هل يتجه اليمن نحو تقسيم فعلي؟
تم تقسيم اليمن فعليا بفعل الحرب بين الحكومة المدعومة من السعودية للرئيس «عبد ربه منصور هادي» وبين المتمردين الزيديين الحوثيين الشيعة.ومن غير المرجح أن تنجح خارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة في توحيد البلاد مرة أخرى، ولكنها قد تنجح في الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش في البلاد.
تم اعتماد مجلس الأمن القرار 2216 في إبريل/نيسان عام 2015 بهدف توفير إطار للحل في الحرب اليمنية. ويبدو هذا القرار هو وثيقة أحادية الجانب تلوم الحوثيين وحلفاءهم من أنصار الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح» وتطالب بانسحاب قواتهم من العاصمة صنعاء وإعادة حكومة الرئيس «هادي». وكان الروس قد امتنعوا بدورهم عن التصويت على القرار الذي وصفوه بأنه أحادي الجانب.
ونجح المبعوث الخاص للأمم المتحدة «إسماعيل ولد الشيخ أحمد» في إقناع الجانبين بالتزام وقف إطلاق النار لمدة شهرين تقريبا على الرغم من العديد من الانتهاكات من قبل الجانبين. ومع ذلك فإنه من أجل المضي قدما في مسيرته فإنه سوف يواجه قيودا بسبب عدم كفاية قرار 2216. تبدو خارطة الطريق غامضة، ولكنها تواصل التأكيد على الصيغة الأساسية للقرار 2216.
وأعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة مؤخرا أن خارطة الطريق من غير المرجح أن يتم تنفيذها. الحوثيون من غير المرجح أن يقوموا بترك صنعاء وغيرها من مدن الشمال ونزع سلاحهم من أجل السماح بعودة حكومة «هادي». كحد أدنى، فإنهم سوف يشترطون تشكيل حكومة انتقالية جديدة لتحل محل النظام القديم غير الموثوق، بما يشمل رحيل «هادي».
ويبدو موقف السعوديين من الحرب غير واضح في الوقت الراهن. وعد ولي ولي العهد ووزير الدفاع الأمير «محمد بن سلمان» (مهندس قرار الحرب السعودية) الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الأسبوع الماضي بالتوصل إلى حل سياسي للحرب. وتحدث وزير الخارجية السعودي عن الحاجة للتوصل إلى تسوية مع الحوثيين. وقد قللت الرياض من وتيرة حديثها حول علاقات الحوثيين بإيران مقارنة بالعام الماضي حين بدأت في شن حربها. هل ستكون الرياض على استعداد للضغط على «هادي» من أجل التنحي؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فهل سيكون بمقدور الأمم المتحدة الضغط على الحوثيين للسماح له بالعودة؟ معظم أوراق المملكة تتعلق بـ«هادي»، لكن من غير الواضح كيف تريد اللعب بها.
وأعلنت الإمارات العربية المتحدة، حليف السعودية الرئيسي نهاية الحرب بالنسبة لها، لكنها تراجعت في نهاية المطاف. لقد كانت الحرب مكلفة في الأرواح والأموال بالنسبة إلى الائتلاف، ولكنها كانت أكثر تدميرا بالنسبة إلى الشعب اليمني. تعاني البلد كارثة إنسانية، وقد تسببت أغنى الدول العربية في خراب أفقرها، ولذا فإن عليها مسؤولية أخلاقية في مساعدتها على التعافي.
ومع ذلك، فقد أعطت الحرب مع المتمردين الحوثيين في اليمن السعودية السيطرة الفعلية على الجانب اليمني من مضيق باب المندب الحاسم بين آسيا وإفريقيا. نجح السعوديون في السيطرة على ميناء عدن على مدخل البحر الأحمر قبل عام كما نجحت في السيطرة على جزيرة بريم الاستراتيجية في باب المندب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما نجح حلفاؤها اليمنيون في السيطرة على جزيرة سوقطرة في خليج عدن أيضا. في ربيع هذا العام، قامت القوات السعودية والإماراتية بالسيطرة على المكلا عاصمة منطقة حضرموت في جنوب شرق اليمن، بعيدا عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. تعتبر المكلا هي خامس أكبر المدن اليمنية وهي تفتح الطريق أمام اليمنيين للسيطرة على أراضي الربع الخالي نحو المحيط الهندي.
كل هذا يعني أن الحرب قد قسمت اليمن بحكم الأمر الواقع. وقد أيد السعوديون الاتفاق الهش لوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة والمفاوضات السياسية في الكويت. خلال زيارة ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» إلى الأمم المتحدة هذا الأسبوع، فقد أعاد تأكيد تلك الالتزامات.
فيما تقول أطراف محادثات الأمم المتحدة في الكويت إنهم يريدون يمنا موحدا، فإن العديد من الجنوبيين يفضلون العودة إلى استقلال الجنوب. دعمت المملكة التمرد الانفصالي الجنوبي في عام 1994، وفي منطقة الشرق الأوسط فإن الانقسامات المؤقتة غالبا ما تميل لتصبح دائمة.
قد يفضل الحوثيون الاحتفاظ بالعاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المدن الشمالية الكبرى على غموض الدخول في حكومة انتقالية. وبحكم الأمر الواقع، يسيطر الحوثيون على الشمال حيث الأغلبية الزيدية، في حين يتمتع الجنوب بأغلبية سنية.
ومن المفارقات أن الرئيس السابق «علي عبد الله صالح» هو والد الوحدة اليمنية الحديثة حيث قام بتوحيد البلاد في عام 1990. يتحمل «صالح» اللوم الأكبر في معاناة اليمن في الوقت الراهن. وعلى الرغم من أنه كان مطالبا بالتنحي قبل خمس سنوات عندما بدأ الربيع العربي ، إلا أنه استمر في التشبث بالسلطة. وربما تكلف مكائده اليمن الآن وحدتها قصيرة الأجل.