السعودية: 2016 عام حافل بالقرارات والخطوات الجريئة
كان عام 2016 حافلاً بالقرارات والأحداث التي شهدتها المملكة العربية السعودية على مختلف الصعد٬ سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.
حيث شهد العام 2016م الذي شارف الانتهاء جملة من الأمور التي انعكست وسوف تنعكس على المملكة خلال الأيام المقبلة٬ لا سيما مع استمرار الأزمات التي تضرب المنطقة والعالم؛ بل وتصاعدها على نحو استلزم اتخاذ خطوات حازمة في كثير من القضايا.
وما بين استمرار عمليات التحالف العربي الذي تقوده الرياض في اليمن ومحاولة العاهل السعودي لجم الأطماع الإيرانية بالمنطقة وتحجيم نفوذها إلى إقرار خطة التحول الوطني وما استتبعها من قرارت في ظل اضطراب سوق النفط٬ حاولت المملكة ضبط إيقاع حاضرها السياسي والاقتصادي وتأمين مستقبلها ومستقبل مواطنيها.
سياسياً:
بدأت المملكة عامها باتخاذ خطوات تصعيدية ضد إيران ومعاونيها؛ إثر تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد٬ لاعتداءات على إيرانيين بدعوى الرد على إعدام السعودية مواطنها نمر باقر النمر بعد إدانته بتهمة الإرهاب والقتل في 2 يناير/كانون الثاني٬ تلى ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية٬ ثم قطع العلاقات التجارية بعد يوم واحد.
وفي 29 من الشهر نفسه٬ جاء الرد على إعدام النمر بتفجير انتحاري استهدف مسجد الإمام الرضا بحي محاسن في مدينة المبرز عاصمة محافظة الأحساء٬ وأودى بحياة 4 أشخاص بينهم رجلا أمن وإصابة 18 آخرين.
وفي 9 مارس/آذار٬ أعلنت الرياض تصنيف "حزب الله" اللبناني منظمة إرهابية.
في 21 من الشهر نفسه٬ زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما المملكة لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب وبحث ملفَي النزاع في سوريا واليمن٬ ومحاولة ترطيب الأجواء بين الرياض وواشنطن؛ بعد التوتر الذي خيم عليها بسبب الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب والذي اعتبرته المملكة انحيازاً من حليفتها واشنطن إلى خصمها الإقليمي إيران.
وبعد يوم واحد من زيارة أوباما٬ أعلنت المملكة نيتها التدخل في العراق لقتال تنظيم الدولة٬ إذا طلبت الحكومة العراقية ذلك.
الخطوة الأكبر التي اتخذتها المملكة خلال هذا العام ربما٬ كانت توقيعها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بينها وبين مصر٬ في 9 أبريل/نيسان٬ والتي استعادت بموجبها السيادة على جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر٬ وهي الخطوة التي ما زال تنفيذها يصطدم بعوائق قضائية ودستورية في القاهرة.
في 7 مايو/أيار٬ أصدر الملك سلمان عدداً من الأوامر الملكية شملت إعادة تشكيل مجلس الوزراء٬ وتغيير وزير النفط علي النعيمي٬ وإلغاء وزارة المياه والكهرباء٬ وتعديل بعض أسماء الوزارات.
وفي 14 مايو/أيار٬ وصلت وحدات الأمن البحرية الخاصة٬ ووحدات المظليين وقوات الأمن الخاصة إلى مدينتي أنقرة وإزمير التركيتين للمشاركة في تمرين "إيفيس 2016"٬ في خطوة لدعم التقارب السياسي والعسكري بين البلدين٬ وذلك بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان٬ للرياض في أبريل/نيسان.
في 18 من الشهر نفسه٬ أجرت المملكة مناورات للقوات اليمنية التي قامت بتدريبها٬ في منطقة "ميدي" اليمنية المطلة على البحر الأحمر٬ في إطار دعمها للقوات الموالية للحكومة الشرعية في مواجهة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وفي 22 مايو/أيار٬ وصلت القوات الجوية الملكية السعودية إلى تركيا للمشاركة في إحدى كبرى المناورات العسكرية في العالم والمعروفة باسم "نسر الأناضول 4."
في 7 يونيو/حزيران٬ رفعت الأمم المتحدة اسم التحالف العربي بقيادة السعودية من القائمة
السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال خلال النزاعات٬ بعد اعتراضات
وجهتها المملكة لضم اسم التحالف إلى هذه القائمة.
في 4 يوليو/تموز٬ وقعت سلسلة هجمات انتحارية في مناطق متفرقة من المملكة استهدفت مبنى
القنصلية الأمريكية في جدة ومسجداً للشيعة في القطيف٬ وذلك بالتزامن مع الهجوم على نقطة
أمنية بالقرب من الحرم المدني في المدينة المنورة.
وفي 9 أغسطس/آب٬ طالبت المملكة مجلس الأمن بحماية المدنيين والأطفال بحلب السورية٬
ودعت المجتمع الدولي لوقف "العبث" الذي يمارسه بشار الأسد وحلفاؤه٬ ووقف شلال الدماء٬
مؤكدة أنها ستبذل قصارى جهدها لرفع المعاناة الإنسانية عن أهالي حلب.
ومثَّل قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)٬ الذي أقره الكونغرس الأمريكي في سبتمبر/أيلول٬
متجاوزاً فيتو الرئيس أوباما٬ واحداً من أبرز التحديات السياسية التي واجهت المملكة خلال العام
الحالي؛ حيث اعتبره كثيرون محاولة لحجز مليارات الدولارات السعودية لدى واشنطن.
غير أن المملكة أعلنت رفضها للقانون واتخذت خطوات محسوبة أرسلت من خلالها إشارات
للإدارة الأمريكية بأن الرياض قد تسحب استثماراتها من الولايات المتحدة وتعيد النظر فيما تقدمه
من مساعدات على صعيد مكافحة الإرهاب٬ ولعل هذا ما دفع الجمهوريين للتحرك نحو تحجيم
القانون بعدما استقر لهم الحكم بفوز دونالد ترامب برئاسة البلاد.
في 10 أكتوبر/تشرين الأول٬ أعلنت المملكة عن خلافها مع القاهرة للمرة الأولى٬ عندما ندد
المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة بتصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي
الخاص بالأوضاع في سوريا٬ وهو تنديد أعقبه تصاعد الخلاف بين البلدين والذي لم تنجح كل
محاولات رأبه حتى الآن.
في اليوم ذاته٬ جددت المملكة تأكيدها الحق المشروع لدول منطقة الشرق الأوسط في الاستخدام
السلمي للطاقة النووية٬ وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإجراءاتها٬ وتحت إشرافها٬
حسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
وفي 25 من الشهر نفسه٬ شاركت قوات الأمن السعودية في التمرين الخليجي المشترك "أمن
الخليج العربي1"٬ الذي استضافته المنامة خلال الفترة من 25 أكتوبر/تشرين الأول حتى 17
نوفمبر/تشرين الثاني.
ومع اقتراب العام من الانتهاء٬ أجرى العاهل السعودي جولة خليجية٬ هي الأولى له منذ وصوله
لسدة الحكم في يناير/كانون الثاني ٬2015 شملت الإمارات والكويت وقطر٬ وذلك بالتزامن مع
مشاركته في القمة الخليجية السابعة والثلاثين لقادة مجلس التعاون التي أقيمت بالبحرين. وهي
الزيارة التي أكدت وقوف قادة المجلس صفاً واحداً خلف قيادة المملكة التي تسعى لتشكيل تكتل
خليجي يواجه أخطار الواقع وتحديات المستقبل.
ّوجت
وخلال هذه الجولة ُمنح العاهل السعودي أرفع الأوسمة من الدول التي زارها٬ كما أنها تُ
ببيانات ومواقف أكدت وقوف دول المجلس خلف الرياض في خلافها مع طهران.
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول الحالي٬ أصدر العاهل السعودي أمراً ملكياً بإعادة تشكيل مجلس
الشورى٬ في دورته الجديدة التي تمتد 4 سنوات هجرية٬ عبر تعيينات جديدة ضمنها 30 امرأة٬
كما أعفى الأمين العام للمجلس٬ محمد بن عبد الله بن محمد آل عمرو٬ من منصبه.
اقتصادياً:
على الصعيد الاقتصادي٬ حفل العام بقرارات٬ كان أبرزها إطلاق رؤية المملكة 2030 في 25
أبريل/نيسان٬ والتي تعتمد على تنويع مصادر الدخل لتفادي تداعي سوق النفط. وهو الإعلان الذي
سبقه إعلان في الثاني من الشهر نفسه٬ بتأسيس أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم بقيمة
تريليوني دولار أمريكي.
وفي 17 أبريل/نيسان٬ أعلنت الخطوط السعودية تأسيس شركة طيران جديدة تحمل اسم (طيران
أديل)؛ لتقديم خدمات النقل الجوي الاقتصادي.
في أكتوبر/تشرين الأول٬ أصدرت المملكة قرارات بزيادة في أسعار الرسوم الخاصة بتأشيرات
الدخول إلى الأراضي السعودية والخروج منها٬ وشملت القرارات زيادة بعض الرسوم المتعلقة
بإجراءات الوافدين وأداء العمرة.
في الشهر نفسه٬ امتنعت شركة أرامكو عن تسليم شحنات وقود تصل إلى 700 طن إلى الجانب
المصري دون إبلاغه ذلك٬ وهو الامتناع الذي ظل سارياً حتى الآن.
كما أعلنت المملكة في الشهر نفسه٬ ولأول مرة في تاريخها٬ أنها ستبدأ مباحثات مع مستثمرين
محتملين لإطلاق طرح للسندات الدولية بالدولار٬ في أول اقتراض للمملكة من السوق الدولية.
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول٬ دشن العاهل السعودي مشاريع بترولية تابعة لشركة "أرامكو"
السعودية٬ تبلغ قيمتها أكثر من 160 مليار ریال (6.42 مليار دولار)٬ بالإضافة إلى تدشينه مركز
الملك عبد العزيز الحضاري "إثراء"٬ الذي بلغت تكلفته نحو 4 مليارات ریال.
وفي الثالث عشر من الشهر ذاته٬ كشفت المملكة عن الإصدار السادس للعملة السعودية٬ والذي
تسلَّم العاهل السعودي٬ الملك سلمان بن عبد العزيز٬ الاثنين٬ الرقم الأول من فئاته٬ ونسخة من
جميع فئات العملة المعدنية.