نُذر تدويل الصراع في اليمن
دخل البلاد مرحلة جديدة من مراحل الصراع وإطالة أمد الأزمة. في الوقت الذي يسعى فيه مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى إعادة إحياء العملية السياسية الراكدة منذ أغسطس المنصرم، بعد ثلاثة أشهر من المباحثات غير المثمرة في الكويت برعاية الأمم المتّحدة، والتوصّل إلى حلّ يفضي لإنهاء الحرب والاقتتال، تتصاعد وتيرة الصراع في الميدان هذه المرّة ببعد إقليمي ودولي، بعد استهداف جماعة "أنصار الله" والقوّات المتحالفة معها سفينة عسكرية إماراتية قرابة مضيق باب المندب، كانت، حدّ بيان "التحالف"، تحمل مساعدات إنسانية وجرحى من وإلى عدن، على إثرها عزّزت البحرية الأمريكية تواجدها بثلاث سفن حربية في الجزء الجنوبي من مضيق باب المندب، وفقاً لمسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية تحدّثوا لقنوات إعلامية.
وبعد مضي أيام على تلك الحادثة، صرّح الكابتن جيف ديفيز، المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أن مدمّرة "ماسون" على بعد 22 كيلومتراً من السواحل اليمنية في المياه الدولية الواقعة في أقصى جنوب البحر الأحمر وشمال مضيق باب المندب، اكتشفت صاروخين قادمين من الأراضي التي تسيطر عليها "أنصار الله" في اليمن، وأضاف أن السفينة الحربية الأمريكية نفّذت إجراءات دفاعية ولم تتعرّض للأذى.
مواقف عدّة خرجت، آخرها خليجياً، لاستنكار الهجوم المفترض، الذي وضعته بعض هذه المواقف في خانة تهديد الملاحة الدولية، وهو ما بدا موقفاً متقدّماً على الموقف الأمريكي نفسه. إستهداف السفينة الأمريكية خطوة اعتبرها مراقبون تصعيداً تزامن مع ضرب مدينة الطائف في السعودية ومأرب، عقب مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء والتي راح ضحيتها المئات من الأبرياء، ومع قرب جولة المشاورات القادمة بين الأطراف، وربما وضع حرج استشعره المهاجمون من عمليات القوّات الموالية لشرعية هادي في الميدان، وعودة حكومة الرئيس هادي إلى عدن، فضلاً عن نقل البنك المركزي، في محاولة لإحراج "التحالف العربي" و"الشرعية"، الذين يتكفّلان بحماية المضيق إلى جانب عدد من الدول.
بعد أيام من الهجوم على السفينة الإماراتية، عزّزت البحرية الأمريكية حضورها في المنطقة بعدد كبير من القطع البحرية، وكثّفت من تحرّكها في البحر الأحمر وباب المندب، ما جعل جماعة "أنصار الله" تصدر تحذيراً من اختراق السفن المياه اليمنية، دون إذن مسبق من القوّات البحرية مواقف عدّة خرجت، آخرها خليجياً، لاستنكار الهجوم المفترضاليمنية، وفقاً لوكالة "سبأ" في صنعاء، وهو الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول مدى قدرتهم على استهداف السفن، وتهديد الملاحة الدولية، على الرغم من عدم تمكّنهم حتّى الآن من حسم المعركة البرّية. الخبير العسكري، علي الذهب، وفي حديث إلى "العربي"، يرى أن "مع ما حدث يمكن القول إن جماعة الحوثي أخذت في تطوير أدوات المواجهة وتوسيع مسارحها لتبلغ مسرح العمليات البحرية، التي فقدت الكثير من أدواتها بفعل استهداف التحالف للقوّات البحرية والدفاع الساحلي وخفر الساحل، وقد كشفت هذه العملية مستوى التطوّر الذي تحقّق، وأشارت بجلاء إلى وجود أطراف إقليمية داعمة مادّياً وفنياً".
ومن جهة أخرى، يتحدّث المحلّل السياسي، هشام عبد الباري، لـ"العربي"، عن أن العملية تعدّ "نوعية من حيث التوقيت والتصويب الدقيق، كونها حربية، هذا وقد حذّرت القوّات البحرية اليمنية من اقتراب أي سفينة قادمة دون إذن مسبق، واستفزاز البحرية الأمريكية والردّ عليها دليل قاطع على مقدرة القوّات البحرية اليمنية على صدّ أي تجاوز بحري قادم".
ويؤكّد عبد الباري بأن ليس ثمة افتراض يفضي إلى أن السفينة الإماراتية كانت إنسانية، خصوصاً وأنها استُهدفت في منطقة بحرية تتولّاها القوّات البحرية اليمنية، حيث أنها من نوع "HSV" وهذا النوع مخصّص للأعمال العسكرية واستخدامها لأعمال إنسانية "زيف واضح ومحاولة إخفاء الفشل الذريع الذي بدأ من قبل أعتى قوّة عسكرية في المنطقة، وإظهارها للعالم ضعيفة، مقارنة بالعتاد المتبقّي المتواضع للجيش اليمني".
آخرون ينظرون إلى ما يجري على أنه صراع تحالفات إقليمية أكبر من ذلك، تتصدّره الدول الكبرى اللاعبة بالمشهد الحالي في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط. الخبير الاستراتيجي، محمد عبد الجبار الشميري، يلفت لـ"العربي" إلى أن "دخول الحرب مرحلة جديدة من الصراع هذه المرّة في المياه الإقليمية والدولية بحادثة استهداف الحوثين للسفينة، هو ناتج عن اشتداد الصراع بين الولايات المتّحدة وبين روسيا في سوريا وتحوّل المشهد الدبلوماسي إلى عسكري، مع تحرّك 3 بوارج روسية إلى قرابة البحر المتوسّط، وإرسال منظومات s300 وs400 لأوّل مرّة إلى الأراضي السورية، وتحرّك بارجتين أمريكيتين إلى باب المندب، ما يدلّ أن المشهد زادت حدّته بين هذه الدول، وسقوط هذه المناطق في فوضى كهذه سيتسبّب في أزمة دولية لن تحمد عقباها".
ويتابع الخبير الشميري "لم يعد هناك مجال لتجنّب الدول هذا الصراع، فقد أصبحت مسرحاً لصراعات الدول الكبرى، و خيار التقاعس في تبنّي أيّ خيار ينهي عبثية الفوضى في باب المندب، لا نريده أن يتكرّر مع إدارة أوباما كما في الأزمة السورية، والذي ساهم في فتح ثغرة أخرى لاختراق المنطقة بنفوذ روسي قادم".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها