أسرار تكشف لأول مرة عن تفجيرات11سبتمبر بنيويورك
لا يزال الكثير من خفايا قيادة الأمور في أفغانستان زمن حكم حركة "طالبان"، مدعومةً من تنظيم "القاعدة"، قبل 11 سبتمر 2001، وما ترتّب عليه لاحقاً من غزو أمريكي لأفغانستان، غامضاً وغير معروف للكثير من الصحافيين على مستوى العالم.
"العربي" نجح في التواصل مع جهادي يمني سابق، كان مسؤولاً عن "مضافة" في مدينة كابول، إلى جانب يمني آخر، سيروي بعض ما كان يدور في أفغانستان قبل 11 سبتمبر. و"المضافة" هي مبنى لاستقبال الضيوف، الذين كان أغلبهم من "النافرين" إلى أفغانستان.
يروي الجهادي أنه زار مدينة قندهار، قبيل سفره إلى اليمن، للسلام على زعيم تنظيم "القاعدة" السابق، أسامة بن لادن، ووجده مجتمعاً بدائرة المقرّبين الكبار منه، ومن بينهم أيمن الظواهري، وسيف العدل المصري.
ويوضح الجهادي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنه في الجلسة تم تشكيل "دائرة التخطيط" لعمليات 11 سبتمبر، من "دائرة المقرّبين" من بن لادن.
دائرة التخطيط
أبرز أعضاء دائرة المقرّبين، بحسب رواية الجهادي، كان خالد شيخ محمد (مختار البلوشي) والذي وصفه بأنه "الرأس والدينمو في الفريق". ومن أعضاء الفريق: سيف العدل المصري، رئيس لجنة الأمن في التنظيم، أبو محمد المصري، مسؤول التدريب في معسكرات "القاعدة"، أبو حفص المصري، أيمن الظواهري، أحمد حسن أبو الخير، الشيخ سعيد المصري، وكذلك سعدون، المسؤول في اللجنة العسكرية.
ولفت الجهادي إلى أن البلوشي كان يأخذ أفراد الفريق المنفّذين ويدرّبهم ويعطيهم التوجيهات، في مكان ما في قندهار غير معروف لعامّة الشباب.
تلميحات
خشية أن تُكتشف العملية، اكتفت قيادات "القاعدة" في أفغانستان بالتلميحات، دون أن تعطي أية تفاصيل، كما يقول الجهادي. وحينها يبدو أن الولايات المتّحدة كانت تستبعد هجوماً إرهابياً داخل أراضيها، كما كانت حريصة على تأمين سفاراتها حول العالم، خصوصاً بعد ما تعرّضت له سفارتاها في نيروبي ودار السلام. قبل 6 أشهر من عمليات سبتمبر، ألقى بن لادن محاضرة في معسكر "الفاروق" في مدينة قندهار. ركّزت كلمته، بحسب الجهادي، على حصار أمريكا للشعب العراقي، وعلى مواقفها المنحازة لإسرائيل، وعلى ما تقوم به في المنطقة العربية عموماً. ويضيف الجهادي "تحدّث الشيخ عن ضرورة استنزاف أمريكا وردعها".
الإرهاب و"الحبحب"
بالعودة إلى دائرة التخطيط، يقول الجهادي إن بن لادن اجتمع بأعضاء الدائرة قبل شهر من أحداث سبتمبر، وذلك في المجمع التابع لـ"القاعدة" في قندهار. يضيف الجهادي السابق "كنت متواجداً في المجمع بهدف زيارة الشيخ أسامة قبل السفر إلى اليمن، وحينها كان أحد فريق الحراسة الشخصية يقوم بواجب الضيافة، ويقدّم لهم فاكهة الحبحب". والحبحب هي التسمية اليمنية للبطيخ.
يؤكّد الجهادي أنه سمع أيمن الظواهري يقول: "أين سيختبئ الأمريكان لو علموا ماذا نعدّ لهم؟". يقول الجهادي السابق إن كلام الظواهري أضحك بن لادن وأضحك الحاضرين.
"بالبركة" ألمح بن لادن إلى أن الولايات المتّحدة الأمريكية ستُضرب في عقر دارها
وردّاً على سؤال "العربي" حول اجتماع كلّ قادة "القاعدة" في مكان واحد وافتقار ذلك إلى الحسّ الأمني، يقول الجهادي السابق إن الوضع الأمني في أفغانستان، قبل أحداث سبتمبر، لم يكن يستدعي إجراءات أمنية مشدّدة، ومع ذلك فقد كانت هناك ثغرات كبيرة، على حدّ تعبيره. ويلفت إلى أن قيادات "القاعدة" كانوا يجتمعون علناً في مجمَّع معروف في مدينة قندهار، بينما يوجد مجمَّع آخر في مطار المدينة يضمّ العائلات، بما فيها عائلات الشيخ أسامة بن لادن.
كما كانت أكثر المقرّات ظاهرة، بما فيها مقرّ للجنة العسكرية، والذي كان يُسمى "البنتاجون"، ويقع تحت مسؤولية سعدون المصري.
أمّا عن تحرّكات بن لادن، فقد كانت ظاهرة، حيث كان يتنقّل في موكب مكوّن من ثلاث إلى أربع سيارات "بي كب" مع الحراسة وسيارة شبح. ومن وجهة نظره، فقد كان الجهاز الأمني لتنظيم "القاعدة" يسير "بالبركة"، مؤكّداً أن "الشيخ أسامة بن لادن عفا عن أكثر من جاسوس".
مرحلة أخرى
بعد أن أخذ حديث قيادات تنظيم "القاعدة" عن العمليات خارج أفغانستان طابع التلميح، ومع اقتراب المنفّذين من هدفهم، انتقل الحديث إلى مرحلة أخرى. فقبل العمليتين بشهر، وخلال زيارة جديدة لمعسكر "الفاروق"، قال بن لادن للحاضرين: "أريد منكم الدعاء، فقد أرسلت مجموعة من الإخوة إلى الخارج يتفقّدون عمليات تمّ الترتيب لها".
ويضيف الجهادي "لم يذكر الشيخ لنا إلى أين أرسل المجموعة، لكن تفكيرنا ذهب إلى القواعد العسكرية في الخليج العربي، فلم يسبق أن هاجم التنظيم أمريكا داخل أراضيها، كما إننا كنا نستبعد ذلك".
ويبدو أن بن لادن، الذي كان يعرف أن تنفيذ العمليتين اقترب، لم يكن يعلم، حينها، متى ستنفّذ تحديداً، أو أنه كان يخشى فشلها، لهذا فقد عرض 100 دولار أمريكي لمن "يأتيه بخبر فيه بشرى أو عن عملية استهدفت الأمريكان"، حدّ نقل الجهادي السابق.
ويلفت إلى أنه "ربما أراد زعيم تنظيم القاعدة، من خلال هذا العرض، التمويه، خشية وجود مخبرين".
في الأحلام
يقول الجهاد السابق إن حديث بن لادن عن إرسال مجموعة إلى الخارج لتفقّد العمليات شغل تفكير شباب "القاعدة" كثيراً، في مجالسهم، بل وحتّى في الرؤى المنامية. كان بن لادن يطلب ممن لديه رؤيا منامية أن يقصّها عليه، ومن الرؤى التي قُصّت، رؤيا لأحد حرّاس بن لادن من جنسية يمنية، حيث رأى أن "الشيخ" يدرّب الكاراتيه مجموعة من قبيلة بني غامد السعودية، في سطح مركز التجارة العالمي في الولايات المتّحدة الأمريكية.
ويتابع الجهادي السابق: "بعد الأحداث، قال الشيخ لصاحب الرؤيا: والله إن ما رأيته أرعبني، وكنت خائفاً من انكشاف أمر الإخوة" في إشارة إلى الـ19 انتحارياً المكلّفين بتنفيذ العمليتين.
قبل أسبوع
قبل تنفيذ العمليتين في نيويورك وواشنطن بأسبوع، زار بن لادن معسكر "الفاروق"، وعلى غير العادة فقد كانت هذه الزيارة خاطفة، على حدّ وصف المصدر. ويضيف الجهادي السابق: "قال الشيخ في محاضرته إنه لن يمرّ أسبوع حتّى تسمعون خبراً عن أمريكا يهزّ كبريائها وسيكون من أحداث التاريخ المهمّة".
يتّضح هنا أن زعيم "القاعدة" كان على علم بموعد تنفيذ العمليات، وربما كان هناك في أفغانستان من يتواصل مع المنفّذين، ولا يبدو أن ذلك كان صعباً حينها، فلم تكن إجراءات الحرب على الإرهاب كما هي عليه اليوم. وأضاف بن لادن، حسب الجهادي السابق، أنه "في حال نجح هذا العمل لن تبقى أمريكا دولة عظمى بإذن الله".
خطّة بن لادن
خلال محاضرته في معسكر "الفاروق"، في الزيارة السابقة، ألمح بن لادن إلى أن الولايات المتّحدة الأمريكية ستُضرب في عقر دارها، و"سوف تأخذها العزّة بالإثم، وسوف تقصف المجاهدين في أفغانستان بالطيران، وعندما يشاهد المسلمون هذا القصف سيثورون، وبهذا تهتزّ صورة أمريكا وتتوقّف عن قصفنا، وإن استمرّت فسوف تقتلع سفاراتها بأيدي الشعوب".
ويضيف معلّقاً على كلام بن لادن: "هذه هي خطّة الشيخ، لكن للأسف لم يحدث ذلك".
وردّاً على تكذيب متوقّع من "القاعدة" لمعلومات كهذه، يقول الجهادي السابق: "لقد سمعت هذا شخصياً من بن لادن، وأتوقّع تكذيباً لهذا الكلام من تنظيم القاعدة، أو من محسوبين عليه".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها