ملائكة الزَّحمة يتسوّلون! تقرير
كانت حاضرة العلم وقِبلة العلماء، من بين حاجبيها تشرق شمس العلوم ،ولاغروب ينتظرها ،طالما رائحة الطِّين تحفظ مدارج النور!
جوار كلِّ مئذنة عشرات المآذن الفكرية تلبس بياض القطن ،ليصل نداؤها إلى ماوراء الغيب! تمرّ عقارب الساعة على وديانها فتحفظ ماتيسّر من (تمشية الجمل ) لتكتب على صدر الزمان (عنوان الشّرف الوافي).
هذه مديرية في أطراف المدينة التي وُلِدت بعدها،إنها زبيدُ التي لم يتبقّ منها سوى قلعةٍ تلعنُ الغادين والماضين في صمتٍ خَنوع! وكأنها تذكِّر المسئولين عن التعليم في الحديدة-على وجه الخصوص- والذين أصبحت البواسيرُ ختم بقائهم دون حركة تليق بمدينة العلم والعلماء ؛تذكِّرهم بأن أول مدرسة في اليمن كانت فيها وذلك في أواخر حكم الدولة الأيوبية،وعلى أيام الملك المعز إسماعيل ابن طغتكين بن أيوب ،حيث شرع ببناء أول مدرسة في زبيد عام "594 هـ-1197م وسميت بالمدرسة المعزي ، ولم تكن تدرس فقط علوم الدين والفقة فقط ،وإنما أيضا علوم الطب والفلك والزراعة والكيمياء والجبر.
لن نبقى طويلا في كتب التاريخ حتى لانكفرَ بالواقع أكثر؛ وسنستعدُّ معكم لوضع كمامات على أنوفنا قبل الدخول من بوابة القرن الحادي والعشرين ،حيث نصيب هذه المحافظة من الجانب التعليمي يكاد ينحصر في أعداد الخريجين الذي تزايد بشكل ملحوظ ،وتقلَّص في الكيفية والنوع والطريقة التي يتم التدريس بها .
تأسّست كلية التربية بالحديدة عام 87/1988م ،و كانت تابعة لجامعة صنعاء آنذاك ،وبدأت بستِّ كليات نظرية،أُضيف لها بعد ذلك أقسام أخرى ،إلى أن بلغ النصاب لما يُسمّى جامعة الحديدة ويبدو أن الطالب هو من سيدفع الزكاة!
آخر الكليات المُضافة حديثا، هي كلية طب الأسنان وكان إنشاؤها عام 2005م ،ثمَّ كلية الطب البشري عام 2010م والتي أنشئت على غير هدى أو لنقل أنشئت ضرارا ليتعدوا!
ولنا وقفة هنا مع الأخيرة المتعلِّقة بحياة خليفة الله في أرضه؛ مع كلية الطب التي تمَّ- ولأسباب غير مفهومة - اتخاذ قراربفتحها دون أن يكون هناك مبنى ولامعنى أو حتى معمل للتّمويه! أما عن الكادر التعليمي فهومتخصص في اللاتخصص!
ككل الأمور التي تجري في البلاد يتم مسايرة هذه القرارات ،حيث يُجرى امتحان قبول وتسجيل ونماذج امتحانات سابقة لشيئ لم يكن واسمه كلية طب بشري! ويوما بعد بعد يوم تتسرَّب أحلام الطلاب عبر شقوق الروح المخنوقة بالوهم، وعبثاً يحاولون رؤية معمل أو قاعة -ولو دون سقف- خصوصا أنهم يسمعون لقب يادكتور كلما مرُّوا في أزِقَّة البلاد التي لاتعرف الظِّل!
رئاسة الجامعة – طبعا هناك رئاسة- تتصرف دون مشورة مسئوليّ كلية الطب والعلوم الصحية ممثّلة بالعمادة التي رفعت منذ اليوم الأول مذكرة أوضحت فيها عدم قدرتها على فتح كلية للطب البشري، كما أظهرت عدم جاهزيتها ولكن رئاسة الجامعة أصّرت أن تؤدي رسالة العلم !
سنتان منذ 2010 والتسجيل مستمر والأعداد تتكاثر ومعها تتكاثر الخيبة ؛حتى عادت عمادة الكلية لصياغة مذكرة أخرى تتعلق بعدم قدرتها على استقبال مزيد من الطلاب ، وفي الحقيقة استجابة رئاسة الجامعة فجعلت العدد الأساسي للقبول 30طالبا وتحول 150 آخرون للتعليم الموازي!
الصفة المميزة لمناقشات الجامعة هي الشكوى من عدم وجود قاعات وكادر ،بدلاً عن مناقشة أساليب مواكبة التطور وآليات الرُّقي بالعملية التعليمية وهي محقَّة في ذلك ففاقد الشيئ لايعطيه.
في ال26من سبتمبر 2012م ،شهدت كلية الطب حركة احتجاجات طلابية، رفععت قائمة بمطالب مشروعة تتمثّل في إنشاء قاعات دراسية ،بدلا من التسوِّل في أقسام الكليات الأخرى وطالبوا بمعامل للتطبيق ووضع خطّة دراسية ممنهجة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها