توجه يمني لاستثمار أموال المغتربين
تعتزم الحكومة اليمنية -ضمن الخطة الاقتصادية الشاملة لها- توجيه رأسمال المغتربين اليمنيين للاستثمار في البلاد، للدفع بعملية التنمية وإصلاح البنى التحتية، بهدف النهوض بالوضع الاقتصادي الهش في البلاد والذي يمثل مصدر قلق يؤرق الحكومة الانتقالية.
وقال مسؤول حكومي في وزارة شؤون المغتربين اليمنيين إن وزارته أعدت في هذا الجانب خطة متكاملة لاستثمار أموال المغتربين، تم إقرارها ضمن البرنامج الاقتصادي العام لحكومة الوفاق الوطني للعمل بها خلال الفترة الانتقالية.
دراسة جدوى
وأشار الوكيل المساعد لشؤون الجاليات اليمنية عبد القادر عائض إلى أن الوزارة قامت بتسليم هذه الخطة لشركة استشارية، لإعداد دراسة جدوى اقتصادية متكاملة بشأنها سيتم الإعلان عنها خلال الأيام القادمة.
وأوضح عائض في حديث للجزيرة نت أن الخطة المقدمة تتضمن تأسيس بنك خاص بالمغتربين اليمنيين يتم من خلاله إنشاء شركتين استثماريتين إحداهما صناعية والأخرى عقارية.
وأضاف "عقدنا عدد من اللقاءات مع أكثر من مجموعة من المغتربين لمناقشة هذا الأمر، وأوضحنا لهم أننا في الوقت الذي سنقدم فيه للمغتربين خدمة لتنمية مواردهم، سنسعى إلى أن نقدمها لهم في بلدان الاغتراب من خلال إيجاد فرص لتنمية مواردهم في إطار الدولة المغترب فيها".
وكان تقرير صادر عن حكومة الوفاق الوطني العام المنصرم قال إن عدد المغتربين اليمنيين بلغ ستة ملايين في مختلف دول العالم، وإن حجم استثمار هؤلاء المغتربين يقارب 33 مليار دولار في بلدان اغترابهم مقابل استثمارهم في الداخل المقدر بخمسة مليارات دولار.
وأشار التقرير إلى أن تحويلاتهم الرسمية وغير الرسمية تصل إلى ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار سنوياً، وهو رقم يفوق مجموع التدفقات النقدية للمانحين خلال السنوات الأخيرة.
غير أن عائض أشار خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن تلك الأرقام تظل تخمينية وغير دقيقة، مقدراً عدد المغتربين اليمنيين المسجلين رسمياً في مختلف دول العالم بنحو 5.2 ملايين مغترب، إضافة إلى وجود مئات الآلاف من اليمنيين الذين يعملون في الأراضي السعودية ودول خليجية بطريقة غير شرعية.
تهيئة البيئة
ويرى اقتصاديون أن بإمكان هذه العائدات المالية توفير ميزة اقتصادية كبيرة لليمن تسهم في إنعاش الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد وإحداث تنمية حقيقة، وتوفر فرص عمل إذا ما تم التخطيط جيداً لاستثمار هذه الأموال.
وأكد الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن هذه الأموال سيكون لها أثر أكبر في إنعاش الاقتصاد اليمني ورفده بالعملة الصعبة في حال سعت الحكومة اليمنية لتهيئة البيئة الاستثمارية في اليمن.
وقال في حديث للجزيرة نت إن كثيرا من أموال المغتربين التي تأتي إلى اليمن إما أنها تجمد في البنوك ويعاد تصديرها إلى الخارج، حيث يجري استثمارها خارج البلاد، أو أنها تستثمر في مشروعات لا تدر الكثير من الدخل، ويذهب معظمها في شراء العقارات.
وتحدث نصر عن إشكالية فيما يتعلق بعدم وجود اتفاقية تبادل العمالة بين اليمن ودول الخليج، وغياب دور شركات توظيف العمال في تأهيل العمالة الماهرة، مما يزيد من توافد المشاكل التي تعيق الاستفادة من عائدات أموال المغتربين.
"الكثير من أموال المغتربين التي تأتي إلى اليمن إما أنها تجمد في البنوك ويعاد تصديرها إلى الخارج حيث يجري استثمارها خارج البلاد، أو أنها تستثمر في مشروعات لا تدر الكثير من الدخل، ويذهب معظمها في شراء العقارات"
وأضاف أنه في ظل هذا الغياب، ورغم العدد الكبير للمغتربين، فإن معظم العمالة اليمنية تعمل في مهن بسيطة وبمرتبات متواضعة غير مستقرة، الأمر الذي يضاعف من الكلفة.
وأكد أن الآليات التي يجب أن تستخدمها الدولة في خلق إستراتيجية وطنية للاستفادة من هذه الأموال، تبدأ بإيجاد اتفاقيات عمل مع دول الخليج وتأهيل العمالة التي تتطلبها هذه الأسواق، وتصحيح البيئة الاستثمارية في الداخل بإيجاد سوق مالي لاستيعاب هذه الأموال.
إجراءات سعودية
ورغم تضارب الأرقام بشأن عدد المغتربين اليمنيين، فإن تقارير رسمية أشارت إلى أن ما نسبته 50% من إجمالي عدد المغتربين اليمنيين يتركز في دول الخليج، منهم مليون و350 ألف مغترب يمني في المملكة العربية السعودية.
وبحسب رئيس تحرير موقع الاقتصاد نيوز اليمني، رشيد الحداد، فإن حوالات المغتربين اليمنيين من دول الخليج تقدر وفقاً لتلك التقارير بما يقارب الـ65%، لكنه توقع انخفاضها العام الجاري بعد فرض السلطات السعودية تشديدات على الحوالات المالية للمغتربين.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن السلطات السعودية ألزمت الكفلاء بفتح حسابات بنكية للعمالة الوافدة، ومنعت تحويل أي مبالغ مالية تتجاوز الأجور الشهرية المنصوص عليها في عقد الاتفاق بين العامل والكفيل وقت الاستقدام.
واعتبر الحداد أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تعرض عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين الذين يعملون في أعمال خاصة لابتزاز الكفلاء والحد من انسياب الحوالات المالية إلى اليمن.
وأضاف أن هناك عددا من الانتهاكات التي يتعرض لها المغتربون اليمنيون في عدد من مدن المملكة، خصوصا ترحيل المقيمين، وهذا الأمر يستدعى تدخل الرئيس اليمني شخصياً لدى ملك السعودية لتوجيه حكومته لإعادة النظر في تلك الإجراءات، كونها ستعمل على تردي الأوضاع الاقتصادية في اليمن بشكل كبير.
المصدر : الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها