علاقة المخلوع صالح بنخب الجنوب النفعية
صور جديدة للمخلوع تداولت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو يقوم بعمل عبد التمارين المعينة في موقف عكس على ما يبدوا ولع الرجل بالظهور الاعلامي بين الفينة والأخرى .
آ
وتاتي هذه الصور في وقت تداول في وسائل اعلام تقارير خطيرة حول تصرفات في بعض المحافظات الجنوبية تخدم المخلوع علي صالح في المراحل الحساسة منذ عدة سنوات، كان آخرها إقدام مسلحين على محاصرة وفد المقاومة الشعبية في تعز في أحد فنادق مدينة عدن، يوم الأحد الماضي، والذي حضر للاجتماع بالقيادات العسكرية للتحالف في مدينة عدن بطلب منها،
وذكرت مصادر مختلفة أن المسلحين أطلقوا النار خارج الفندق وقاموا بإتلاف إطارات العربات العسكرية (الأطقم) الخاصة بالقيادات المحاصرة.
آ
يضاف إلى هذه الأحداث حوادث أخرى تصب في خدمة المخلوع صالح ومشروع الانقلاب وتسهم في إجهاض المشروع الوطني، مثل العمليات الإرهابية الهادفة إلى عرقلة عودة الرئيس هادي والحكومة الشرعية إلى عدن،
آ
واغتيال بعض الشخصيات الغير مرغوب فيها، وخاصة قيادات المقاومة الشعبية، وبعض رجال الأمن، والاعتداء على مواطنين شماليين وترحيلهم ونهب ممتلكاتهم، وانتشار العناصر والمجموعات الإرهابية في بعض المدن والقرى، وأعمال التقطع للمسافرين، ونهب البنوك وبعض الممتلكات.. إلخ.
آ
– العلاقات النفعية
آ
تمكن المخلوع صالح، خلال سنوات حكمه، من نسج علاقات زبائنية ونفعية مع مشائخ القبائل وقيادات المجموعات المتطرفة في المحافظات الجنوبية، وأيضاً في المحافظات الشمالية، بالإضافة إلى استمالة بعض السياسيين والضباط من أبناء الجنوب إلى صفه، وقد أفاده ذلك كثيراً في أوقات السلم والحرب على حد سواء. ففي السلم، يستفيد المخلوع صالح من هذه العلاقة في التأثير على قناعات الناخبين وشراء الأصوات وتزوير الانتخابات، وفي أوقات الحرب أو الأزمات السياسية يستفيد من علاقاته هذه في التخطيط لأحداث إرهابية أو غيرها بغية خلط الأوراق، أو التشويش على الجمهور، وخلق إنطباع سيء إزاء بعض التطورات.
آ
يوجد في الجنوب الكثير من الموالين للمخلوع صالح حتى هذه اللحظة، رغم ما مرت به البلاد من تقلبات وأزمات شمالاً وجنوباً، ولعب المال السياسي ونفوذ بعض اللاعبين الإقليميين والدوليين في الجنوب دوراً كبيراً في بقاء حالة الموالاة هذه، والتي استفاد منها المخلوع صالح كثيراً، وجعلت في الوقت نفسه من المشهد في الجنوب يمر بحالة من الشذوذ السياسي بسبب تصرفات بعض النخب السياسية والعسكرية والدينية والاجتماعية هناك،
آ
والتي جعلت من غالبية مواطني الجنوب في حالة من التيه السياسي، فلا الانفصال تحقق، ولا الوحدة ترسخت، ولا الجنوب تحرر بالكامل من الانقلابيين، ولا العاصمة المؤقتة عدن تم تأمينها، ولا تنظيم القاعدة تمكن من السيطرة بالكامل على بعض المديريات، ولا السلطات الأمنية تمكنت من القضاء عليه تماماً أو تحجيم نشاطه على الأقل، ولا مشائخ القبائل، خاصة الذين زرعهم المخلوع صالح حتى في عدن، أعلنوا براءتهم منه وانقلبوا عليه، ولا حزب المؤتمر، الواجهة السياسية للمخلوع صالح، اختفى من الجنوب، بل ويتحالف مع فصائل الحراك الانفصالي في الانتخابات الطلابية كما حصل في جامعة حضرموت قبل أسابيع قليلة.
آ
– الجماعات الإرهابية
آ
ومما لا شك فيه، أن الجماعات المسلحة والإرهابية في الجنوب تعتبر من أكثر الأطراف التي تخدم المشروع الانقلابي، وتخدم المخلوع صالح، بدليل أنه عندما كان الرئيس هادي وحكومة الوفاق في صنعاء، كانت العمليات الإرهابية وحالات الاغتيال تتم بشكل شبه يومي في صنعاء، حيث تم اغتيال الكثير من الضباط والسياسيين، وحدثت عمليات إرهابية فظيعة، مثل العملية التي استهدفت مستشفى العرضي،
آ
والعملية التي استهدفت عدداً كبيراً من الجنود في ميدان السبعين كانوا يحضرون بروفة للاحتفال بعيد الوحدة، والعمليات التي استهدفت كلية الشرطة عدة مرات، وحصدت العمليات المذكورة عدداً كبيراً من الأرواح. وبعد أن انتقل الرئيس هادي إلى عدن، وبعض أعضاء الحكومة الشرعية، توقفت العمليات الإرهابية في صنعاء وانتقلت إلى عدن، وتسببت في عرقلة عودة الرئيس هادي والحكومة الشرعية إلى هناك، وتسببت أيضاً في إزهاق عدد كبير من الأرواح.
تعود العلاقة بين المخلوع صالح والجماعات الإرهابية إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، وذلك عندما استقبل ما أطلق عليهم "الأفغان العرب" العائدين من أفغانستان، والذين رفضت بلدانهم استقبالهم، حيث دمج بعضهم في قوات الجيش والأمن، وسمح للبعض الآخر بتشكيل جيش عدن أبين الإسلامي.
آ
وتفيد بعض المصادر أن أسامة بن لادن قال بعد هزيمة وخروج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان: "لا بقيت ما بقي الحزب الاشتراكي في اليمن"، وأنه بعد ذلك عرض على علي صالح سد العجز في موازنة الدولة اليمنية مقابل السماح له ولجماعته في قتال وتصفية الحزب الاشتراكي، وحدث بعد ذلك أن تم اغتيال عدد كبير من قيادات الحزب الاشتراكي على أيدي "الأفغان العرب"، وكان ذلك أحد أسباب الأزمة السياسية التي أدت إلى حرب صيف 1994.
آ
وما زال تنظيم القاعدة في اليمن، وغيره من الجماعات المتطرفة، متحالفاً مع المخلوع صالح حتى اليوم، فالتنظيم سيطر على أجزاء واسعة من محافظة أبين في العام 2011 أثناء الثورة الشعبية بإيعاز وتواطؤ من قبل المخلوع صالح، وعندما سيطر التنظيم على محافظة حضرموت مؤخراً كان يجلد من يرفعون شعار الانفصال بإيعاز من علي صالح أيضاً.
آ
– فشل النخب الجنوبية
آ
إن الحديث عن نفوذ المخلوع علي صالح في الجنوب لا يعني أن لديه قدرات سياسية خارقة، لكن الظروف المختلفة التي مر بها الجنوب جعلت من السهل على علي صالح، ومؤخراً بعض الدول الإقليمية، من استغلال خلافات الجنوبيين فيما بينهم، وتوظيف ذلك لتوسيع النفوذ السياسي، وكان للمال السياسي الدور الأبرز في ذلك.
آ
يعود نفوذ المخلوع علي صالح في الجنوب إلى سنوات ما قبل الوحدة، حيث كانت صنعاء الوجهة الأقرب للجنوبيين الهاربين من بطش النظام الحاكم في عدن. وبعد أحداث 13 يناير 1986، استقبل علي صالح قيادات ما عرف حينها بالزمرة، أي جناح علي ناصر محمد في الحزب الاشتراكي، إلا أنه بعد الاتفاق على موعد تحقيق الوحدة اقتضت التفاهمات التي جرت وراء الكواليس بين قيادات الشطرين أن يغادر فريق الزمرة العاصمة صنعاء إلى خارج البلاد.
آ
وبعد تحقيق الوحدة، استمال علي صالح زعماء القبائل الجنوبية وبعض الشخصيات الاجتماعية الذين كانوا قد تضرروا كثيراً من نظام عدن الاشتراكي قبل الوحدة، الذي همش مشائخ القبائل واضطهدهم وتسبب في هروب البعض منهم إلى الشمال والبعض إلى دول الجوار.
آ
وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن الموالين للمخلوع صالح في الجنوب هم: الجماعات المتطرفة (داعش والقاعدة)، الشخصيات الاجتماعية وبعضها تشغل مناصب قيادية في حزب المؤتمر، بعض الضباط في الجيش والأمن، وفئات أخرى معادية لمختلف المكونات السياسية في الجنوب لدوافع تاريخية وثأرية وتشعر بالتهميش.
آ
وقد لعب هؤلاء أدواراً سلبية في محطات مختلفة أسهمت في خدمة المخلوع صالح، مثل: المشاركة في تزوير الانتخابات أثناء المواسم الانتخابية، والتأثير على قناعات الناخبين وشراء أصواتهم. وعندما ظهر الحراك الجنوبي، أسس بعضهم ما أطلق عليه "جمعيات الدفاع عن الوحدة"، كانت تقوم بقمع مظاهرات الحراك.
آ
وفي ثورة فبراير 2011 كان بعضهم يعتدي على ساحات التغيير في عدن والمكلا، وتنظيم القاعدة سيطر على أجزاء واسعة من محافظة أبين. وبعد الانقلاب على السلطة الشرعية وتحرير عدن من الانقلابيين، نشطت الخلايا النائمة التي زرعها علي صالح في الجنوب، وما زالت تواصل نشاطها المناهض للمشروع الوطني والمساند للمخلوع صالح بشكل غير مباشر، والدليل على ذلك اغتيال وملاحقة أبرز قيادات المقاومة الشعبية، وتعمل على استمرار تدهور الوضع الأمني، وغير ذلك من التصرفات الشاذة والطائشة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها