من هو "الطرف الثالث" الذي سيستلم السلاح من الحوثيين؟
تُثار منذ 25 أغسطس العديد من التكهنات لدى اليمنيين حول "الطرف الثالث" الذي قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه سيتسلم السلاح من الحوثيين، وبشكل سريع وعاجل امتد الصّخب بشكل أعمق داخل أنصار الشرعية.
من المبكر الحكم على مبادرة جون كيري وإن كانت تشير في مبادئ كثيرة إلى إحلال حكومة بدلاً من الحكومة الشرعية، (قد) يحتفظ فيها الرئيس عبدربه منصور هادي بمنصبه بصفته رئيساً منتخباً لكن بدون صلاحيات، وهذا ما يضع تساؤلات عدة عن شكل استعادة الدولة المهترئة في اتفاق سياسي يؤجل الحروب ولا يضع حداً لها.
يوم الأربعاء (31 أغسطس) أعلن الرئيس عن تعيين الناطق باسم الجيش اليمني سمير الحاج عن توليه منصب قائد قوات الاحتياط وهي القوات التي يقودها اللواء علي الجائفي، الذي يعتبره الحوثيون محايداً، وهذه القوة التي كانت تسمى "الحرس الجمهوري" وهي ما تصنف بكونها قوات موالية للرئيس المخلوع تضع يدها على موارد الجيش اليمني وأسلحته منذ الانقلاب في سبتمبر2014م؛ بل كانت مساندة لـاجتياح الحوثيين، على حد الرواية شبه الرسمية لاجتياح صنعاء.
بشكل دولي يرى تلفزيون الميادين وهو تلفزيون تابع لإيران أن: " من غير المتوقع إيجاد هذا الطرف الثالث القادر على تقديم ضمانات فعلية لجميع الأطراف في اليمن إلا إذا كان قادراً ومتوازناً في الوقت نفسه. ولعل أقرب ما يقع بمتناول اليد إذا كانت فكرة الطرف الثالث جديّة وواقعية الواقعية، هو مجلس الأمن بطرفيه الروسي والأميركي، وبطرفيه الإقليميين السعودي والإيراني".
فإيران بشكل جدّي و ربما "عجيب" تتصور جنودها من الحرس الثوري ضمن لجان استلام السلاح من حلفاءهم الحوثيين، وهو ما يدعو إلى التساؤل والريبة حول الطموح الإيراني في اليمن إلى أبعد مما يتصوره المنطق السياسي والأمني الإقليمي.
في مايو الماضي هاجم الحوثيون لواء العمالقة في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران والسيطرة عليه، بالقوة، وهو ما أثار حفيظة الحكومة اليمنية وأعلن وفدها أكثر من مرة تعليق المشاورات حتى خروج الحوثيين منه و وقف السيطرة عليه، ورغم الحقيقة الماثلة أمام الجميع إلا أن الحوثيين نفوا -وأكدوا- بتناقض اجتياحهم للمعسكر، الذي دائماً ما صُنف من قبل الدول الراعية للسلام بكونه محايداً لم يشترك في أي حروب داخلية.
في ذات الوقت كان تصريح يكشف عن هوية هذا الطرف الثالث الذي يُعلق الجميع أبصارهم إليه، وهو ما كشفه عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء، وزير الخدمة المدنية، عضو وفد الحكومة اليمنية الشرعية إلى المشاورات بالقول: " إن هذا اللواء كانت منوطة به مهام مستقبلية في إطار التسوية السياسية وأنه كان محل رهان الأمم المتحدة والأطراف الدولية الراعية لعملية السلام في اليمن".
وأضاف جباري في مقابلته مع صحيفة "الشرق الأوسط" في 3 مايو الماضي أن: «الاعتداء على لواء العمالقة هو محاولة لعرقلة أي حلول في المستقبل، لأن هذا اللواء هو شبه محايد لم يتدخل في الحرب ضد الحوثيين أو معهم وكان معولا عليه، سواء من قبلنا في الحكومة أو من قبل دول العالم، حيث كانت لدى سفراء الدول الراعية للسلام في اليمن قناعة بأن هذا اللواء سوف يقوم بدور إيجابي في المرحلة المقبلة».
واعتبر الاعتداء على اللواء العسكري بأنه يثبت «بما لا يدع مجالا للشك بأنهم (الانقلابيون: الحوثي – صالح) لا يريدون تسليم أسلحة الدولة التي نهبوها واستولوا عليها ولا يريدون الانسحاب من المدن ومؤسسات الدولة كما ينص قرار مجلس الأمن الدولي 2216. وعندما نطرح مسألة تسليم الأسلحة يتساءلون: لمن نسلم.. نقول لهم انسحبوا يقولون لمن ننسحب، لأنهم يريدون هدم المؤسسات بما فيها مؤسسة الجيش وما تبقى من الألوية العسكرية حتى لا نصل إلى السلام».
وسعت جماعة الحوثي إلى إقحام لواء العمالقة في الحرب الدائرة بين الجماعة وقوات التحالف، وذلك بإطلاق صاروخ باليستي باتجاه الأراضي السعودية، من داخل المعسكر أعلنت قوات الدفاع السعودية صده في ذات الشهر. ومثل إطلاق الصاروخ من قبل جماعة الحوثي من داخل المعسكر هدفاً عسكرياً لقوات التحالف وبداية للشن سلسلة غارات جوية مكثفة على اللواء في محاولة لإضعاف قدرات المعسكر الذي يحاول الحوثي التمكن منه.
ووسط ردود فعل غاضبة من الحكومة اليمنية، وصف وزير الخارجية اليمني،عبد الملك المخلافي_حينها_ هجوم الحوثيين على لواء العمالقة بأنه "نسَفَ محادثات السلام"، لأنه اللواء كان يعول عليه أن يكون أحد الألوية التي تستلم السلاح".
تجدر الإشارة إلى أنه في أغسطس من العام الماضي، رفض معسكر العمالقة المشاركة في القتال إلى جانب جماعة الحوثي ملتزم بمبدأ الحياد طيلة أيام الحرب، ما دفع الجماعة المسلحة إلى محاصرته طيلة عام مضى.
ولواء العمالقة هو آخر ما تبقى من قوات "العمالقة" التي أسسها الرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي في السبعينيات من القرن الماضي، من مجموعة ألوية مدرعة ومظليين وصاعقة كانت في عهده بمثابة نخبة الجيش، وشاركت في حرب الوحدة في العام 1994، وصدت تقدم قوات الجنوب نحو الشمال.