حديقة هو مالكها الوحيد وكل من في داخلها مجرد أتباع بلا قيمة، هي المركز المقدس لإدارة كل شؤون اليمن في ظل المملكة الصالحية المطلوبة، استمر صالح في اللعب على وتر القبيلة خصوصاً الحزام الأمني للعاصمة، بذل جهوداً كثيرة لتحييد أية قوة, ممكن أن تشكل خطراً على حلم مملكته القادمة، ينتقل إلى الخطة (ب) التي تقتضي التفكيك لتلك القوى لطالما فشلت الخطة (أ) بالتحييد، وزع صالح الحق العام من وظائف مدنية وعسكرية لكل قبيلة جهة من الجيش والأمن أو الاستخبارات أو الوزارات المدنية ويظن بذلك أنه استطاع ترويض بندقية القبيلة المحيطة بصنعاء.
لكل شخص خطيئة ممكن أن تقضي عليه وأحلامه، تلك الخطيئة هي بمثابة جواز سفر إلى مزبلة التاريخ، أحاطت بصالح خطيئته إذاً, حين استطاع الخروج بحصانة بعد ثورة الشباب لم يستغل ذلك ليبقى في أمان بما يملك من توابع اجتماعية وعسكرية ومالية وبشرية, بل جمع ذلك الحصاد وسلمه لميليشيا عبدالملك الحوثي, لا لشيء سوى الانتقام، وكعادتها جاءت الميليشيا بكل ما لا يتماشى مع صفات اليمني، اقتحم مسلحو صالح وعبدالملك الحوثي ديار تلك القبائل، اعتقلوا الأطفال والمسنين، قتلوا الشباب، أهانوا النساء والأطفال، فجروا منازل الأبرياء والمباني التعليمية، أودعوا في جسد القبيلة كل الجراح، فمن نجا من أبناء القبائل انضم إليهم رغبة باكتساب الأمان، لم يعرف بأنه سيتم الدفع به إلى المحرقة والعودة به إلى أهله على شكل صورة مكتوب عليها "الشهيد...".
لم يترك الحوثيون وصالح أية جريمة وانتهاك إلا وأنزلوها بحق أبناء القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء وغيرها، كانت تلك العذابات بمثابة شحن مباشر لروح اليمني المقهور، وألغام ستنفجر يوماً في جسد الظالم المعتوه، تحول الرجال في خاصرة العاصمة إلى بنادق بشرية تستعد لخوض معركة الكرامة ينتظرون إشارة البدء للولوج في أول دقيقة قيامة.!
الحسم بين الحوار والبندقية .!
لم يعد هناك من جدل على إعادة صنعاء إلى حاضنة الجمهورية اليمنية من زنزانة الكهنوت الميليشاوي للحوثي صالح، فقط يتم دراسة التفاصيل الأخيرة لمعركة التحرير، فبعد فشل أربع جولات من الحوار سيء الصيت مع الانقلابيين, كان فرضاً على قيادة الشرعية العودة إجباراً نحو البندقية للخوض في استحقاق تاريخي يعيد لليمني كرامته وللجمهورية رمزيتها، فمعسكر الشرعية يقترب من اختراق جغرافيا العاصمة، بجيش تم تشكيله في المحافظات غير الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، جيش يمتلك إرادة عيبان ونقم والإيمان بحق استعادة ما تم نهبه من جغرافيا الوطن، رجال وسلاح على أسوار صنعاء بدعم كلي وشامل من قوات التحالف العربي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، طيران يساند في كل لحظة، ومقاومة شعبية تشكلت من أوجاع المشردين من ديارهم، يقف الانقلابيون في جبهة نهم وغيرها من الجبهات موقف العاجز, الذي يتلقى الضربات اليومية لا يمكنه سوى الدفاع، أما عن عملياته الهجومية فليست سوى انتحار علني لا يقدم عليه إلا ذوو التاريخ الأسود الملطخ بالدماء، والقناعات المفخخة.
ينتظر اليمنيون على أسوار عاصمتهم المختطفة بلاغاً بالحسم السياسي أو إشعار الإذن بإطلاق معركة الجمهورية اليمنية وانتصار الجميع ضد الجزء، الدولة على الميليشيا، الشرعية على الانقلاب، المقاومة ضد العدوان الثنائي للحوثي صالح.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها