ماذا بعد أن تحولت روسيا لظهير سياسي وعسكري لإيران في اليمن؟
تطورات ميدانية وسياسية خطيرة، القيصر الروسي الذي دخل إلى سوريا تحت عنوان "الحرب المقدسة، يشارك الآن في إحكام وتشديد الطوق الإيراني حول السعودية مركز الإسلام السني، فقد اتخذت روسيا بوتين خطوات أكثر جرأة، تجاه الملف اليمني وأمن الرياض، حيث تبنت موسكو بقوة موقف حلف "الحوثي وإيران" وأعلنت ذلك عبر حزمة من السياسات المتتابعة، فقد عرقلت محاولة الأمم المتحدة إلزامهم باتفاق سياسي، ثم دعمت رسميا المجلس السياسي الذي يدشن انقلاب ثاني في اليمن، بتوقيت تعترف فيه إيران بتسليح الحوثي لضرب المدن السعودية الحدودية، بينما تجرب إيران قواعدها العسكرية وتختبر جاهزيتها عبر القاذفات الروسية المستهدفة ضرب سوريا حتى الآن.
فيما حذر مراقبون من أن ما تفعله إيران يدشن حلف وثيق بين الطرفين ضد الخصوم، الأمر الذي يجعل روسيا دولة تعلن العداء صراحة للسعودية بعد أن دعمت أطراف دخلت معها في حرب مباشرة في اليمن وصارت تهدد عمقها الاستراتيجي من ناحية الجنوب، وتأكد أن إيران والحوثيين استغلوا فترة المشاورات والهدنة في إعادة التسلح والتموضع ضد الرياض.
السؤال هل ما تفعله روسيا مجرد مناورة سياسية للضغط على السعودية لتقديم تنازلات في الملف السوري أو تقديم صفقات أكبر، أم أنه تحول استراتيجي كبير تشهده خارطة التحالفات في المنطقة، وتنذر بتكتل روسي إيراني ضد الرياض، وتهديدها بالتدخل العسكري في اليمن، مستغلين حالة التواطؤ الأمريكي؟ في إطار سياسة إنهاك السعودية وعزلها وتطويقها، الأكثر خطورة أن تصبح القواعد العسكرية الروسية الجديدة والقديمة الجاري توسيعها في سوريا، والقاذفات الروسية الجديدة في القواعد الإيرانية مصدر تهديد مباشر للسعودية وحلفاءها وقيد جديد يعرضها للمساومات والابتزاز.
تهديد الحدود بمباركة روسية
الدم السعودي ينزف على الحدود بينما تحتفل روسيا مع الحوثي بالمجلس السياسي الجديد، وتجرب قاذفتها من قواعد بإيران-الخصم التقليدي للسعودية وأكبر مصدر تهديد لأمنها- فقد قُتل 7 مدنيين، أمس الثلاثاء 16 أغسطس/آب 2016، في جنوب السعودية بسقوط قذائف مصدرها اليمن، بحسب الإعلام الرسمي السعودي، في أكبر حصيلة لقتلى مدنيين منذ بدء عمليات التحالف الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين اليمنيين قبل 17 شهراً.حيث قتل قتل 4 مواطنين و3 مقيمين إثر سقوط مقذوف عسكرى على مدينة نجران من الأراضي اليمنية.
نجران حزينة
من جهته قال أحد سكان مدينة نجران في اتصال مع وكالة الأنباء الفرنسية: "نجران حزينة وجريحة اليوم"، مضيفاً "نحن قلقون لكننا لسنا خائفين". وسقط المقذوف العسكري وسط منطقة تجارية صناعية.
وكانت قد شهدت الحدود السعودية اليمنية خلال الأيام الماضية تصاعداً في حدة التوتر، منذ تعليق مشاورات السلام في الكويت برعاية الأمم المتحدة بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المدعوم من التحالف العربي بقيادة الرياض، والمسلحين الحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وعلقت المشاورات في 6 أغسطس بعد عدم تحقيق خرق جدي منذ انطلاقها في أبريل/نيسان الماضي.وبعد أقل من 72 ساعة على تعليقها، استأنف التحالف الذي بدأ عملياته في اليمن في مارس/آذار 2015، شن غارات جوية على منطقة صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون منذ سبتمبر/أيلول 2014.ويأتي التصعيد الحدودي بعد أشهر طويلة من التهدئة.
الحوثيون استغلوا المشاورات للتسلح
بدوره اتهم المتحدث باسم التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن اللواء الركن أحمد عسيري مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح باستغلال مشاورات السلام لإعادة التزود بالسلاح.
وقال عسيري إن مليشيات الحوثي وصالح كانت تخدع المجتمع الدولي من خلال المشاركة في مشاورات السلام بالكويت، بهدف إعادة تنظيم صفوفها ومواصلة تسليح قواتها للعودة إلى القتال.وأشار المتحدث باسم التحالف العربي إلى أن تلك المليشيات ليست لديها أي أجندة سياسية".
جاء ذلك ردا على مقتل سبعة مدنيين في مدينة نجران جنوب السعودية جراء سقوط قذائف أطلقها الحوثيون من وراء الحدود.
روسيا تغامر أم تناور؟
حذر مراقبون من أن تأييد روسيا للمجلس الرئاسي في اليمن بمثابة تهديد لمصالح المملكة وخطر على أمنها، ومتغير يصب لصالح إيران والحوثيين، ويشكل ظهير سياسي وعسكري لإيران ضد خصومها وأولهم الرياض، روسيا تحاول إخضاع الرياض لتقديم تنازلات بالملف السوري عبر تهديدها بالتلاعب بالملف اليمني، إلا أن التهديد الروسي صار أكثر فجاجة وأكثر خطرا، بعد تدشين التعاون العسكري الاستراتيجي لروسيا في الداخل الإيراني.
دعم روسي متصاعد للحوثي وإيران
في تطورات نوعية ستؤثر بالسلب على العلاقات "السعودية الروسية" حضرت روسيا إلى جانب إيران في الحفل الذي أقامه الحوثيون لتدوير "سلطة الأمر الواقع" في صنعاء، ووصف القائم بأعمال السفارة الروسية بصنعاء اوليغ دريموف قرار تشكيل المجلس السياسي الأعلى في اليمن، من قبل جماعة الحوثي وصالح لإدارة شؤون الدولة بالخطوة الصائبة.
وقال خلال حضوره مراسيم تدوير السلطة بين قياديين في جماعة الحوثي: "بشكل عام، هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح، حيث هناك مشاركة جماهيرية أوسع من خلال أكبر الأحزاب في هذه السلطة الواقعية" وفقا لما نشرته قناة اليمن اليوم التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
الاثنين، وقبل ظهور تصريح دريموف، قال السفير الروسي في اليمن فلاديمير ديدوشكين، المتواجد في موسكو لوكالة "تاس"، إن قضية خطيرة معقدة تتشكل حول الأزمة اليمنية بعد تصعيد الوضع الأمني هناك، داعيا إلى حل النزاع من خلال المفاوضات فقط.ولم يوضح السفير ما هيّة التعقيد حول القضية. مضيفاً أن معارك تجري الآن حتى في أراضي السعودية.
ابتزاز وتصفية حسابات
في إطار رصده للموقف الروسي قال ياسر الزعاترة- الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الأردني- إن تأييد روسيا للمجلس السياسي الذي شكله الحوثيون وحزب الرئيس اليمني السابق جاء ردا على ما جرى في حلب، وهدفه الابتزاز.
وأضاف - في تغريده له على حسابه الشخصي على "تويتر"- " بوتين سبق الموقف الراهن بتأييد المجلس السياسي الجديد في اليمن بتعطيل قرار أممي، لا حاجة للتحليل، هو ابتزاز، ورد على ما يجري في حلب"، واصفا بوتين بالتاجر، الثابت الأول عند بوتين في المنطقة هو الأمن الصهيوني، وبعد ذلك الدور والحضور، حقيقة لن يعترف بها أدعياء الممانعة"
روسيا تعزز موقف الحوثي إيران في الأمم المتحدة، فقد أشادت جماعة (الحوثيين)،على لسان الناطق الرسمي باسم "الحوثيين"، محمد عبدالسلام، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": بعرقلة روسيا إصدار بيان من مجلس الأمن الدولي يطالب الجماعة وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتعاون مع المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
كنت قد أكدت مصادر دبلوماسية غربية في 3/8/2016 إن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، طالب أعضاء مجلس الأمن الدولي بالتحرك وإظهار الدعم اللازم لمسودة الاتفاق الأممية.