خلال الأشهر الماضية، أطلقت مؤسّسة "صوت المدنية" مشروعاً جديداً حمل عنوان "سينما صوت لمواجهة الحرب والتطرّف"، وتعزيز أهمية التعايش والتنوّع والسلام، ونبذ العنف في أوساط الشباب والمجتمع. وفي 4 نوفمبر من العام الماضي، دشّنت "صوت"، بالتعاون مع السفارة الهولندية، المرحلة الأولى من مشروعها في أحد المقاهي وسط صنعاء. ومن جديد، عاودت المؤسّسة التي تأسّست في 2010، والمهتمّة بالجانب الثقافي والإعلامي، خلال الأيّام القليلة الماضية، تزخيم نشاطها، مطلقة المرحلة الثانية من فعّاليّاتها السينمائية.
أهداف "صوت"
رئيسة المؤسّسة، الكاتبة والشاعرة اليمنية سماح الشغدري، ترى في حديث إلى "العربي"، أنّه "لا شكّ في أن الثقافة هي الأداة الوحيدة التي يمكن أن تجمع كلّ الناس بمختلف الأطياف والإنتماءات، ويمكن للفنون البصرية، تحديداً، إيصال الرسالة بشكل سريع وسهل، وهذا ما نحتاجه في مجتمع مثل اليمن".
وتقول الشغدري إن "التوجّه لعامّة المجتمع، وتحديداً الشباب، في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ فيها اليمن، هو هدف رئيس لصوت من خلال السينما، لطرح عدّة قضايا بشكل راق وخفيف وغير مباشر، ومن تلك القضايا أهمية التعايش والتنوّع والسلام، ونبذ العنف والتطرّف، ورفض النزاعات المسلّحة والعنف، وهذا ما نطرحه من خلال الأفلام".
وتناولت سينما "صوت" العديد من الأفلام العربية والمحلّية والأجنبية، التي ناقشت قضايا الحقوق والحرّيات والتمييز، وآثار الحرب والصراعات المسلّحة على المجتمع، وخاصّة النساء والأطفال.
صراع اجتماعي
وعرضت "صوت"، في انطلاق المرحلة الثانية من مشروعها، الفيلم الكوميدي الأمريكي "أضواء المدينة"، الذي أُنتج في 1931م، وهو من تأليف وبطولة وإخراج "تشارلي شابلن".
ويتناول الفيلم الصراع الإجتماعي القائم بين طبقتي المترفين والمشرّدين في المدينة، بحسب عرض الصحافي علوي السقاف.
ويشير السقّاف إلى أن تشابلين، في الكوميديا، يعتمد على تناول اللقطات البعيدة المجسّمة للتراجيديا.
مقاومة سلمية
تعتبر الشغدري أن "فكرة المشروع، في هذه المرحلة، مهمّة كنوع من المقاومة السلمية، التي ترفض كلّ ما يحدث من نزاعات داخلية في البلاد".
وتوضح "أنّنا نحاول أن نثبت للجميع أن المجتمع اليمني لا يرفض الفنون، ولا يستهجن الفعل السينمائي كما هو شائع، بل على العكس، يحتاج للعديد من الأدوات الثقافية التي تسعى لتغيير فهمه للأشياء، ليس السينما فحسب، بل المسرح والفنّ التشكيلي والغنائي والدرامي وغيرها من أدوات راقية، يمكنها أن تحدث تغييراً إيجابيّاً في تناول الناس للقضايا ونقاشها".
إعادة تأهيل المجتمع
يشدّد الصحافي يحيى أحمد على "أنّنا يجب أن نؤمن بدور السينما في تنمية المجتمع أفراداً وجماعات، انطلاقاً من عرض أنماط الحياة المختلفة لخلق وعي بين المتابعين في صالح إعادة صياغة الحلول الناجعة للمشكلات، ومناصرة قضايا الحقوق والحرّيّات التي ستشكّل انطلاقة للمجتمع الديموقراطي".
ويعتبر أحمد أن "السينما تعدّ شكلاً آخر من أشكال المقاومة اللاعنيفة، بحيث نتمكّن من خلالها من إعادة تأهيل المجتمع، بما يمكّنه من إعمار الدمار النفسي والمادي الذي أحدثته الحرب في أرجاء البلد".