فرسان خليفة "الشادي الطروب"
فارس ترجل عن صهوة جواد الفن الجميل، لتظل الأغاني التي شدا بها محفورة في وجدان وذاكرة اليمنيين شمالاً وجنوباً، لأنه غنى لثوراتهم وأحلامهم وتطلعاتهم للعيش الكريم، كيف لا وهو مؤسس المدرسة الموسيقية العدنية المستقلة، بل أحد أهم فناني العصر في اليمن؟ إنه الفنان الكبير فرسان خليفة.
ولد فرسان خليفة في حافة العيدروس بمدينة كريتر في محافظة عدن عام 1941م، ونشأ في المدينة نفسها وترعرع في حواريها، وتلقى تعليمه الإبتدائي والمتوسط في مدرسة لطفي جعفر أمان التي كانت تسمى سابقاً بمدرسة المسيلة، ثم التحق بمدرسة البادري الثانوية في مدينة كريتر.
بدأ الغناء وهو في سن صغيرة، حيث كان يشارك في إحياء الأنشطة الفنية المدرسية، وكانت مدرسة البادري هي نقطة البداية الفنية له، لاحتوائها على مسرح كبير يقدم فيه الطلبة أنشطتهم، وتقام على خشبته مختلف الحفلات الفنية. تأثر في بداياته الفنية بكبار فناني العصر الذهبي في عدن آنذاك، أمثال سالم بامدهف وخليل محمد خليل وأحمد قاسم والمرشدي ومحمد سعد عبدالله والزبيدي وغيرهم، وكان من عشاق ومحبي الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم.
أنهى دراسته الثانوية في مدينة عدن في بداية الستينيات من القرن الماضي، وحصل على منحة دراسية في مجال الموسيقى. ثم عاد إلى اليمن في منتصف الستينات، بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون في القاهرة، وشارك في الدفاع عن الثورة السبتمبرية من خلال الأناشيد الوطنية والثورية.
وكانت أغنية "حيّا ومر مثل القمر" أول عمل يلحنه الفنان فرسان خليفة من كلمات محمد جراده، وقد غناه في حفل فني مشترك مع الفنان محمد يوسف الزبيدي عام 1957م. وولد ذلك الحفل شهرة كبيرة لخليفة، حيث كتبت عنه الصحف وتحدث عنه النقاد ولقبوه بـ "فريد الأطرش اليمني"، وأخذت الأغنية بالإنتشار من خلال بثها من إذاعة عدن. توالت بعد ذلك أعماله الفنية الجميلة، وغنى لكبار شعراء الأغنية اليمنية من أمثال محمد جراده، أحمد الرفاعي، محمد شفيق، أحمد الجابري، قيس نعمان، سعيد الشيباني وغيرهم الكثير. كان فرسان خليفة من أوائل من غنوا لثورة سبتمبر
الفن لأجل الوطن
كان فرسان خليفة من أوائل من غنوا لثورة سبتمبر، وأحيا أول حفل بعد الثورة في العام 1963م، وتنقل حينها لإحياء الإحتفالات في كل من محافظات مأرب وذمار وصنعاء والحديدة ومناطق مختلفة. وكانت أغانيه تنال استحسان اليمنيين من مختلف المناطق، كونه من الفنانين القلائل الذي كانوا يجيدون الغناء بمختلف اللهجات اليمنية. كما تغنى خليفة بالوحدة منذ ستينيات القرن الماضي، وغنى للمرأة والفلاح والراعي والمغترب.
"ريح الشروق"
يُعدّ الفنان فرسان خليفة أول فنان عدني قدم الأوبريتات الغنائية، من خلال أوبريت "ريح الشروق" في ثنائي جميل مع أمل كعدل، تناول فيه معظم المناطق والمدن اليمنية في بوتقة فنية متميزة. ومن أشهر الأغاني التي قدمها الراحل "طير الحمام"، "الدود حيه"، "جبل صبر"، "ضوء الصباح"، "ظبي الفلا"، "قُمري من وادي بنا"، "أيش"، "يالله رضاك"، "ألا ياطير خبرنا"، "خايف أحب"، "صدقيني لما أقولك"، "حكاية حب"، "أتذكرك"، "أنا مشتاق"، "غريب"، "الليل في عيونك"... وأغان أخرى عديدة.
فنانون عرب
وغنى أعمالاً من ألحان فرسان خليفة عدد من المطربين والمطربات العرب، من أمثال فائزة أحمد التي غنت له "يا أخي الصغير أنت العديل على أبي"، والفنانة شريفة ماهر التي غنت له "نجم الصباح بكر غبش"، والفنانة رويدا عدنان، والفنان فكري جلال، والفنان محمد غازي. وكان هناك تعاون فني بينه وبين الفنان محرم فؤاد في أغنية "كيف تنسينا الليالي"، والفنانة نجاة الصغيرة في أغنية "ياما كنا حبايب".
حظي الفنان فرسان خليفة بعدة جوائز تكريمية وتشجيعية داخل اليمن وخارجه، كجائزة "أحسن صوت" من إذاعة "صوت العرب" في القاهرة؛ وداخل اليمن مُنح الراحل وسام الإستقلال ونوط الوحدة وكُرم في فعاليات "صنعاء عاصمة الثقافة العربية".
في عام 1972م، غادر خليفة إلى الإمارات، حيث عمل موظفاً في هيئة الهجرة والجوازات الإماراتية حتى أحيل للتقاعد. تزوج من سيدة عراقية أنجبت له أربعة أبناء هم: برديس، دارين، عامر، أحمد.
وبعد صراع طويل مع المرض، توفي "الشادي الطروب" يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2016 في مدينة الشارقة، تاركاً معه إرثاً فنياً أسهم في صياغة الوعي الوطني في اليمن.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها