أحلام الدمج والترقيم تضيع بين وعود المقاومة وتطمينات الشرعية
ين مطار عدن الدولي، وقاعدة العند، ومعسكر رأس عباس، مسافة جغرافية طويلة، مملوءة بقصص العشرات من عناصر "المقاومة الجنوبية"، ممّن تلقّوا "وعوداً كاذبة" بإلحاقهم بالسلك العسكري، التابع للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي.
مطار عدن الدولي كان مسرحاً لواحدة من تلك القصص. إنّها معاناة مجموعة من عناصر "المقاومة" أُلقي بها إلى الشارع، بعدما تسلّمت مهمّة "تأمين" المطار، إثر خروج "أنصار الله" والقوّات المتحالفة معها من عدن، قبل عام.
حينها، شكّل مقاتلون من مديرية خور مكسر العمود الفقري للقوّة التي أمّنت المطار. ومع مرور الوقت، بدأت السلطات تطالب هؤلاء بتسليم المطار، وإخلائه فوراً. بعد أخذ وردّ، وافق "حماة" المطار على تسلميه، متجاهلين الأصوات التي حاولت دفعهم للدخول في صدام مسلّح مع قوّات الأمن، باعتبارها "دعوات لإغراق عدن في الفوضى، وتكرار مشاهد الإشتباكات التي دارت في أكثر من مرفق حكومي ومؤسّسة، قبل استعادتها من السلطات، إمّا بالقوّة، أو بدفع مبالغ طائلة لمن سيطروا عليها، من مجاميع مسلّحة تحت مسمّيات مختلفة".
إكتفى مقاتلو خور مكسر بوعود صريحة أطلقها وزير الداخلية ومدير الأمن، بأنّهما سيكافآنهم نظير حفاظهم على المطار، بالإلتحاق بالسلك العسكري، وإشراكهم في دورة للتأهيل في دولة إرتيريا، قبل توظيفهم رسميّاً. لم يمض وقت طويل، حتّى أدرك عناصر "المقاومة" زيف وعود سفرهم إلى الخارج، فتمّ احتواؤهم بالتلويح بورقة "العند". من عدن إلى لحج، تحرّكت المجموعة، وعلى أسوار قاعدة العند، كانوا على موعد، خلال ثلاث رحلات، مع تلقّي الإجابة ذاتها من حرّاس بوّابة المعسكر، "أسماؤكم غير موجودة في الكشف"، "عودوا من حيث أتيتم". امتدّت معاناة عناصر "المقاومة" إلى اتّهام بعضهم بأنّهم "قاعدة"
في عدن أيضاً، تلقّوا تطمينات بأن أبواب معسكر "رأس عباس" مفتوحة أمامهم، توجّهوا إلى المعسكر، فاستمعوا إلى الكلمات التي اخترقت مسامعهم في العند، وأشعلت نار الغضب في نفوسهم. عندها، كان في نيّتهم التصعيد لولا تدخّل القيادي الجنوبي، سليمان الزامكي، لنزع فتيل خلافهم مع المؤسّسة الأمنية، فتمّ الإتّفاق على تعيين لجنة لترقيمهم، وصرف رواتب لهم شهرياً.
ألف ريال سعودي، فقط، استلمها كلّ فرد منهم، باستثناء من سقطت أسماؤهم سهواً. بعدها، انقطعت رواتبهم منذ ستّة أشهر. كانت الخطوة، على ما يبدو، كمخدّر لم يدم طويلاً في ظلّ عدم الوفاء بضمّهم إلى السلك العسكري.
لم تقتصر معاناة عناصر "المقاومة" عند حدود تجاهلهم وتهميشهم، بل امتدّت إلى اتّهام بعضهم بأنّهم "قاعدة"، حتّى يكفّوا عن المطالبة بحقوقهم المشروعة؛ وتظلّ الشبهات تحوم حولهم كلّما أرادوا لفت السلطات المعنية لمعاناتهم المريرة، التي دفعت عدداً من شباب حيّ السلام إلى الإنسحاب من أعمالهم في إدارة الأمن والمؤسّسات العامّة، بعد أن أدركوا أن لا أصواتهم مسموعة ولا حقوقهم مصانة، وأن ما بقي من تضحياتهم مجرّد ذكرى دُفنت في المطار.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها