جبهة صعدة وتأثيرها العسكري والسياسي على الانقلابيين (تحليل )
مع تمكن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من السيطرة على بعض المواقع المهمة في محافظة صعدة، من بينها منفذ علب الحدودي، يمكن القول إن فتح جبهة جديدة في صعدة، أواخر شهر نوفمبر الماضي، يشكل تحولاً عسكرياً وسياسياً مهماً في الحرب على الانقلابيين، خاصة وأن محافظة صعدة تعتبر المعقل الرئيسي للحوثيين الشيعة، وعاصمتهم الروحية، إن جاز التعبير.
وكان الحوثيون قد فرضوا سيطرتهم على محافظة صعدة في بداية الثورة الشعبية السلمية عام 2011، حيث سلمها لهم المخلوع علي صالح، وجعل قوات الجيش المرابطة هناك تحت تصرفهم، تزامناً مع تسليمه محافظة أبين لتنظيم القاعدة، بغرض خلط الأوراق، وتخويف دول الجوار والمجتمع الدولي من مآلات الثورة الشعبية السلمية ضد نظامه العائلي الفاسد.
التأثير العسكري
رغم أن ميليشيات الحوثيين متواجدة بكثافة في محافظة صعدة، بالإضافة إلى كتائب عسكرية وميليشيات قبلية تابعة للمخلوع علي صالح، بهدف مناوشة السعودية في الحدود، وحماية زعيم الميليشيات الحوثية، عبدالملك الحوثي، إلا أن فتح الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لجبهة جديدة في صعدة أثار مخاوف الانقلابيين، نظراً لأهمية المحافظة، كونها المعقل الرئيسي لميليشيات الحوثيين، ومقر إقامة زعيمها عبدالملك الحوثي، إن لم يكن قد تم تهريبه مبكراً إلى إيران أو غيرها.
ووفقاً لمصادر عسكرية وإعلامية، فإن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وبمساندة جوية من دول التحالف العربي، حققت تقدماً على الأرض خلال فترة قصيرة، لم تتجاوز النصف الشهر، وتمكنت من السيطرة على منفذ علب الحدودي، بعد طرد الميليشيات الانقلابية منه، وتكبيدها خسائر مادية وبشرية.
إن فتح جبهة جديدة في محافظة صعدة سيؤثر عسكرياً على الانقلابيين من ناحيتين: الأولى، أنه سيربك خطط الإمداد وحشد المقاتلين لتعزيز الجبهات الداخلية، وبالتالي فجبهة صعدة ستخفف من ضغط الانقلابيين في الجبهات الأخرى، حيث سيتم حشد عدد كبير من المقاتلين لتعزيز ميليشياتهم هناك.
والثانية، أنه سيؤثر على مناوشات الانقلابيين في الحدود السعودية، واستثمار تلك المناوشات إعلامياً، إرضاء لحلفائهم الشيعة في الإقليم، ومحاولة التأثير على طبيعة المعركة، والتغطية على جرائمهم في الداخل وعجزهم عن إدارة المناطق التي يسيطرون عليها، وتعويض ذلك بالحديث عن انتصارات وهمية في الحدود، والحديث عن السيطرة على مواقع سعودية بشكل يومي.
التأثير السياسي
التأثير السياسي لمعركة تحرير محافظة صعدة لا يقل أهمية عن التأثير العسكري، ويتمثل ذلك في المشاركة الفاعلة للمقاومة الجنوبية في معركة تحرير صعدة، وما يمثله ذلك من تعزيز للوحدة الوطنية، وقطع الطريق على الانقلابيين الذين فرضوا واقعاً جديداً يكرس الانفصال، من خلال اتخاذ خطوات سياسية تتمثل في تشكيل حكومة وما أسموه "مجلس سياسي أعلى"، والاستماتة في القتال في المناطق التي كانت حدودية قبل الوحدة.
يسعى الانقلابيون لتعزيز سيطرتهم على المحافظات الشمالية مهما كان الثمن، وأصبح ذلك يمثل خياراً إستراتيجياً بالنسبة لهم، خاصة بعد عجزهم عن التقدم في المحافظات الجنوبية بعد أن تمت هزيمتهم وطردهم منها، ولهذا، فهم يريدون السيطرة على الشطر الشمالي على الأقل حتى وإن كان ذلك على حساب الوحدة الوطنية، فذلك بنظرهم أفضل من خسارة البلاد بأكملها.
إذن، يمكن القول إن مشاركة المقاومة الجنوبية في معركة تحرير محافظة صعدة، ودورها قبل ذلك في معركة تحرير منفذ البقع الحدودي، من شأن ذلك تعزيز الوحدة الوطنية، وقطع الطريق على الانقلابيين الذين يتخذون خطوات سياسية وعسكرية تهدد الوحدة الوطنية، وتثير النزاعات القبلية والمذهبية.