من نحن | اتصل بنا | الاثنين 24 فبراير 2025 03:33 مساءً
منذ يوم و 21 ساعه و 32 دقيقه
      تفقد نائب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور صادق حمود الجماعي وبمعيته مدير عام المركز الوطني للتثفيف والإعلام الصحي والسكاني الدكتور عارف الحوشبي بالعاصمة المؤقتة عدن اليوم مؤسسة الحق في الحياة لأطفال الشلل الدماغي، في العاصمة المؤقتة عدن  الجماعي تفقد
منذ يومان و 16 ساعه و 5 دقائق
بدعم من الوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وبالشراكة مع مؤسسة آفاق شبابية، ينطلق البرنامج التدريبي في المساعدة القانونية لطالبات كلية الحقوق بجامعة عدن، وذلك ضمن نشاط دعم التدريب العملي للطالبات في الجامعة.يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز
منذ 3 ايام و 11 ساعه و 59 دقيقه
تشارك الجمهورية اليمنية بوفد كشفي مميز في فعاليات اللقاء الكشفي الدولي العاشر، الذي تنظمه مفوضية الشارقة بالتعاون مع الإقليم الكشفي العربي، تحت شعار "الكشفية والتنمية المستدامة"، وذلك بهدف تعزيز دور الشباب في تحقيق التنمية المستدامة. ويمثل اليمن في هذا الحدث الكشفي الهام
منذ 3 ايام و 17 ساعه و 12 دقيقه
دشّن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ، بالشراكة مع مؤسسة آفاق شبابية، المجموعة الثانية والثالثة من البرنامج التدريبي للمساعدات القانونيات في محافظة عدن، اليوم السبت 22 فبراير 2025م، بتمويل من الوكالة الكورية للتعاون الدولي KOICA.وخلال التدشين، عبّر مسؤول الشراكة في مشروع
منذ 4 ايام و 3 ساعات و 59 دقيقه
استشهدت طفلة، إثر انفجار لغم زرعته مليشيات الحوثي الإرهابية أثناء رعيها الماشية في مديرية بيت الفقيه، جنوب محافظة الحديدة. وأوضح المرصد اليمني للألغام، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك، أن اللغم الحوثي أدى إلى وفاة الطفلة عيشة بخيت البالغة من العمر 9 سنوات، على الفور، في
عدن 2022.. أزمات معيشية واغتيالات وانتهاكات وسلطة أمنية غير موحدة
محمية الحسوة في عدن.. من حديقة خلابة إلى مكب للنفايات ووكر للجريمة
2021 الحصاد المُر في عدن.. عام بلون الدّم وطعم الحنظل
20 حالة طلاق يوميا في عدن
اخبار تقارير
 
 

المودع: هناك صراع على النفوذ في الجنوب مدعوم من الداخل والخارج ومليونيات الحراك فرقعات إعلامية

عدن بوست الثلاثاء 29 يناير 2013 06:27 مساءً

في هذا الحوار يشير الكاتب والمحلل السياسي عبدالناصر المودع للكثير من الأفكار المثيرة للنقاش والجدل حول القضية الجنوبية، فهو يرى بأن الحراك الجنوبي والكيانات الجنوبية التي يتم الإعلان عنها، لا تعدوا من أن تكون ظواهر صوتيه. فمن وجهة نظره، فإن الجنوب يعيش حالة من فراغ للسلطة منذ هزيمة الحزب الاشتراكي عام 94. وهذه الحالة لن تستطيع أي قوة أو تيار سياسي من سد هذا الفراغ، ويُرجع سبب ذلك، إلى غياب الهوية السياسية الجامعة للجنوبيين نتيجة عدم تجذر فكرة الدولة المركزية في الجنوب. فالجنوب – حسب ما يرى – كيان سياسي هش تم صنعه بواسطة العنف والقسر الذي مارسته الجبهة القومية، حين تأسست جمهورية اليمن الديمقراطية. وهو عرضة للفوضى والتفكك أكثر من الشمال في حال ضعفت دولة الوحدة. ونتيجة لهذه الحالة، فلن يتمكن الجنوبيين من الاتفاق على قيادة واحدة أو تشكيل حزب سياسي واحد، ولا حتى التوافق على تشكيل ائتلاف سياسي شبيه باللقاء المشترك.

كما أنه يقلل من قيمة المظاهرات والفعاليات التي تحدث في الجنوب، حيث يرى بأنها لا تغير في الطبيعة السياسية للجنوب، مادامت غير قادرة على السيطرة الفعلية على المناطق الإستراتيجية، والذي يشكك في قدرة أي طرف من القيام بذلك. 

وفيما يخص الحلول الذي يتوقعها للقضية الجنوبية من الحوار الوطني، يستبعد المودع أن يستجيب الحوار للمطالب المنادية بالانفصال أو حتى الفدرالية من إقليمين، فالوحدة من وجهة نظره هي الصيغة التي تحمي اليمن من الانهيار والفوضى، ولهذا فإن العالم مجمع على بقائها، ولن يكون بإمكان أي طرف في السلطة القبول بتغيير هذا الوضع.

وحول كثرة الكيانات الجنوبية وتعددها، يشير إلى أن مرد ذلك؛ كثرة الراعيين الداخليين والخارجيين لهذه الكيانات ورغبتهم في الحصول مكاسب ونفوذ في الجنوب، ويرى بأن هذا الوضع قد خلق، ما أسماه ببازار سياسي أدى إلى استغلاله من قبل بعض الأطراف لفتح "دكاكين سياسية" للاسترزاق من القضية الجنوبية.  

ويؤكد الكاتب عبدالناصر المودع بأن اليمن لن ينفعه إلا صيغة الدولة الواحدة وهي التي ستحمي اليمن من الفوضى الشاملة، وأشار إلى أن هناك تسابق وتزاحم وصراع على النفوذ في الجنوب تقوم به أطراف جنوبية مدعومة من الداخل ومن الخارج، وأن المؤتمرات التي تنعقد باسم أبناء الجنوب تأثيراتها على الواقع محدودة بسبب تلقيها الدعم سواء داخلياً أو خارجياً ولهذا فلا يستطيع أي طرف ما أن يدعي بأنه ممثل للجنوب أو حتى لجزء منه لغياب أي معايير للبرهنة على ما يدعي.

وأضاف مشكلة الجنوب أنه يفتقد للوحدة السياسية الحقيقية، فالجنوب ككيان سياسي هو حديث التشكل، فالجنوب لم يعرف الدولة المركزية إلا بعد الاستقلال عام 1967م، وقبل هذا التاريخ عاش الجنوب مقسما على وحدات سياسية صغيرة فيما كان يعرف بالسلطنات والمشيخات. وهذه الحالة تنعكس على الجنوب الآن، فقوة النزعة المناطقية تجعل من الصعب إيجاد تنظيم سياسي يظم كل مناطق الجنوب، ويسمو على الولاء المناطقي.

 والكاتب عبدالناصر المودع لديه الكثير من الكتابات حول القضية الجنوبية، أثارت الكثير من الجدل والنقاش، ويعكف حالياً على تأليف كتاب خاص بالقضية الجنوبية، ولأهمية الكتابات التي يطرحها فقد أجرينا معه هذا الحوار المطول حول التطورات الخاصة بالقضية الجنوبية ومستقبلها.

 

حوار/ خليل المعلمي

 

 

المؤتمر الوطني الجنوبي

انعقد في عدن المؤتمر الوطني لشعب الجنوبي كيف تنظر إلى هذا المؤتمر وما خرج به من نتائج؟

 يمكن في البداية ذكر عدد من الملاحظات من قبيل: التسهيلات الرسمية التي بدت واضحة من خلال الحماية الأمنية والتغطية الإعلامية، وكذلك الحضور من قبل بعض الأطراف الخارجية كحضور أحد موظفي الأمم المتحدة الذي يعمل ضمن فريق المبعوث الأممي جمال بن عمر، ومندوب عن أحد الدول الأوربية.

وما دلالة ذلك؟

يمكن الاستنتاج بأن هناك توجه من قبل السلطة، لإيجاد مكون جنوبي وتمكينه من أخذ جزء من مخصصات الحراك والجنوب في مؤتمر الحوار الوطني، ويبدوا أن هذا التوجه مدعوم من قبل الأطراف الراعية للحوار أو بعضها.

 

وهل تعتقد أن هذا المكون سيتمكن من ذلك؟ بمعنى هل سيكون بإمكان هذا المكون تمثيل الجنوب والحراك في المؤتمر؟

علينا أن نضع هذا المؤتمر وغيره في السياق العام للوضع في الجنوب، حيث نرى أن هناك تسابق وتزاحم وصراع على النفوذ في الجنوب تقوم به أطراف جنوبية مدعومة من أطراف في السلطة في صنعاء بعضها جنوبي وأخر شمالي وجهات خارجية، كبعض دول الخليج وإيران. ويرجع هذا التسابق إلى وجود حالة من الفراغ السياسي يشهده الجنوب منذ فترة طويلة، وتحديدا منذ حرب 94، فتلك الحرب قضت على نفوذ وسيطرة الحزب الاشتراكي وما كان يملكه من مؤسسات الدولة في الجنوب. وتركت الجنوب بدون قوة سياسية حقيقية قادرة على السيطرة وتوجيه الناس في هذا الاتجاه أو ذاك.

وما هو السبب في حدوث هذا الفراغ؟

حين تم سحق الحزب الاشتراكي في حرب 94، لم تنشأ طبقة سياسية جنوبية بديلة عن قادة الجنوب السابقين، لأسباب كثيرة أهمها أن طبيعة نظام الرئيس صالح، والتي لم تكن لتسمح بنشوء هذه الطبقة، فبالنسبة لصالح كان هدفه استمرار سيطرته على الجنوب وقمع إي حركة انفصالية، وهذا الأمر كان يتطلب القضاء على الطبقة السياسية السابقة، الذي كان يمثلها الاشتراكي، وفي نفس الوقت منع الجنوبيين من خلق طبقة سياسية بديلة، فهذه الطبقة كانت ستهدد سلطته في الجنوب بشكل خاص وفي اليمن عموما. ولهذا سعى إلى أن يبقى الجنوب دون طبقة سياسية حقيقية.

 

وماذا عن الجنوبيين اللذين كانوا يعملون مع نظام صالح؟

هؤلاء كان الهدف من وجودهم إعطاء صبغة لمشاركة جنوبية في السلطة، غير أن تلك المشاركة كانت زائفة، وكانت في أحسن الأحوال لا تشمل إلا فئة صغيرة من الجنوبيين ممن يطلق عليهم الزمرة، والذي ينحدر معظمهم من محافظة أبين. وحتى هذه الفئة فإن صالح لم يمنحها الإمكانيات لتصبح لها نفوذ وسلطة حقيقية في الجنوب، لأن صالح كان يخشى في حال أصبح لها نفوذ حقيقي أن تستقل عنه، وأن تتعامل معه كشركاء وليس كتابعين، فيما طبيعة نظامه لا يقبل الشركاء، ولا يستطيع التعامل مع من هم خارج الدائرة الضيقة للحكم، كاسرته وأبناء عشيرته المقربين، إلا كتابعين، فالنظم الاستبدادية من طبيعتها الاستفراد بالسلطة والإقصاء. فلو كان نظام صالح أكثر ديمقراطية لكان من الممكن نشوء طبقة سياسية للجنوب، عن طريق مؤسسات الدولة المختلفة، أو حزب المؤتمر الشعبي.

 

وهل مؤتمر شعب الجنوب سيسد هذا الفراغ؟

  

لا أعتقد ذلك، لان هذا المؤتمر، وغيره من المؤتمرات التي شهدها الجنوب في الفترة الماضية أو سيشهدها الجنوب في المستقبل، لا تعدوا من أن تكون ظواهر صوتية تتشكل وتنعقد بفعل عوامل طارئة ومؤقتة. فمن يتولى أمر هذه المؤتمرات أو يشارك فيها، لا يمتلك سلطة ووجود حقيقي في الجنوب.

 

ماذا تقصد؟

أقصد أن من يمتلك السلطة، ينبغي له أن يكون مسيطرا بشكل فعلي على الجنوب، أو المناطق الإستراتيجية منه على الأقل، مثلما هو حال حركة الحوثي في صعده، أو أن يكون له، على الأقل، تنظيم سياسي قوي، قادر من خلاله على التأثير في الأوضاع وفرض وجوده على الأرض. وحين تدقق في هؤلاء الذين يعقدون المؤتمرات باسم الجنوب، لوجدت تأثيرهم محدود جدا. فهذه المؤتمرات تنعقد بفضل دعم وتمويل قادم من خارج الجنوب، إما من صنعاء أو من خارج اليمن عموما.

 

ماهي المشكلة؟

وما المشكلة في ذلك؟

المشكلة أن هذه الفعاليات ستنتهي بمجرد انتهاء هذا الدعم، وستبقى محكومة بأجندات الأطراف الداعمة، واختلاف توجهاتها ومصالحها. فعلى سبيل المثال نجد أن الأطراف  الداعمة في صنعاء لهذه المؤتمرات، هدفها الرئيسي إيجاد نفوذ لها في الجنوب وكيانات سياسية تقوي من نفوذها داخل مركز الحكم في صنعاء. أما الأطراف الخارجية فأجندتها هي الأخرى متنوعة، حيث نجد إيران على سبيل المثال تهدف من دعم بعض الفصائل الجنوبية الحصول على أكبر قدر من الأوراق لتلعبها ضد خصومها كالسعودية وأمريكا، وهي ليست مهتمة بانفصال الجنوب، أما السعودية فإنها هي الأخرى تدعم بعض الفصائل الجنوبية ضمن سياستها في اليمن، والتي تقوم على إبعاد خصومها من التأثير في اليمن، مثلما تقوم به حاليا تجاه إيران، ومد سلطاتها على جميع اللاعبين داخل الساحة اليمنية. ولكون الأمر كذلك، فإن الجنوب لن يصبح له طبقة سياسية حقيقية مستمدة قوتها من الناس في الجنوب. فهذه المؤتمرات والقيادات التي تتمخض عنها، قد تتبخر وتنتهي في حال توقف الدعم والمال القادم لها من خارج الجنوب.

وهل القوى التابعة لما يسمى بتيار فك الارتباط ينطبق عليها ما ينطبق على القوى الأخرى؟

يبدو تيار فك الارتباط أكثر قوة من التيارات الانفصالية الأخرى، فهذا التيار يمتلك تأثير واضح في الجنوب، وخاصة في بعض المناطق تحديدا، إلا أنه يعاني من نقاط ضعف كثيرة، أهمها أن قوته الحقيقية تتركز فيما يسمى بمنطقة المثلث ردفان الضالع يافع وهي المنطقة التي كان أبنائها يتمتعون بالسلطة الفعلية والحقيقية في الجنوب، وتحديدا منذ 86 وحتى 94، وهذه المناطق تعتبر مناطق فقيرة وثانوية في الجنوب، إي أن السيطرة عليها لا يغير كثيرا في المعادلة السياسية للجنوب، إضافة إلى ذلك فإن هذا التيار لازال في حالة صراع وتنافس مع قوى جنوبية أخرى وتحديدا ما يسمى بالزمرة، وهو ما يحد من نفوذه في مناطق الجنوب الهامة، كعدن وحضرموت وشبوه. إلى جانب ذلك نجد أن الفصيل الرئيسي من هذا التيار، وأقصد به تيار علي سالم البيض، يعتمد إلى حد كبير على التمويل الإيراني، وفي حال حدث نقص أو انقطاع في هذا التمويل لسبب أو آخر، كضرب إيران أو تغيير في توجهات الحكومة الإيرانية، فإن الكثير من نشاطات وفعاليات هذا التيار ستتراجع بشكل ملحوظ.

 

المليونيات.. فرقعات إعلامية

ولكن ألا تؤكد المليونية التي أحياها هذا التيار في 30 نوفمبر قوته الفعلية على الأرض؟

أولا وصف المليونيات هذه ليست سوى فرقعات إعلامية مستوردة من الحالة المصرية، فحتى المليونيات المصرية لم تكن مليونيات حقيقية، باستثناء واحدة أو اثنتين حدثتا في عز الثورة المصرية. ولهذا فان ما يقال عن مليونية في مدينة لا يزيد عدد سكانها عن 700 ألف لا يعدوا من أن يكون ضرب من الخيال، فمدينة عدن في البداية أكثر من نص سكانها تقريبا من أصول شمالية، وهو ما يعني أن أغلبهم لا يمكن أن يكون مشارك في تلك التظاهرة إي أنهم لا يؤيدون الانفصال أو هذا التيار تحديدا. فكيف ستتشكل مليونية من ثلاثمائة ألف مثلا؟، وهم سكان عدن، الذي يمكن القول أنهم جنوبيين خالصين، هذا على افتراض أنهم جميعا بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم قد شاركوا في تلك المظاهرة، وهو أمر يستحيل حدوثه.

 

ولكن كما تعرف فإن ذلك الحشد لم يكن مقصورا على سكان عدن فقط بل شمل سكان من المحافظات الجنوبية الأخرى؟

صحيح ولكن معظم الحشد أتى من سكان عدن، فيما كان القادمون من المحافظات الأخرى، لا يتجاوزون، في أفضل تقدير، بضعة ألاف، فلوا قيل أن تلك المحافظات قد أتى منها مائة ألف شخص مثلا، فإن هذا الرقم يعني أن المنظمين بحاجة لأكثر من ثلاثة ألف حافلة لتنقلهم من تلك المحافظات إلى عدن، وهذا العدد من الحافلات لن تجده متوفرا في عدن والمحافظات المجاورة لها، فكيف هو الحال لو قلنا أن القادمين كان نصف مليون مثلا، فإن حافلات لهذا العدد لن تجده في كل الجنوب وربما كل اليمن، لهذا فإن هذه الأرقام ليست سوى مبالغات الهدف منها تسويق فكرة ما. وعلى كل حال فإن الحشود والتظاهرات لا تعني الشيء الكثير إن لم تكن مدعومة بقوة سياسية أو عسكرية على الأرض.

 

لماذا؟

لأن هذه الحشود بعد انتهاء هذه المهرجانات تعود إلى منازلها ويبقى الوضع على ما كان عليه قبلها، فمدينة عدن، في اليوم التالي لفعالية 30 نوفمبر، استمرت جزء من الجمهورية اليمنية، ولم يتغير شي على الأرض. كما وأن الحشود بتلك الطريقة لا تعني الشيء الكثير في الفعل السياسي، فمن السهل حشد عشرات الألوف من الناس يوم في الشهر أو في الأسبوع في مظاهرة كتلك التي حدثت في 30 نوفمبر والتي كانت أشبه بمهرجان أو احتفال، لكن ليس من السهل أن تحول عُـشر ذلك العدد إلى قوة فاعلة مستعدة للمخاطرة بحياتها ومالها لفعل سياسي حقيقي. وعليك أن تتخيل لوا أن ذلك المهرجان كان يعتريه مخاطر من نوع ما، بمعنى لو كانت السلطات قد قامت بمنعه ومضايقة المشاركين فيه، كما كانت تفعل في السابق، لما شارك فيه 10% من ذلك العدد، فخلال السنوات السابقة كانت المهرجانات المشابهة، والتي كانت تمنعها السلطة، لم يكن يتعدى المشاركين فيها بضعة ألوف في أحسن تقدير، ومعظمهم كانوا يأتون من منطقة المثلث.

 

ولكن وبغض النظر عن الأعداد وما ذكرت، أليس ذلك العدد يعبر عن قوة تيار فك الارتباط مقارنة بالقوى الجنوبية الأخرى؟

صحيح لا يمكن إنكار قوة هذا التيار، خاصة وأنه التيار الأعلى صوتا في الجنوب، وربما تكون هناك أغلبية جنوبية مؤيدة للانفصال، إلا أن ذلك لا يعني أنها قادرة على تحقيق مطالبها، فهي كما ذكرت قوة غير منظمة سياسيا، ولا تملك قوة عسكرية تمكنها من بسط سيطرتها على مناطق الجنوب الإستراتيجية، فالمظاهرات وحدها لن تعيد دولة الجنوب،  وأكثر ما تعمله أنها تخلق فراغ سلطة وفوضى، وفراغ السلطة والفوضى، كما بينت التجربة، تستفيد منه القوى الجهادية وقطاع الطرق والعصابات. فحين تقوم بتفريغ للسلطة ولا يكون لديك قوة بديلة لسد هذا الفراغ، فانك لا تقدم شي لقضيتك وإنما تمهد الطريق أمام طرف ثالث أو أكثر ليسيطر عليها. والدليل على ما أقول؛ أن الحركة الانفصالية في منطقة المثلث، وهي المنطقة الرئيسية للحركة الانفصالية، لم تتمكن من بناء أي سلطة فعلية في هذه المنطقة، رغم أن السلطة المركزية قد انسحبت بشكل من الأشكال من هذه المنطقة، ولم يعد لها وجود فعلي. ولولا السلطات المحلية التي لازالت تتمول من الحكومة المركزية، لعاشت المنطقة في حالة فراغ مطلق للسلطة والموارد. بأكثر مما هي عليه الآن.

 

غياب معايير التمثيل

إذا كان الأمر كما تقول، فهل هذا يعني أنه لا يوجد من يمثل الجنوب؟

الإجابة نعم ولا، بمعنى أنه لا يستطيع طرف ما أن يدعي بأنه ممثل للجنوب، أو حتى جزء منه، لغياب إي معايير للبرهنة على ما يدعي، فلا وجود لانتخابات حرة يمكن لها أن تحدد الحجم الحقيقي لهذه القوى، كما أنه لا وجود لطرف مسيطر بشكل مادي على الجنوب. ومادام الأمر على هذا الشكل فإن كل طرف يستطيع أن يدعي بأنه الممثل للجنوب، ولا يمكن قياس التمثيل بمهرجان هنا وهناك ورفع شعار وصور قائد هذا الفصيل أو ذاك، فكل طرف يستطيع ان يقوم بذلك لو توفرت له الموارد والحرية للقيام به. وما أريد قوله هنا أن المظاهرات والمهرجانات ليست دليل حقيقي على شعبية هذا التيار أو ذاك.

وهل سيستمر الحال على ما هو عليه في المستقبل؟ بمعنى الا تستطيع قوة ما من فرض سيطرتها على الجنوب، عن طريق تنظيم سياسي أو عمل عسكري مثلا؟

مشكلة الجنوب أنه يفتقد للوحدة السياسية الحقيقية، فالجنوب ككيان سياسي هو حديث التشكل، فالجنوب لم يعرف الدولة المركزية إلا بعد الاستقلال عام 67، وقبل هذا التاريخ عاش الجنوب مقسما على وحدات سياسية صغيرة فيما كان يعرف بالسلطنات والمشيخات. وهذه الحالة تنعكس على الجنوب الآن، فقوة النزعة المناطقية تجعل من الصعب إيجاد تنظيم سياسي يظم كل مناطق الجنوب، ويسمو على الولاء المناطقي.

 

ظروف غير موجودة

ولكن ألم تسيطر الجبهة القومية بتنظيمها السياسي والعسكري على الجنوب خلال الفترة التي سبقت الاستقلال وخلال قيام جمهورية اليمن الديمقراطية لاحقا؟

الظروف التي سيطرت بها الجبهة القومية لم تعد موجودة الآن، ويستحيل تكرارها، في الظروف المحلية والدولية الحالية، كما أن تلك السيطرة تمت من خلال تنظيم شمولي استخدم العنف والقسوة لفرض سيطرته، إضافة للإيديولوجية الثورية التي كان يحملها والتي كانت تعتمد على فكرة التحرر والوحدة اليمنية والاشتراكية، وهذه الإيديولوجية، ليست ضعيفة فقط الآن ولكنها أصبحت مرفوضة ومستهجنة من قبل من حملها في السابق واقصد بهم قادة الجنوب السابقين وقادة الحراك اليوم.

ولكن الآن هناك فكرة الاستقلال أو استعادة الدولة والتحرير، التي تسود المزاج في الجنوب، ألا يمكن تحويل هذه الفكرة إلى إيديولوجية جامعة؟

من الناحية النظرية يمكن ذلك لكن عمليا غير ممكن، فتحويل فكرة ما إلى غطاء إيديولوجي لتنظيم ما، ليست كافية دون توفر إمكانات مادية من قبيل موارد مالية كبيرة وتنظيم عسكري أو شبه عسكري صارم يفرض الانضباط في داخل التنظيم ويقمع القوى المنافسة. وهذه الأمور غير متوفرة الآن ولا يمكن توفرها على الأقل في المستقبل المنظور، خاصة وأن فكرة الانفصال أو الاستقلال بحد ذاتها ليست كافية لتشكل إيديولوجية متماسكة ومنسجمة جاذبة، كما هو حال الإيديولوجيات السياسية الأخرى، كالإيديولوجيات الإسلامية المزدهرة حاليا أو الشيوعية سابقا أو غيرها.

على افتراض صحة ما تقول، هناك بدائل غير ما ذكرت، من قبيل إنشاء قيادة جنوبية تتشكل من التيارات السياسية ومناطق الجنوب المختلفة، وتكون شبيهة باللقاء المشترك، والذي أثبت قدرة على قيادة المعارضة في اليمن خلال الفترة الماضية، فلماذا لا يتم شي من هذا القبيل في الجنوب؟

اللقاء المشترك حالة مختلفة تماما عن ما ذكرت، حيث أن اللقاء المشترك في الأساس عبارة عن تحالف بين أحزاب، تمتلك مؤسسات وتنظيمات حقيقية، وحجم كل واحد منها معروف ولكل منها جماهيره الخاصة، وكان يجمعها هدف رئيسي وهو معارضة نظام صالح. أما الوضع في الجنوب فإنه مختلف تماما، فالكيانات الانفصالية التي تظهر هنا وهناك تتأسس على أسس مناطقية في معظمها، ولا تمتلك مؤسسات وتنظيمات حقيقية، ولا يمكن قياس حجمها. وأي تحالف لكيانات من هذا القبيل سيعاني من الخلافات الدائمة والضعف ويسهل اختراقه وتمزيقه.

 

تمثيل الجنوب في مؤتمر الحوار      

إذا كان الوضع بهذا التعقيد في الجنوب كيف سيتم فرز ممثلين للجنوب في مؤتمر الحوار القادم أو أي شأن أخر متعلق بالجنوب؟

لن يتم فرز ممثلين حقيقيين للجنوب إلا بانتخابات حرة ونزيهة، وهذا الأمر يستحيل حدوثه في ظل الحالة الأمنية والسياسية في الجنوب واليمن عموما. أو قيام طرف ما أو أكثر بالبدء في السيطرة المادية على مناطق الجنوب، وهذا لن يتم إلا بالقوة المسلحة، وفي حال حدوث ذلك، فإن من المتوقع أن تبرز قوى كثيرة على السطح ذات توجهات متباينة تتصارع على النفوذ، وستكون من بينها القوى المؤيدة للوحدة، وهي قوى تبدوا أنها ستكون أكبر مما يظهر الآن، حيث أن هذه القوى فضلت أن تتوارى عن الأنظار خلال حكم علي عبدالله صالح، لأسباب متعلقة بصراعها معه، وهو ما سمح للقوى الانفصالية تبرز وكأنها الصوت الوحيد في الجنوب، غير أن إي صراع حقيقي على النفوذ سيخرج هذه القوى من مكامنها.

من تقصد بالضبط؟

أقصد أكثر من قوة، إلا أن الطرف الأقوى هو حزب الإصلاح الذي يعد القوة الأكثر تنظيما ومن ثم فاعلية في أي صراع قادم في الجنوب، فبحكم تنظيمها وتواجدها في أكثر مناطق الجنوب ستبرز هذه القوة في المستقبل إلى جانب قوى أخرى، خاصة من الأطراف التي عانت من حكم الحزب الاشتراكي في الجنوب، والتي ستجد نفسها في مواجهة خصومها السابقين الذين يقودون الحركة الانفصالية حاليا، وستتكئ هذه القوى، مجتمعة أو منفردة على قوة الدولة والمدد البشري والمادي والمعنوي القادم من الشمال. والنتيجة أن لا أحد سيتمكن من فرض سيطرته على كل أو معظم مناطق الجنوب في المستقبل الجنوب.

 

وهل يعنى هذا غياب ممثل حقيقي للجنوب في مؤتمر الحوار الوطني القادم؟

ستبقى قضية تمثيل الجنوب وتحديدا تمثيل المكون الخاص بالحراك، والذي خصص له أكثر من 80 مقعد، العقدة الرئيسية في هذا المؤتمر، فكون الحراك لا يوجد له قيادة موحدة ولا ينضوي تحت مسمى واحد، فإن كل مكون سيدعي أنه الحراك الحقيقي فيما الأخر هو حراك وهمي أو مُفرخ من السلطة. كما وأن قبول أي تيار، ممن يدعي أنه ينتمي للحراك، بالمشاركة في الحوار سيقابل بالتشكيك والرفض من التيارات التي ستقاطع، حيث أنها ستتهمه بأنه لا يمثل الحراك وأنه ليس إلا صنيعة الطرف الأخر. إضافة إلى ذلك، ترفض التيارات المنادية بالانفصال أن يمثل الجنوب إلا من يطالب بالانفصال، فهؤلاء يعتبرون الحراك الانفصالي هو الممثل الشرعي والوحيد للجنوب، بمعنى أخر فهذا التيار يرى أنه ليس بجنوبي من يقبل الوحدة، وهذه طبعا حالة من الشمولية والفاشية، التي يدعي قادة الحراك أنهم تخلوا عنها، وفي هذه الأجواء فإن من المتوقع أن يشهد الجنوب المزيد من الخلافات والصراعات التي قد تصل حد الصراع المسلح خلال الفترة التي تسبق مؤتمر الحوار وأثنائه وبعد انتهائه، هذا إذا افترضنا أنه سينتهي بشكل طبيعي وليس بفشل وخلاف.

 

مطلب تعجيزي

هناك مطالب بأن أي حوار قادم حول القضية الجنوبية يجب أن يتم على أساس حوار  شمالي جنوبي وبرعاية دولية فما هي فرصة ذلك؟

طبعا هذا المطلب يعد من أكثر المطالب غموضا وغرابة، كونه يعد مطلب تعجيزي ويستحيل تحققه، فالمطالبين بهذا الأمر يمكن وصفهم بأنهم مصابون بحالة من الشيزوفرينيا السياسية، بمعنى أنهم منفصلين عن الواقع.

لماذا؟

 لأنهم يفترضون أن الوحدة لم تقم وأن التاريخ لازال متوقف في يوم 22 مايو 90، فهم يقولون بأنهم يريدون مفاوضات بين ممثلين عن الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وبما أن هاتين الدولتين قد ألغيتا بموجب الوحدة ولم يعد لهما وجود وفقا للقانون الدولي، فإن ذلك يعني حوار بين كيانات خيالية ووهمية، فمن كان يمثل تلك الدولتان لم يعد له إي صفة سياسية أو وجود حقيقي على الأرض كي يدعي تمثيله للدولة التي كان يحكمها، فعلي سالم البيض، والذي يتم وصفه بالرئيس الشرعي للدولة الجنوبية، يعيش في المنفى ولا يمتلك إي سلطة حقيقية حتى على قريته في محافظة حضرموت، أما علي عبدالله صالح، فقد تم عزله وتجريده من أي منصب رسمي، فلم يعد رئيسا لليمن الموحد أو اليمن الشمالي، ومن ثم فإن اشتراط أن يكون الحوار على ذلك النحو، يتطلب أن نقوم بإعادة عقارب الساعة حتى يوم 22 مايو 90 ونُرجع علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح إلى طاولة المفاوضات ليقررا من جديد مصير اليمن، وطبعا هذا الأمر لا ينفع إلا في السينما أو الروايات الخيالية.

 

ولماذا لا يتم وضع آلية لاختيار ممثلين عن الشمال والجنوب كالانتخابات مثلا؟

 لا توجد أي آلية عملية ومقبولة ومتاحة لاختيار ممثلين عن الشمال والجنوب، فالانتخابات مثلا كيف ستقام؟ ومن سيشرف عليها؟ وكيف سيتم فرز الجنوبي عن الشمالي؟ فأي انتخابات حقيقية لممثلي الطرفين ستتطلب حل سلطة الجمهورية اليمنية بما في ذلك القوات المسلحة والأمنية والأجهزة الإدارية، ووضع اليمن تحت الإدارة الدولية خلال الفترة السابقة للانتخابات وأثنائها وبعدها، وهذه الحالة يستحيل حدوثها، فلا وجود لما يبررها ولا يوجد إي رغبة دولية أو إقليمية لأمر كهذا. أما أي آلية من قبيل حدوث توافق جنوبي جنوبي على اختيار ممثلين عن الجنوب وتوافق شمالي شمالي لاختيار ممثلين عن الشمال، فإن هذه العملية يستحيل حدوثها في الشمال، لأنها تعني إلغاء السلطة الحالية للجمهورية اليمنية، كما أن من شبه المستحيل أن يتم التوافق في الجنوب على قيادة واحدة تمثل الجنوب. لأسباب لا حصر لها.

في ظل هذا الوضع ما هو المتوقع أن يخرج به مؤتمر الحور فيما يخص القضية الجنوبية؟

قد يكون من المحبط لبعض الجنوبيين أن يسمعوا أن قدرة مؤتمر الحوار، وعلى افتراض تم حل مسألة تمثيل الحراك والجنوبيين عموما، لن تتعدى الكثير من العبارات المطاطة حول الشراكة في الثروة والسلطة وحكم لا مركزي، قد يتم تسميته بالفدرالي.

فيدرالية من إقليميين؟

لالالا هذه الفدرالية يستحيل إقرارها في هذا المؤتمر لأنها تعني انفصال مؤجل، وهذا أمر لن تقبل به القوى الداخلية ولا العالم الخارجي.

لماذا؟

لأن الانفصال بأي شكل من الأشكال هو خط أحمر داخلي وخارجي، فاليمن لا تنفعه في ظروفه الحالية، وفي المستقبل القريب على الأقل، إي صيغة غير صيغة الدولة الواحدة، فهذه الصيغة هي أقل الصيغ سوءا والتي تحمي اليمن من الفوضى الشاملة، فاليمن شماله وجنوبه، وتحديدا جنوبه عرضة للفوضى والتفكك في حال انفكت السلطة المركزية لدولة الوحدة.

 

ولماذا الجنوب تحديدا وهو الذي كانت به دولة قوية مسيطرة على كل أراضي الجنوب قبل الوحدة؟

سؤال مهم وأشكرك على طرحة؛ على عكس ما يقال ويشاع، فإن الجنوب لم يعرف الدولة المركزية إلا لفترة قصيرة جدا قياسا بالشمال الذي شهد خلال تاريخه المعروف حكومات مركزيه عديدة وجدت لها عواصم في صنعاء وتعز وجبلة وصعده وزبيد وغيرها، أما الجنوب فإن الدولة المركزية هي حالة طارئة واستثنائية، لم يعرفها الجنوب خلال تاريخه المعروف إلا بعد الاستقلال في نوفمبر 1967، وتم ذلك حين سيطرت الجبهة القومية عن طريق القوة ومن خلال نظام شمولي قاسي وعنيف على ما سمي باليمن الجنوبي، وهذه الفترة لم تكن كافية لتجذر فكرة الدولة المركزية لدى الجنوبيين، ولم تكن كافيه أيضا لتشكل هوية سياسية جنوبية. فمناطق الجنوب تشيع فيها النزعة الاستقلالية العالية. وهو ما كان ملاحظ خلال وجود الدولة في الجنوب قبل الوحدة، والذي تجلى في الصراع المناطقي العنيف في 86، والدعوات الاستقلالية الحالية للكثير من مناطق الجنوب كحضرموت وعدن وغيرها، والتي ستتزايد في حال تفككت دولة الوحدة الحالية، ومن ثم فإن الوحدة الحالية بكل عيوبها ومشاكلها هي الضامنة للجنوب والشمال من التفكك والفوضى.

 

الانفصال أو الفيدرالية غير ممكنة

إذا كان الانفصال وحتى الفدرالية غير ممكنة، فلماذا يتم طرحه بقوة من قبل قيادات لها تاريخ وخبرة؟

هناك أكثر من سبب منها ذاتي يتعلق بحب الزعامة، فهذه القيادات والتي يتم تسميتها بالقيادات التاريخية، لم يكن لها أن تُجلب من المتاحف، لولا المشروع الانفصالي، ولهذا فإنها ستظل متمسكة بهذا المشروع لأنه المشروع الوحيد الذي يستطيع أن يسوقها، ويجلب لها المكانة والأهمية، فقد استعادت حضورها بسبب هذه المشاريع. فالمشروع الانفصالي أعاد مجد قادة الجنوب السابقين، فهؤلاء القادة لا يمكن أن يكون لهم قيمة أو دور في ظل يمن موحد ومستقر، فمؤهلاتهم العلمية المتواضعة وحكمهم الفاشل للجنوب، لا يمكنهم من ذلك. وقد لاحظت كيف أن المشروع الانفصالي قد أحيا سياسيين من المقابر، وأبرز قادة من مشايخ وعسكر وبقايا سلاطين وغيرهم من الجهلة وإنصاف المتعلمين، والذي أصبحوا يحملون ألقاب الزعيم والمناضل والقائد، ولديهم الأتباع والمؤيدين. وحصل هؤلاء – وهذا هو المهم – على ممول داخلي أو خارجي نفخ فيهم الروح والحركة، بعد أن فُتح البازار السياسي باسم القضية الجنوبية، وهو ما نراه في الدكاكين السياسية التي يتم فتحها هنا وهناك باسم هذه القضية. إلى جانب حالة الانفلات السياسي في اليمن عموما والجنوب خصوصا والذي سهل انتشار هذه الدكاكين، وأكثر من أعداد المناضلين والزعماء، فلم يعد هناك من سلطة لتقمع هذه الفعالية أو تلاحق هذا الزعيم، بمعنى أخر أصبح النضال عمل سهل ومريح ويدر الكثير من المال والجاه. وقد جلب هذا البازار عددا من الجنوبيين، الذين كانوا إلى عهد قريب من أكثر المعاديين للانفصال وشارك معظمهم في حرب 94 إلى جانب القوات الحكومية، ليصبحوا الآن من دعاة الانفصال. ووضع منفلت كهذا سيعمل على انتشار كيانات ومؤتمرات وزعما في الجنوب بشكل دائم.

 

وهل كثرة هذه المكونات في صالح القضية الجنوبية وتحديدا المطالب بالاستقلال وتقرير المصير؟

كثرة هذه الكيانات سيضيف المزيد من التعقيد للمشكلة في الجنوب، حيث سيزداد الصراع على النفوذ، وستكثر الانقسامات داخل الكيانات التي ستعلن وسيصبح من الصعب على المراقب حصر هذه الكيانات لكثرتها. أما الاستقلال أو الانفصال، فإنه لا يمتلك أي فرصة ليتحقق، فليس هناك من سند قانوني للانفصال، والعالم الخارجي يرفض ذلك، إضافة إلى أن الجنوب عمليا تحت سيطرة الحكومة المركزية، ولا وجود فعلي للقوى الانفصالية في الجنوب.

 

ولكن أغلب الجنوبيين يطالبون بالاستقلال؟

المطالبة شي وتحقيقها شيء أخر، فهذه الأغلبية التي تذكرها، والتي قد لا تكون كذلك، قد تمت تعبئتها وخداعها من قبل دعاة الانفصال، حين أوهموها بسهولة الانفصال وإمكانية تحققه، وهو ما أدى إلى هذا المزاج الذي لم يعد يقبل بأقل من الانفصال.

 

ولماذا قاموا بذلك إذا كانوا يدركون بعدم إمكانية الانفصال؟

هناك أكثر من سبب منها الجهل، حيث تجد أن معظم هؤلاء القادة يجهلون قواعد القانون الدولي الذي يرفض انفصال الجنوب، كما أنهم يجهلون قراءة مواقف الدول المؤثرة في الشأن اليمني قراءة واقعية وصحيحة، والتي ترفض الانفصال. وعلى افتراض درايتهم بذلك فإنهم سيستمرون في تبني مطالب الانفصال لأنه كما ذكرت المشروع الوحيد الذي يسوقهم، ويوفر لهم المكانة والمال.     

 

عدم الرغبة في الانفصال

ولكن رأينا في الأيام الأخيرة تغير وتبدل في الموقف الإقليمي والدولي تجاه الجنوب، فدول الخليج ممثلة بمجلس التعاون الخليجي عقدت اجتماع مع القيادات الجنوبية في الرياض، وممثل الأمين العام في اليمن جمال بن عمر صرح بأن موضوع الانفصال لن يُمنع طرحه في مؤتمر الحوار الوطني؟

يجب أن يتم قراءة ما ذكرت قراءة صحيحة، فاهتمام دول العالم ودول الخليج تحديدا بالقضية الجنوبية، نابع من اهتمامهم بحل مشاكل اليمن وليس رغبة في دعم الانفصال، كما يتم خداع الناس في الجنوب. فدول الخليج والعالم يدركون أن الانفصال سيؤدي إلى انهيار الدولة في اليمن، فلا الجنوب يمكنه أن يعود دولة ولا الشمال كذلك. ولو لاحظت لطبيعة الوفد الجنوبي الذي أجتمع مع الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور الزياني، وللكلمات التي قيلت لتأكدت من صحة ما ذكرت، فخلال هذا اللقاء، كان هناك ممثلين عن السلطنات التي قامت على أنقاضها الدولة الجنوبية، وكانت هناك أطروحات لإعادة هذه السلطنات ورفض للدولة التي قامت في الجنوب، وكل هذا يدل على أن إعادة النظر في الوحدة اليمنية سيفتح صندوق المشاكل في كل اليمن ولن يستطيع أحد أن يغلقه بعد ذلك. 

 

أما تصريح بن عمر حين يقول بأن طرح موضوع الانفصال لن يُمنع في الحوار، فإنه يردد ما يقوله الرئيس هادي وغيره من السياسيين اليمنيين، بأن لا سقف لما سيتم طرحة في مؤتمر الحوار، وهناك فرق بأن تسمح لهذا الطرف أو أذاك بان يطرح مطالبه وأن تستجيب لها، فطرح موضوع الانفصال والفدرالية من إقليمين ستكون أشبه بالفضفضة أما قرار القبول بها فإنها أمر يستحيل توقعه. وللتذكير فقط فإن جمال بن عمر وغيره محكومين بالمبادرة الخليجية وبقراري مجلس الأمن الدولي 2014 ، 2151 وهاذين القرارين نصا بشكل صريح وواضح بدعمهما للوحدة اليمنية. ولمن لا يعرف فإن قرارات مجلس الأمن قواعد قانونية ملزمة، بمعنى أنه لا دول الخليج صاحبة المبادرة الخليجية ولا حتى الدول الكبرى تستطيع أن تتجاوز هاذين القرارين، إلا من خلال قرار جديد عن مجلس الأمن يتراجع فيه عن دعم الوحدة وهذا أمر لا يمكن تخيله.

كما أنه لن لا يمكن للسلطة الحالية، القبول بأي صيغة للانفصال، بما فيها الفدرالية من إقليمين لأن أمر من هذا القبيل سيهز السلطة ويعرضها للخطر، فالكل يدرك أن إي قبول في مؤتمر الحوار أو غيره بالانفصال سيفجر الأوضاع في اليمن ويزعزع الوضع الانتقالي الهش.

 

مستقبل القضية الجنوبية

في الختام؛ كيف ترى مستقبل القضية الجنوبية؟

ليس من السهل التنبؤ لمستقبل القضية الجنوبية أو لنقل الأوضاع في الجنوب بشكل عام، فالمعطيات الحالية تشير إلى أن الجنوب سيتجه نحو المزيد من الفوضى والتشرذم، فلا الوحدة الحقيقية ستتم، ولا الانفصال سيتحقق. 

telegram
المزيد في اخبار تقارير
ألغت دولة الكويت الاعتراف بشهادة جامعة صنعاء، ومنعت التحاق الطلبة الكويتيين في الجامعة.   وذكرت وزارة التعليم العالي الكويتية منتصف يناير الماضي، نشرته الجريدة
المزيد ...
أعلنت الحكومة أن عدد ضحايا ألغام جماعة الحوثي منذ انقلابها على الدولة بلغ نحو 10 آلاف قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء.   وقال وزير الشؤون القانونية وحقوق
المزيد ...
أعربت وزارة الخارجية اليمنية، عن إدانتها بأشد العبارات الممارسات التعسفية التي تقوم القوات الحوثية تجاه موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في
المزيد ...
  أعلنت قبائل محافظة عمران، يوم الأحد، النفير العام، دعماً لقوات الجيش الوطني في مواجهة تصعيد مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.جاء ذلك في حشد قبلي مسلح
المزيد ...
أدانت الجمهورية اليمنية، للتصريحات الاستفزازية الصادرة من الكيان الإسرائيلي، ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة.   وقالت وزارة الخارجية في بيان إن المملكة
المزيد ...
جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، على عودة مؤسسات الدولة للعمل من الداخل، وحشد الطاقات في مواجهة التحديات الاقتصادية، وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين
المزيد ...

شاركنا بتعليقك

شروط التعليقات
- جميع التعليقات تخضع للتدقيق.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها







الأكثر قراءة
مقالات الرأي
‏عندما قامت ثورة 11فبراير الشبابية الشعبية تحددت مطالبها في اقامة دولة المؤسسات بعد سيادة حكم الفرد
انتهت المواجهة والقتال، لكن لم تنتهِ الحرب بعد، لكن ستشهد غزة حربا أخرى في مجالات أخرى، ربما تعود المواجهة،
تثار في عدن أزمة غياب الكهرباء كثيرا كقضية رأي عام تزداد في مواسم ارتفاع الحر، وكل ما يتخذ هو معالجات ترقيعية
يبدو أن ارتداء ثوب الواعظ غريزة عند البعض من البشر حتى القتله والمجرمين والفاسدين منهم!! لكن البعض لغبائه
أنا على يقين أن الرجال المرابطين في الهضبة غايتهم ودافعهم مصلحة أهلهم ومجتمعهم ونصرة لقضية حضرموت وحقوقها
يقف اليمن اليوم على مفترق طريق تاريخي، حيث تتصارع إرادة أبناء الشعب الذين يتوقون إلى السلام والاستقرار مع
رغم التحديات التي واجهت تنفيذ مخرجات الحوار الوطني اليمني، إلا أنها لا تزال تشكل قاعدة صلبة يمكن الارتكاز
في مثل هذا اليوم الخامس والعشرين من يناير من عام 2014م، تم التوقيع على وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل، هذه
في ظل الأوضاع المضطربة التي تعيشها اليمن، ظهرت دعوات متزايدة لتوحيد الجهود بين المحافظات الشرقية، التي
  انفصل النظام السوري عن شعبه، وانفصل عن الجيش الوطني الذي يحمي الدولة، وجر سوريا إلى خارج الخيمة العربية،
اتبعنا على فيسبوك