الحكومة التي انقلبت على مواطنيها.. آلاف الموظفين خارج كشوفات الراتب
منذ وضعت مليشيات الحوثي وصالح يدها على مؤسسات الدولة وأصبحت هي صاحبة القرار بدأت رحلة تشرد لآلاف الموظفين في مؤسسات الدولة بقطاعيها المدني والعسكري.
وأمام ضراوة حملات الاعتقالات والقتل الممنهج التي انتهجتها مليشيات الإنقلاب بحق مناوئيها كانت مغادرة العاصمة صنعاء وعدد من المدن الواقعة تحت سيطرتها هو الخيار الوحيد للآلاف من النشطاء تاركين خلفهم وظائفهم وأعمالهم في مختلف المجالات.
ورغم بقاء البنك المركزي ومختلف الموارد المالية الحكومية تحت تصرف المليشيات، وفقاً للرغبة الدولية التي ضغطت من أجل ذلك تحت مسمى حيادية البنك المركزي، فإنها قد حرمت قطاعاً واسعاً من الموظفين الحكوميين في السلك المدني والعسكري من مرتباتهم تحت حجج ومبررات عدة من أهمها عدم تواجدهم في مقار أعمالهم أو لرفضهم تلقي التوجيهات من سلطات الانقلاب في صنعاء.
في الرياض والقاهرة وعمان واسطنبول وعواصم أخرى وجد اليمنيون أنفسهم أمام خيار اللجوء الإجباري في ظروف صعبة للغاية بعد أن فقدوا مصادر الدخل يواجهون واقعاً صعباً دون مساندة من أي نوع.
الكتلة الأكبر من هؤلاء المشردين كانوا يعملون في مؤسسات الدولة في مختلف القطاعات، ومنذ عام ونصف اتخذت السلطات الإنقلابية قرار توقيف رواتبهم وذهبت إلى خيارات أشد قسوة وصلت حد الفصل بحق عدد كبير من الموظفين، كما حدث ل ٣٨ صحفياً من العاملين في وكالة الأنباء الحكومية و ٦٦ أكاديمياً من العاملين في جامعة صنعاء، وآخرين في وزارات ومؤسسات حكومية مختلفة، دون أن يصدر عن مسؤولي السلطة الشرعية أي تصريح أو موقف يطمئن هذه الشريحة إلى ضمان حقوقها أو أنها ستحصل على تعويضات ملائمة.
في المقابل أبدت الحكومة الشرعية المتنقلة بين الرياض وعدن سلبية واضحة تجاه هذه الشريحة الواسعة التي وجدت نفسها تصارع الاحتياجات اليومية إلى جانب معاناة التشرد.
ورغم محاولات كثيرة بذلت من قبل المتضررين للتخاطب مع الحكومة لحل هذه المشكلة إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل. حتى عندما تحتاج الحكومة إلى موظفين للقيام بأعمال مساعدة للوزراء والمسؤولين الموجودين في الرياض فإن الوزراء والمسؤولين يعمدون إلى اختيار أشخاص من خارج منتسبي الجهاز الإداري للدولة منتهجين معايير لا علاقة لها بالمهنية ومبدأ الأولوية وتكافؤ الفرص وإنما يعتمدون في اختيار موظفين مساعدين لهم على معايير القرابة والمعرفة الشخصية، ما اضطر كثيراً من منتسبي الجهاز الإداري للدولة إلى البحث عن مصدر للعيش.
فبعد عام من المتابعة حصل البرلمانيون المؤيدون للشرعية الذين أوقف الحوثيون مرتباتهم على موافقة من الرئيس هادي لدفع مرتباتهم وبالفعل بدأت الحكومة بدفع مرتباتهم من الشهر الماضي.
إلا أن قضاة وضباط شرطة وإعلاميين وفنيين في مختلف التخصصات من موظفي الدولة الذين اضطروا لمغادرة أعمالهم في العاصمة صنعاء قطعت رواتبهم لم يجدوا أي استعداد لدى الحكومة للإلتزام بدفع مرتباتهم عوضاً عن المرتبات التي صادرتها سلطات الإنقلاب في صنعاء.
ويشكو عدد من أعضاء البعثات الدبلوماسية في سفارات اليمن في الخارج من تعمد الحكومة الشرعية حرمانهم من حقوقهم الأساسية، وخصوصاً العاملين في الملحقيات الفنية “إعلامية، ثقافية، وغيرها من الملحقيات”..
حصل "المصدر أونلاين" على تفاصيل "معاملة حكومية" تحمل اسم مجموعة من الملحقين الإعلاميين بسفارات اليمن في الخارج في مقدمتهم الشاعر والأديب الكبير سلطان الصريمي المستشار الإعلامي بسفارة اليمن في القاهرةإلا أنها متعثرة منذ أكثر من شهرين رغم أن نفقات السلك الدبلوماسي تم تغطيتها من المنحة المالية التي قدمتها دولة قطر خصيصاً لهذا الجانب، وتم الصرف للدبلوماسيين التابعين لوزارة الخارجية واستثني منها أعضاء البعثات المنتدبون من بقية الوزارات.
وحسب تفاصيل ملف معاملة الملحقين الإعلاميين فإن توجيهات صدرت عن نائب رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء بصرف مستحقات الملحقين الإعلاميين وبدوره وجه رئيس الوزراء إلى وزير الخارجية بصرف مستحقات أعضاء البعثات الدبلوماسية المشمولين في الكشف من المنحة القطرية.
إلا أن قيادة وزارة الخارجية تملصت من تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء متعللة بكون المنحة القطرية مخصصة لتغطية مرتبات الدبلوماسيين التابعين لوزارة الخارجية فقط.
وحسب توصيف أحد الموظفين الحكوميين الذين تم فصلهم من وظائفهم من قبل مليشيات الإنقلاب في صنعاء وامتنعت الحكومة الشرعية في الرياض عن منحهم أي مستحقات فإن "ما يزيد الوضع صعوبة هو احتماء مسؤولي الحكومة الشرعية خلف أسوار النزوح في بلد الجوار أو في مدينة عدن التي تعيش أوضاعاً أمنية غير ملائمة، ما يفقد المتضررين من الإهمال الرسمي القدرة على الاحتجاج أو رفع أصواتهم في وجه الإهمال واللامبالاة التي يبديها المسؤولون الحكوميون تجاه منتسبي القطاع الحكومي الذين صادرت سلطات الإنقلاب حقوقهم وواجهتهم الحكومة الشرعية بتصرف لا يقل سوءاً عن تصرف الإنقلابيين".
وتمتد المشكلة لتشمل القطاع العسكري حيث يظل المجندون الجدد في المعسكرات أو في جبهات القتال لأشهر عدة دون أن تصلهم رواتبهم وتحشد الحكومة أعذاراً أكثر مما تبديه من التحرك للبحث عن وسائل لتغطية التزاماتها تجاه مواطنيها.
وتستمر مليشيات الإنقلاب في التحكم بالموارد المختلفة للبلد من ضرائب وجمارك ورسوم موانئ بحرية وجوية ومنافذ برية بما فيها الواقعة في المناطق المحررة، بينما تستمر الحكومة في الشكوى والبحث عن منح مالية لتمويل تحركات الحكومة ومرتبات المسؤولين القابعين في أعلى درجات السلم الوظيفي فقط والذين تم تسكينهم ضمن طاقم حكومة المنفى المكفولة أجورهم.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها