اليمنيون بلا مرتبات والمجاعــة قاب قوسين أو ادنى منهم
بادلت أم هشام (موظّفة بإحدى الجهات الحكومية) دبة الغاز المنزلية بكيس من القمح، كحدّ أدنى من متطلّبات البقاء على الحياة، تطعم منه أطفالها، فيما يسارع عدد كبير من المواطنين لبيع مقتنياتهم وأثاثهم المنزلي هروباً من الجوع، في ظلّ أزمة اقتصادية تكبّل ملايين المواطنين اليمنيين، وتهدّد بمجاعة دقّت أجراس خطرها على نطاق واسع في الأسابيع الأخيرة.
ومنذ بدء عمليات "التحالف" بقيادة السعودية، خلّفت هذه الحرب ملايين الفقراء والمحتاجين. أعداد كبيرة ممن كانوا في الطبقة الوسطى، أصبحوا تحت خطّ الفقر. لكن الأزمة الأخيرة الخاصّة بعجز الجهات الحكومية عن الرواتب في الشهرين الأخيرين، جاءت لتهدّد بنقل اليمن من الفقر إلى المجاعة، حيث عشرات، إلى مئات، الآلاف، ممن يعيلون الملايين، باتوا شبه عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من متطلّبات العيش.
ووفقاً لما تقصّاه "العربي"، فإن أسر عشرات الآلاف من الموظّفين تكتظّ بالقصص المأساة الناتجة عن تأخّر تسليم الرواتب الحكومية، التي هي قليلة بالأصل. فأم بسام، التي تسكن العاصمة صنعاء وتعمل في إحدى الجهات الحكومية، اضطرّت إلى بيع بعض مقتنيات المنزل لتوفير القمح، كحدّ أدنى من متطلّبات الحياة. فيما أحمد (إعلامي، طلب التحفّظ على اسمه الكامل)، عرض بيع جهاز الكمبيوتر المحمول لأحد أصدقائه، بسعر أقلّ من نصف السعر الأصلي، لكنه اكتشف أن صديقه أيضاً غير قادر على توفير حتّى نصف المبلغ.
ومن ضمن حالات لا حصر لها، ووفقاً لمعلومات "العربي"، اضطرّ ضابط في الجيش يسكن صنعاء، كان من متوسّطي الدخل، واسمه عبد الله الفقيه، إلى بيع جزء من أثاثه المنزلي، ومنه الثلاجة والغسّالة المنزلية، وذلك لشراء الحاجيات الأساسية ومنها الدقيق والقمح والسمن، أي تلك المتعلّقة بالطعام الذي يسدّ الجوع. اتّجه الموظّفون والمحتاجون المتأثّرون بالأزمة لبيع المقتنيات المنزلية
كذلك، أفاد أحد العاملين في سوق حراج الصافية الشهير، لبيع الآثاث المنزلي المستخدم، لـ"العربي"، بوجود قصص مأساوية وتحدث عن ارتفاع نسبة بيع المواطنين للأثاث وللأدوات الكهربائية الخاصة بمنزلهم، في الشهرين الأخيرين، مشيراً إلى أن العديد من المواطنين الذين يضطرّون إلى بيع مقتنياتهم المنزلية لا "يراجلون" السعر (يبيعونهم بأسعار منخفضة)، بسبب حاجتهم الشديدة.
فيما، أم جميل (70 عاماً) تقول لـ"العربي" إنها لم تتسلّم راتب الضمان الاجتماعي منذ ثلاثة أشهر، وإنه على الرغم من أنه كان مبلغاً بسيطاً إلا أنه كان يسدّ جزءاً من احتياجاتها الأساسية، وبسبب تأخّره اضطرّت خلال الأشهر الثلاثة إلى بيع أثاث الغرفتين، الموجود في البيت، وتضيف بحرقة "لو استمرّ الحال ما عبش (لا يوجد) ما تبيعه، ولا تعلم من أين ستأكل"، بعد أن توفّي إبنها في الحرب.
ولا تتوقّف القصص المأساوية للموظّفين عند حدّ، حيث اضطرّ أستاذ جامعي، منذ أيام، إلى إصدار بيان لطلابه نشره على صفحة الشخصية بموقع "فيسبوك"، وأعلن اعتذاره لهم، لأنه قرّر الانتقال للعمل في بيع "القات". وكتب لطلابه "كنتم أبنائي فلي أيضاً أبناء لا يزالون غير واعين لما يدور حولهم، وبالتالي لا يمكنني تركهم يتضوّرون جوعاً بسبب حرب عبثية قذرة أكلت كلّ شيء".
وبينما اتّجه الموظّفون والمحتاجون المتأثّرون بالأزمة لبيع المقتنيات المنزلية، لا تجد بعض الأسر ما تبيعه أصلاً، ويضطرّ موظفون للإستلاف من أقربائهم وقريباتهم مقتنيات للبيع، وقد رصد "العربي" أكثر من أسرة على هذا النحو، فيما المحال التجارية والغذائية منها بالذات (البقالات)، أصبحت تعيش أزمة مع عدم تسديد مدينين المبالغ، التي يقومون بتسديدها مع مجيء الراتب الشهري.
في شوارع صنعاء، والعديد من المدن، ينتشر متسوّلون بأعداد كبيرة، وبصورة بدأت تتصاعد منذ بدء الحرب، التي طالت أضرارها مختلف الشرائح وتسبّبت بنزوح من مناطق متضرّرة بشكل مباشر، اضطرّ معها البعض إلى التسوّل.
وأطلق ناشطون مؤخّراً حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحذّر من المجاعة التي تجتاح البلاد تحت عناوين، منها #مجاعة_اليمن. حيث تناولوا قصصاً مأساوية عن الحالة الإنسانية التي صار إليها المواطنون، وحذّروا من آثار كارثية في حال استمرار الأزمة.
وكانت أصوات المنظّمات المحلّية والدولية تعالت مؤخّراً تحذّر من مجاعة مع عجز الجهات الحكومية عن دفع رواتب الموظّفين. وحذّر مركز الدراسات والإعلام التربوي، في بيان، من "كارثة إنسانية تتهدّد ملايين اليمنيين على كافّة المستويات، وتهدّد النظام التعليمي بالانهيار، خصوصاً بعد توقّف الحكومة عن دفع رواتب المعلّمين". كما حذّر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من مظاهر مجاعة تجتاح اليمن، وأشار إلى انتشار مظاهرها "في مختلف المناطق اليمنية لا سيما مديريتي التحيتا والخوخة في محافظة الحديدة جنوب غرب البلاد".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها