هل تستطيع قطر التأثير على أمراء الحرب في اليمن؟
قطر وسياسة الدبلوماسية الهادئة تعود مجددا لتصدر المشهد السياسي الإقليمي، بدخول قطر على خط المشاروات اليمنية بالكويت لتعطيها فرصة جديدة، يرى مراقبون أنها مهددة بالفشل، فهل تستطيع قطر ووفد الحكومة اليمني مواجهة أمراء الحرب، وهل يكشف الدور القطري عن عودة الدوحة إلى المشاركة في قطار التسويات السياسية الحرجة والعالقة، وبالرغم من رصيدها في القدرة على حل أزمات عربية مزمنة وشائكة إلا أن مواقف الحوثي وصالح يتحكم فيها طرف خفي هو إيران، فهل تستطيع قطر التأثير على الطرف الإيراني، وهل هناك إمكانية وجود مقايضات سياسية مع إيران تتعلق بالأوضاع في اليمن وسوريا معا وهل ستدخل قطر على هذا الخط المزدوج في آن واحد؟
وبخاصة أن قطر يمارس ضدها ضغوط دولية وإقليمية لإضعافها كذلك هي من أكثر الدول التي تتبنى مواقف حازمة ضد بشار الأسد الحليف الأهم لإيران، بينما طهران عازمة على خوض ما يعرف ب"الحرب المفيدة" للنهاية باليمن وسوريا، ما يجعل أي مبادرة قطرية، أو غير قطرية، تحت التهديد، إلا أن الدوحة في الوقت نفسه لم تقطع قنوات التواصل مع روسيا، والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، فمن سيغير المعادلة ويأتي بجديد؟
المقاومة وحرب الميلشيات
كانت قد دخلت محادثات السلام اليمنية في دولة الكويت، أمس السبت، شهرها الثاني، حيث بدأت في 18 أبريل الماضي فيما يهيمن "الانسداد التام" على أفق الحل، دون تحقيق أي اختراق جوهري في جدار الأزمة، الأمر الذي اضطر مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز إلى مطالبة الوفد الحكومي المشارك في مشاورات الكويت بالانسحاب، معتبراً استمرار التفاوض مع الميليشيات الانقلابية بمثابة غطاء للحرب والحصار الجائر على تعز، وأضافت في بيان لها بهذا الشأن أن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية لا تؤمن بغير القوة أسلوباً ومنهجاً، والإرهاب ثقافة وسلوكاً
.
في الوقت نفسه يمارس ميلشيا الحوثي التجنيد القسري للشباب وخرق الهدنة والحصار وإرسال التهديدات، كذلك المخلوع صالح قال إن مشاورات السلام الجارية برعاية الأمم المتحدة في دولة الكويت" لا يُراد منها إلّا أن تكون مضيعة للوقت".في خطاب جديد بذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.
قطر تقنع وفد هادي
نجحت دولة قطر في إقناع وفد حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، للعودة إلى طاولة المحادثات مع الانقلابيين الحوثيين التي تعقد في الكويت بوساطة أممية.
وقال مسؤول قطري بارز ل"الشرق الأوسط" إن أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التقى مساء أمس الرئيس اليمني بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لإقناعه بالعودة لطاولة المحادثات، مفيدا بأن تلك الجهود تكللت بالنجاح.
كذلك أعلنت قناة الجزيرة الإخبارية إن جهودا قطرية نجحت في إقناع وفد الحكومة اليمنية بالتراجع عن قرار تعليق مشاورات السلام، الجارية في الكويت برعاية الأمم المتحدة، وذكرت القناة أن جهودا بذلتها قطر نجحت في إعادة وفد الحكومة اليمنية إلى مباحثات الكويت.
ويزور الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، العاصمة القطرية، للمشاركة في منتدى الدوحة الـ16، فيما مشاورات الكويت معلقة منذ خمسة أيام.
شروط لا تراجع عنها
كان وفد الحكومة اليمنية لمشاروات السلام في الكويت قد أصدر بيانا أكد فيه انسحابه من جلسات الحوار، وفي سياق متصل،أكدت مصادر مطلعة ل"الشرق الأوسط" أن المفاوضات بين طرفي الحكومة الشرعية مع الانقلابيين ستعود من المتوقع اليوم إلى طاولة المشاروات، في الكويت، على أن يقوم المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بإرسال رسالة نصية إلى الرئيس اليمني عبد ربه هادي، يؤكد فيها الالتزام بالمرجعيات الثلاثة، وهي:قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216،المبادرة الخليجية،الحوار الوطني اليمني، إضافة إلى النقاط الخمس، وأبرزها:تسليم السلاح ومؤسسات الدولة، والخروج من المدن، وإطلاق سراح المعتقلين.
ولم يقدم ولد الشيخ أي ضمانات لوفد الحكومة في الكويت قبل مغادرته في الساعات الأولى من صباح أمس السبت متجها إلى العاصمة القطرية الدوحة، الذي يوجد فيها الرئيس اليمني، في حين توقفت جميع اللقاءات الجانبية الرسمية بين ممثلي الدول ال18 الراعية للعملية السلمية مع وفد الحكومة وممثلي الانقلابيين حتى تتضح الرؤية من لقاء ولد الشيخ بالرئيس اليمني.
بدوره قال عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية نائب وفد الحكومة اليمنية المشارك في مشاورات الكويت ل"الشرق الأوسط" إنه "لنا أكثر من 30 يوما ونحن على طاولة المشاورات مع ممثلي الحركة الحوثية وصالح، ولم نتقدم خطوة نحو الأمام، وإن سارات الأمور في اتجاهها الصحيح، يعود الطرف الآخر لوضع العراقيل وينسف شيئا من التقدم، بسبب إصرارهم على إفراغ قرار مجلس الأمن من محتواه، وعدم الاحتكام إلى المرجعيات المتفق عليها، والمتمثلة في القرار 2216 .
التحرك القطري إلى أين؟
هل يمكن أن يقترن التحرك القطري إلى أبعد من ذلك، بحيث يغير المعادلة في اليمن، خاصة بعد رصد مراقبون خلال العام الماضي، انحسار وتراجع الدور القطري في اليمن مقابل حضور لافت لدولة الإمارات التي شاركت بفعالية في أكثر من منطقة يمنية، وثار التساؤل حول تراجع الدور القطري وأسباب غياب دولة قطر التي ظلت حاضرة في الملف اليمني خلال السنوات الماضية، حيث كانت قطر قد رعت أكثر من مرة جولات المفاوضات بين الحوثيين ونظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهي المفاوضات التي انتهت برفض صالح الالتزام بوساطتها في عهد الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو ما فاقم الأوضاع في البلاد حينها.
إلا أن الكثير من المراقبين يرون أنها منخرطة في العمل تحت قيادة السعودية وأنها تنتظر من المملكة أن تمنحها دوراً أكبر في هذا الملف على اعتبار أن السعودية هي المعني الأول بملف اليمن، فيما يرى آخرون أن "السعودية أرادت تأجيل دور قطر في اليمن لأسباب غير معروفة".
إيران والحرب المفيدة
الدور القطري يواجه عدة تحديات أبرزها إصرار حلف إيران على استعمال الحرب أداة للتفاوض فقد رصد الكاتب محمود الريماوي بمقال بعنوان (محور إيران يريد مزيداً من "الحرب المفيدة") ب"العربي الجديد" في 21 مايو 2016 "شدّد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في أحد خطاباته الأخيرة، على أن مفاوضات الكويت اليمنية وجنيف السورية ستفشل، والظاهر أن ما أدلى به نصر الله يتعدّى النبوءة أو التوقع إلى البوح بقرار مستتر للمحور الإيراني في المنطقة العربية، فخلال الأيام الماضية، انقلب الحوثيون في مفاوضات الكويت على ما تم الاتفاق عليه من قبل في المفاوضات، وأعادوا الأمور إلى نقطة الصفر، وقادوا التفاوض إلى الانسداد التام، فقد باتوا لا يعترفون إلا بالأمر الواقع الانقلابي، أو بحكومةٍ يشاركون فيها من موقع المقرّر، وقد يسلّمون فيها السلاح الثقيل الذي استولوا عليه من معسكرات الجيش لأنفسهم داخل هذه الحكومة، حسب السيناريوهات، وما يتصل بها من خطط تفاوضية، يتم وضعها في طهران وبيروت الجنوبية."
إعادة ترتيب دول المنطقة
وحذر "الريماوي" من أنه ليس من المصادفة أن تصطدم المفاوضات السورية في جنيف واليمنية في الكويت بجدارٍ صلد، وبصورة متواقتة، فالأمر يتعلق بإرادة الحرب التي يشهرها "محور الممانعة"، وبغير تردد أو هوادة على الشعوب، فالهدنات ووقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية يجري نقضها بصورة روتينية، مع احتساب هذا النقض على أنه من فنون السياسة والحرب، ومن تدابير التفاوض الميداني، المحور الإيراني استقرّ على قراءةٍ مفادها بأن الوضع الدولي مواتٍ لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة، بما يخدم تمدّد إيران، ويعيد هندسة المجتمعات العربية، وفق متطلبات التغليب الطائفي، وإقصاء السنّة."