قرية خاصة بتعلم العربية وسط تركيا
منذ سنوات طويلة، تراود الأتراك فكرة تأسيس وسط متكامل لتعليم اللغة العربية على مدار الـ24 ساعة؛ لتعويض الطلاب عن الذهاب إلى دول ناطقة بالعربية لتعلم وممارسة لغة الضاد؛ نظراً لارتفاع تكاليف هذه الرحلات على الأسر، فضلاً عن عدم تمكّن المسافرين من تحقيق الاستفادة المتوقعة لصعوبة ظروف التأقلم في هذه البلدان، ما يتطلب السفر إلى هناك أكثر من مرة والبقاء لفترات طويلة.
وفي صيف العام الماضي، وبعد إعداد دراسة وتصورات كاملة عن الفكرة، أطلق "وقف طلاب ثانوية الأئمة والخطباء" في تركيا (ثانوية شرعية)، بالتعاون مع عدد من الجمعيات التعليمية والخيرية في البلاد، مشروع "قرية اللغة العربية" في ولاية قونيا، وسط الأناضول، بمشاركة طلابية بلغت 20 طالبًا وطالبة من مدن تركية مختلفة.
نجاح سريع
وبعد أن أثبتت الفكرة نجاحها وانتشارها في عموم البلاد، زادت أعداد المشاركين في فعاليات "قرية اللغة العربية" صيف 2016، وارتفع العدد إلى 62 طالباً وطالبة.
ويرجع الفضل في زيادة إقبال الطلاب الراغبين في تعلم لغة الضاد على المشروع إلى سهولة وبساطة العملية التعليمية على مدار الـ24 ساعة، وعدم اقتصارها على المجال التعليمي وحسب، بل التغلغل في مختلف الأمور الحياتية، فضلاً عن توفير عدد مناسب من الأكاديميين من جامعات عربية وتركية وخبراء متخصصين في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، بحسب ما قاله "محمد تاسا"، المنسق العام للمشروع.
وقال تاسا: "هدفنا الأساسي من المشروع هو توفير كافة الوسائل والأجواء اللازمة لإكساب الطلاب مهارات تعلم اللغة العربية، قراءة وكتابة واستماعًا ومحادثة، دون اللجوء إلى السفر إلى إحدى الدول الناطقة بالعربية في المنطقة".
"العربية" طوال الوقت
وعن البرنامج اليومي في القرية، أضاف: "يتركز البرنامج على ترسيخ أفكار حب وأهمية اللغة العربية في نفوس الطلاب، ومن ثم الصبر ومقاومة الصعاب التي سيواجهونها خلال العملية التعليمية".
وأشار تاسا إلى أن الطلاب يستيقظون في الساعة الخامسة صباحاً، وبعد إتمام فطورهم، يتوجهون إلى قاعات الدراسة منذ الساعة السادسة حتى الواحدة بعد الظهر، ثم يستريحون ساعتين، وبعد ذلك تستمر الفعاليات والأنشطة المتنوعة (وجميعها باللغة العربية) حتى الساعة العاشرة مساءً.
ولفت منسق المشروع إلى أن "المعلمين والمربين يرافقون الطلاب أثناء وجبات الطعام المختلفة، ويشاركونهم في ألعابهم وندواتهم والنزهات الخارجية"، موضحاً أن "هناك برنامجاً يتم تنظيمه نهاية كل يوم مع الطلاب للمحادثة باللغة العربية، وسماع مختلف وجهات النظر عن موضوعات متنوعة".
تكاليف مخفّضة
وتطرق تاسا إلى تنوع المدن التي يأتي منها الطلاب الراغبون في الالتحاق بالمشروع، وأشار إلى أنهم "يشعرون بسعادة كبيرة لانتشار أخبار جيدة عن مشروعهم في عموم تركيا، لاسيما في مدارس الأئمة والخطباء"، مضيفاً أن "من مدينة إسطنبول وحدها قدِم 34 طالباً صيف العام الحالي".
وعن تكاليف الالتحاق بالمشروع، أوضح أن "ما ينفقه الطلاب في قرية اللغة العربية بقونيا لا يتجاوز 25% من نسبة مصروفاتهم خارج البلاد في أي دولة ناطقة بالعربية"، مؤكداً أن "جميع الطلاب المشاركين وولاة الأمور أبدوا ارتياحاً كبيراً تجاه النتائج المتميزة التي حصلوا عليها من المشروع".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها