هل تنجح تحركات المبعوث الأممي في استئناف المسار السياسي باليمن؟
ساعات قصيرة فقط، كانت مدة زيارة المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ للعاصمة المؤقتة عدن، أمس الاثنين، إلتقى فيها الرئيس عبدربه منصور هادي، وبحث معه سبل تفعيل جولة مشاورات رابعة في الأسابيع المقبلة، بعد قرابة عامين من الحرب، في هذا البلد المصنف من بين أفقر دول العالم.
"ولد الشيخ" قال لاحقاً في تصريحات صحفية، إن اتفاق السلام يتضمن خطة أمنية، وتشكيل حكومة موحدة، وهو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في اليمن، مشيرا إلى أنه يتطرق أيضا" للقضايا الأمنية والسياسية".
وجاءت زيارة ولد الشيخ إلى عدن،- والتي استبقها بزيارتين إلى الرياض ومسقط-، في إطار مساعيه للتوصل إلى حل سياسي، قبل تقديم إفادته إلى المجلس الأمن المقرر انعقادها في 25 يناير/كانون الثاني الجاري.
تحركات" ولد الشيخ" تزامنت مع اندلاع معارك شرسة، في السواحل الغربية لتعز، وصعدة معقل الحوثيين، ونهم شرق صنعاء، وفي الجوف، وشبوة، تقدمت فيها القوات الشرعية المسنودة من التحالف العربي بشكل لافت.
وكانت الحكومة اليمنية، قدمت ملاحظاتها حول الخارطة الأممية إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، لكنها لم تتسلم من ولد الشيخ أي ورقة مرتبطة بتلك الجهود.
تقويض لجهود السلام
وتؤكد الحكومة- على لسان مسئوليها- استعدادها للجلوس إلى طاولة المشاورات من أجل السلام في اليمن، إذا ما استند الحل السياسي على المرجعيات المتعارف عليها، وإذا ما توفرت ضمانات بالتزام الحوثيين بها.
ورفضت الشرعية في وقت سابق، الخارطة الأممية التي قدمها ولد الشيخ، وتستند على مبادرة وزير الخارجية الأمريكي" كيري"، كونها لم تلتزم بالمرجعيات المتفق عليها.
وبرغم موافقة ممثلي الشرعية في بعض جولات المشاورات السابقة، على رؤى الحل للأزمة اليمنية، والتي ارتكزت على المرجعيات، لكن الانقلابيون رفضوا الموافقة عليها، ورموا بكل التزاماتهم عرض الحائط.
وعمل الانقلابيون طوال فترة الحرب في اليمن، التي بدأت عقب اجتياحهم لصنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، على تقويض كل جهود المجتمع الدولي الرامية نحو السلام في اليمن، بعدم التزامهم بأي هدنة أعلن عنها، فضلا عن قيامهم مؤخرا بتشكيل ما يسمى بـ"حكومة إنقاذ وطني"، في محاولة لخلق كيانات عدة موازية للدولة، لكنها لم تحظَ باعتراف أي دولة.
ووصف مؤخرا رئيس ما يسمى بـ" المجلس السياسي الأعلى" صالح الصماد، في حديث متلفز بثته قناة الميادين، تعامل" ولد الشيخ" بأنه "لا أخلاقي وسخيف"، متهما إياه بالتحرك لتخفيف الضغط عن المملكة العربية السعودية.
عبثية المحاولات
يقول المحلل السياسي محمد المهدي، أن إن تحركات "ولد الشيخ" تأتي في إطار الضغط على الشرعية، بعد التقدم الكبير الذي أحرزته في مختلف جبهات القتال.
ويبيّن في حديثه لـ(الموقع بوست) أن استمرار القوات الشرعية بالتقدم في مختلف المحافظات، وتحديدا باتجاه صنعاء، يصب في مصلحة الشرعية، سياسيا، وإعلاميا، وعسكريا، ودبلوماسيا، فـ" المجتمع الدولي يعترف بالأقوى على الأرض، واستمرار التقدم ورقة قوية في المفاوضات، "، على حد قوله.
ويؤكد أن جولات المشاورات السابقة جميعها لم تجدي، نتيجة لعرقلة" جماعة الحوثي الأيديولوجية الإرهابية الطائفية لها"، وأصبح عمل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، تكرار لما سبق، وتحوّل عمله إلى إجرائي؛ لتقديم تقارير أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وعن جدوى الحديث عن مشاورات في هذا التوقيت، يعتقد" المهدي" أنها غير فاعلة، والمفاوضات التي يمكن أن تنجح، ستكون عقب استعادة الدولة.
ويضيف المحلل السياسي، أن الحل العسكري هو الأمثل، ويتناسب مع جماعة كالحوثيين، لافتا إلى أن أي مفاوضات قبل السيطرة على صنعاء، ما هي إلا شرعنة للانقلابيين.
الاستمرار في السقوط
وتمكنت الشرعية في اليمن مسنودة من التحالف العربي، من استعادة أكثر من 80% من أراضي الدولة، وهو ما قلص من المساحة التي كانت خاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وأدت الحرب المستمرة منذ قرابة عامين، إلى خسارة الحوثيين- لعشرات من قادتهم العقائديين تحديدا-، وتصدع وجودهم في المحافظات التي ما تزال خاضعة لسيطرتهم وتقترب من التحرير، مع استمرار الجيش بالتقدُّم.
كما أسهم طيران التحالف العربي، في تدمير كم كبير من الأسلحة التي في حوزتهم، وحصلوا على كثير منها مع استمرار دولة إيران بتهريب السلاح لهم.
ومع استمرار انهيارهم، يبدو أن طهران باتت تدرك أنها لن تكون قادرة على دعم حلفائها، مع سيطرة الشرعية والتحالف على المنافذ البحرية، والاستمرار في استعادة المحافظات، وهو ما تؤكده تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي قال اليوم الثلاثاء، إن إيران لا تسعى لاستبعاد السعودية من سياسات المنطقة وستقدم المساعدة للرياض "إذا اتخذت القرار الصحيح" وأنهت تدخلها العسكري في اليمن وامتنعت عما وصفه بالتدخل في الشؤون البحرينية.
واضاف أن" ما لا يقل عن عشر دول عرضت التوسط لوقف الخلاف المتصاعد بين السعودية وإيران"، مشيرا إلى أن طهران ستستعيد علاقاتها مع الرياض إذا غيرت السعودية سياساتها في المنطقة.
وتعثرت المشاورات اليمنية منذ مشاورات الكويت التي انتهت في أغسطس/آب الفائت، بسبب تعنت الانقلابيين ورفضهم للمبادرات والحلول المطروحة.