لولا سيلفا الاسكافي الزعيم
ديلما روسيف أول امرأة ترأس البرازيل، لم يخضع الرئيس لويس لولا دا سيلفا لرغبة المزايدين والمنافقين وحتى الصادقين، فعلى الرغم من كونه الأكثر شعبية في تاريخ البرازيل الحديث إلا أنه لم يصغ لكل تلك الأصوات المطالبة بتعديل الدستور ليتسنى له الترشح لانتخابات رئاسية ثالثة .
أختار لولا دا سيلفا لخلافته امرأة مجهولة نسبيا، لم تغره تلك الهالة الإعلامية المتحدثة عن انجازاته المحققة لبلده وشعبه وفي ظرفية لا تتعدى عقد من الزمن، فالبرازيل في عهده حققت انجازات مذهلة وصلت إلى حد اعتبارها وروسيا الأكبر نموا على مستوى اقتصاديات دول العالم، ومع كل ما حققه الرجل لبلده لم ينس معاناة أمته من الحكم الديكتاتوري العسكري الذي جثم على صدرها من 64-1985م .
لم ينس لولا كيفية وصوله - وهو الاسكافي السابق - إلى كرسي الرئاسة؟ لم يقل ما لها إلا أنا؟ فمثل هذا المنطق السخيف والسمج لا مكان له في قاموس الحكام النجباء الزاهدين الباحثين لهم عن مكانة في التاريخ وفي أفئدة وحياة شعوبهم، إنه منطق الحكام العرب الذين لا يغادرون السلطة سوى إلى القبر أو المنفى .
قدم مرشحة حزب العمال المنتمي له الرئيس وأسمها ديلما روسيف 63عاما، سياسية مخضرمة ومناضلة جسورة في حركة اليسار الماركسية قبل انضمامها إلى قيادة جبهة التحرير الوطني، اعتقلت أبان الحكم العسكري لمدة عامين تعرضت خلالها للتعذيب، بعد إطلاق سراحها التحقت بالجامعة لتنال شهادة في الاقتصاد عام 77م وهي ابنة شاعر ورجل أعمال وأمها معلمة ومكان ميلادها بلغاريا .
قبل ثلاثة أيام من تنصيبها رئيسة للبلاد 31ديسمبر2010م قال الرئيس سيلفا عن مرشحه الفائز في جولة الإعادة يوم 31اكتوبر ب56 بالمائة من أصوات الناخبين مقابل 44 بالمائة لمرشح المعارضة الاشتراكي الديمقراطي جوزيه سيرا: إن المرأة المجهولة التي اخترتها لخلافتي هي آهلة لمهمة الرئاسة بل ستكون مفاجئة للمراقبين والمهتمين بالشأن السياسي البرازيلي إذ لديها قدرات فائقة في القيادة والإلقاء والدفع بعجلة النهضة الاقتصادية التي بدأتها البرازيل في عهده .
هكذا إذن هي السلطة في بلد ديمقراطي، فمثلما وصل اسكافي الأحذية إلى رأس الدولة كان عليه أن يفسح المجال لناشطة سياسية مغمورة بل وتبنيها كمرشحة لخلافته .
شكرا لك لولا دا سيلفا، فيكفي أنك غادرت الرئاسة وبلدك الفقير في ذرى معدلات النمو الاقتصادي العولمي، منحت المرأة فرصة مواصلة الانجاز دون غيرها من الشخصيات السياسية المعروفة وطنيا ودوليا، لم تخرج شعبك للتظاهر في الساحات العامة من أجلك، لم تكن السلطة لك مغنما وفيدا ينبغي تملكه وتوريثه بل وسيلة لتحقيق غاية أمة في التطور والازدهار .