لماذا لايتظاهر الموظفون في صنعاء ؟
وجد نفسه وحيدا إلى جانب أطقم تحمل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي، فيما لا أحد من الموظفين حضر إلى المكان بحسب ماكان متفق القيام به استجابة لحملة #أنا_نازل للمطالبة بالمرتبات التي أطلقها ناشطون على الإنترنت.
يقول عمر العمقي - صحفي وناشط في صنعاء - "لم يحضر أحد أمام البوابة الرئيسية لحديقة الثورة في صنعاء بحسب ماكان متفق عليه، باستثناء ثلاثة أطقم لمسلحي الحوثي .. انتظرت من التاسعة وحتى العاشرة والربع لكن دون جدوى".
وهذه هي المرة الثانية التي تفشل فيها دعوات أطلقها ناشطون في صنعاء بالنزول إلى الشوارع للتظاهر للمطالبة بمرتبات موظفي الدولة.
المطالبة بالراتب انتحار
فيصل حبيش - موظف في وزارة التربية والتعليم يقول لـ" المشاهد" هل تعرف ما معنى أنك تتظاهر من أجل المطالبة بمرتبك في عهد الحوثي؟ .. يعني "المقبرة أرحم لك"، إن لم تواجه تهمة الخيانة والعمالة والإرتزاق والدعشنة.
ويتابع: "كنا نتظاهر أثناء ماكانت هناك دولة تعتبر الراتب حق من حقوق الموظف أما هؤلاء فهم يعتبرون الراتب عبئ عليهم .. هم ماهيهمش راتب الموظف ولا حقوقه .. يهمهم كيف تتبرع للمجهود الحربي وكيف تتبرع للبنك".
فيصل وكثير من الموظفين في صنعاء يحملون ذات التوجس والخوف من حالة القمع التي قد يتعرضون لها في حال قرروا التظاهر للمطالبة بحقوقهم، ويضربون مثلا على ذلك بما تعرض له موظفون سابقون في مؤسسات حكومية كالكهرباء من عمليات اختطاف وملاحقة واسعة عندما تظاهروا للمطالبة برواتبهم الموقوفة منذ خمسة أشهر.
الصحفي عمر العمقي يقول لـ"المشاهد" ان سبب فشل دعوات التظاهر في صنعاء هي حالة الانقسام الناتج عن تحديد الطرف المتسبب في وقف صرف الراتب، وكذلك استخدام لغة العنف والترهيب من قبل مسلحي الحوثي ضد من سيقوم بالتظاهر والمطالبة بالراتب.
ويتهم العمقي الحكومة بعدم في صرف رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين بحجة عدم توريد ايراداتها لعدن مع أن المنطق يقول بأن على حكومة بن دغر التوجيه بصرف ايرادات كل محافظة - غير خاضعة لسلطتها - لمواجهة مرتبات موظفيها وتزويدها بالمبلغ الذي تحتاجه عند النقص من المحافظة الاخرى المجاورة لها، وهذا بحسب العمقي سبب في عدم استجابة الموظفين للتظاهر من أجل رواتبهم.
صنعاء بيئة خطرة
ويتفق علي الفقيه - صحفي وكاتب سياسي - مع سابقيه حول دور القمع في فشل دعوات التظاهر من أجل المطالبة بالمرتبات. ويؤكد أن صنعاء أصبحت بيئة خطرة جداً على أي فعاليات احتجاجية سلمية. وقال: إن الاحتجاجات لن تتحرك في صنعاء إلا إذا وصل الناس لحالة شعور بأن الموت يخنقهم".
وقال علي الفقيه لـ"المشاهد" هناك أسباب أخرى في فشل دعوات التظاهر في صنعاء من بينها غياب الأحزاب والتنظيمات القادرة على تسيير وقيادة الفعاليات الجماهيرية.
واضاف "الكل يعلم أن هناك جهتين وحيدتين في صنعاء قادرتين على قيادة وتنظيم احتجاجات هما حزب الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي، الأول توزع نشطاؤه بين السجون والمنافي والجبهات، والثاني سلمه صالح للحوثيين، وبالتالي صار مسلوب الإرادة مع أن أعضاءه وقواعده متذمرون مما يحدث ونالهم ضرر كبير جراء الإقصاء والتهميش من مواقعهم الإدارية في مؤسسات الحكومة إلا أنهم صاروا في حالة شلل تام لأن قيادتهم باعتهم لجماعة الحوثي بثمن بخس.
وقال الفقيه ان دور النقابات باتت هشاً ومشلول وغير قادرة على التحرك لأنها تدرك أنها ستكون أمام نيران المليشيات مباشرة.
وأضاف "تلقى معظم إن لم يكن كل النقابيين في صنعاء وغيرها من المدن التي يسيطر عليها الحوثيين تهديدات بالقتل في حال لمست منهم الجماعة أي تحرك، كما أن تهمة الخيانة" و"مساندة العدوان" جاهزة لكل من يعبر عن تململه من الأوضاع التي تسببت فيها مغامرة المليشيات.
ماهو الخيار المتاح؟
وأمام الأسباب الآنفة الذكر والتي على رأسها حالة القمع الشديدة التي يواجهها النشطاء اليمنيين والتي كانت سببا في توقف المظاهرات الاحتجاجية قال علي الفقيه لـ"المشاهد" إن موظفي الدولة قد يتجهون إلى خيار العصيان المدني.
وأكد أن خيار العصيان المدني قد "بدأ فعلاً بشكل غير معلن وغير منظم حيث عمد كثير من الموظفين إلى البقاء في البيوت وبعضهم كان هذا الخيار إجبارياً له حيث لا يملك كلفة المواصلات التي تأخذه من وإلى مقر عمله".
وهاهو شهر أكتوبر الحالي شارف على الرحيل في حين ماتزال مرتبات شهر سبتمبر لموظفي الدولة في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي وبعض المحافظات الخاضعة لسيطرة الشرعية في المجهول.
وكان ناشطون دعوا خلال أكتوبر الحالي للنزول إلى الشوارع يومي التاسع والتاسع عشر الماضيين إلا أن هذه الدعوات لم تلق استجابة جماهيرية بحسب ما كان متوقعا.