هل يعود المخلوع صالح كحليف للسعودية ضد الحوثيين؟
في ظل الصراعات الكبيرة، والمواجهة بالوكالة، وأقصد بذلك السعودية وإيران في اليمن وبتفصيل أكثر يدرك كل من الساسة الإيرانيون والسعوديون صعوبة الدخول في مواجهة مباشرة على الأراضي اليمنية وذلك تباعا لخلفية تاريخية وهي أنها أرض صعبة ووعرة الجغرافيا، أيضا التقسيم المناطقي والقبلي يجعل الأمور أصعب بكثير. فكانت السياسة السعودية والإيرانية قائمة على التدخل غير المباشر في اليمن وكان حليف الإيرانيين في اليمن وهم حركة أنصار الله (الحوثيون) وهي حركة سياسية دينية مسلحة تحمل عقيدة دينية معينة وتم تجييشها فكريا من قبل الإيرانيون على عقود طويلة.
السعودية كانت تلعب على ركيزتين أساسيتين، أولا: القبائل اليمينة لما تلعب من دور هام وبارز في الاستقرار السياسي والاجتماعي. أيضا السلطة السياسية اليمنية إبان حكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، لمواجهة الخطر الحوثي المشحون بالثورة الإيرانية التي قامت في عام 1979. وفي دهاء سياسي ماكر من قبل الرئيس اليمني كان يلعب على هذه المتناقضات بشكل متقن، ولعل ما قاله في فترة حكمه أن حكم اليمن أشبه بالرقص على رؤوس الثعابين فكان هو الثعبان الأخطر.
كان صالح ذكيا بما فيه الكفاية فكان يستخدم أعداءه المزعومين أنصار الله (الحوثيين)، وتنظيم القاعدة في الجنوب. فكان يختلق حالة من التخويف والترهيب للجار الشمالي لليمن وهي المملكة العربية السعودية من خطر الحركة الحوثية التي حاربها ستة حروب، كانت الحرب الواحدة كافية لاقتلاع جذور تلك الحركة من أرضها ولكنه لا يود ذلك فكان يستخدمها كورقة ضغط أو مصالح سمها ما شئت.
وكان تواجد القاعدة في الجزء الجنوبي من اليمن هو أشبه بالتسليم، لأنه يود شغل الجنوبيين عن قضيتهم الأم التي لطالما نادوا من أجلها وحاربوا أيضا من أجلها ألا وهي حلم الانفصال وتأسيس كيان سياسي مستقل. فكان يدر الأموال من السعودية لمحاربة حركة أنصار الله (الحوثيين) ومن الأمريكان مقابل محاربة تنظيم القاعدة في جنوب البلاد. سقطت صورة الرجل السياسي الأول في اليمن ألا وهو علي عبدالله صالح في ثورة الشباب اليمنية المواكبة لموجة ما يدعى بـ(الربيع العربي) الراغبة في التغيير والإصلاح وتحقيق مزيد من الإصلاح وحق المشاركة السياسية. وتم توقيع المبادرة الخليجية في الرياض من أجل تسليم السلطة لنائب الرئيس اليمني وهو الرئيس الحالي: عبدربه منصور هادي، وفي ضغط كبير من الدول الخليجية على الرافضين لنظام صالح كان أهم بند تمت إضافته هو: عدم المساءلة أو الملاحقة القانونية (الحصانة القضائية) وذلك لنزع فتيل المواجهة بينه وبين معارضيه ولشعبيته الكبيرة.
ومنذ إبعاد صالح سقطت كل تلك التناقضات التي كان يلعب عليها وأصبحت ساحة حرب مفتوحة للأقوى، في ضعف صريح واضح للسلطة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي، وتواطؤ من قبل رموز الجيش وشيوخ القبائل وحيادية الحرس الجمهوري وهو أقوى هيئة عسكرية في اليمن من حيث العتاد والتدريب والكفاءة القتالية نظرا لتغلغل عائلة الرئيس اليمني السابق فيه، وإن كان تم حله في قرار رئاسي وإدخاله ضمن الجيش لكنه كان باقيا على أرض الواقع.
فتمددت حركة أنصار الله (الحوثيين) الذين يقطنون صعدة باتجاه الجنوب مرورا بعمران ثم الوصول إلى صنعاء. وبذلك استولت الحركة على العاصمة مما يجعلها سلطة أمر واقع. ولكن السعودية رفضت كل ذلك فنشأ التحالف العربي بقيادة المملكة وبدأت الضربات الجوية وتم تحرير عدد من المحافظات. ولكن بعد ما يقارب العامين لم يصل التحالف إلى هدفه وهو إرجاع الشرعية اليمنية إلى صنعاء. في خضم كل ذلك لم يغب نجم الرئيس اليمني السابق وعاد إلى الواجهة في قوله أننا نختلف مع الحوثيين سياسيا ولكن الآن نحن في خندق واحد.
ثورة 26 سبتمبر 1962 : هي ثورة قام بها الجمهوريون ضد الملكية وكان علي عبدالله صالح من ضمن الحركة الثورية، ودعمت مصر الثورة مايقارب الـ70 ألف مجند مصري، ودعمت السعودية الملكيين ولكن سقطت الملكية بعد ثمان سنوات من الحرب بانتصار الجمهوريين. احتلال العراق للكويت 1990: كان الموقف اليمني برئاسة علي عبدالله صالح صادما للسعودية آنذاك وذلك بدعم نظام صدام حسين. الحرب الأهلية اليمنية 1994: قامت الحرب بين اليمنين الشمالي والجنوبي وقد دعمت السعودية آنذاك الحراك الجنوبي ضد نظام علي عبدالله صالح في الشمال. كل تلك الأمثلة التي ذكرتها سابقا هي للخلافات القوية التي حدثت بين السعودية كدولة وشخص الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، ولكن تم تجاوز كل ذلك لاحقا، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يعود صالح كحليف سياسي مع دول التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين؟
* ساسة بوست
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها