الصراع في اليمن ينذر بكارثة
قُدرت خسائر القطاع الزراعي في اليمن في يونيو الماضي بنحو ستة مليارات دولار أمريكي، في حين أكد ماجد المتوكل -مدير عام الإرشاد والإعلام الزراعي بوزارة الزراعة والري اليمنية- لشبكة SciDev.Net أن ”الخسائر تضاعفت وبلغت نحو خمسة عشر مليار دولار منذ بدء الصراع في مارس 2015 وحتى الآن“، مشيرًا إلى تقرير سيصدر قريبًا بهذا الشأن.
وكانت لجنة الحصر والمسوحات التابعة لوزارة الزراعة اليمنية قد كشفت في أحدث تقاريرها أن أكثر من 200 ألف هكتار من الأراضي الزراعية دُمرت، مؤكدةً أن خسائر الإنتاج الزراعي من الحبوب والخضروات والفاكهة والبقوليات والمحاصيل النقدية تجاوزت 4 مليارات دولار حتى الآن.
ويُعَد القطاع الزراعي موردًا رئيسًا لنحو ثلثي سكان اليمن؛ حيث يعمل به قرابة ثلاثة ملايين شخص، يمثلون 50% من إجمالي القوى العاملة، وتقدر مساهمته في الناتج المحلي بنحو 20%، وفق المتوكل.
غير أنه الآن ”انخفضت مساهمته إلى ما دون 5%، وهو مؤشر خطير على انزلاق البلاد نحو مجاعة حقيقية“ وفق الخبير الاقتصادي بالبنك المركزي اليمني، أحمد شماخ.
وعن الخسائر التي ألحقها الصراع بالقطاع، أشار آخر إحصاء للإدارة العامة للإرشاد والإعلام الزراعي، في فبراير الماضي، إلى استهداف مباشر لنحو 987 موقعًا وحقلًا زراعيًّا، مزروعة بمختلِف أنواع محاصيل الحبوب والفواكه والخضروات، بالإضافة إلى مساكن المزارعين، خاصة في محافظات صعدة وحجة والحديدة وتعز.
أما البنى التحتية، فقد استُهدف بشكل مباشر 20 مبنى ومنشأة زراعية، و3500 من البيوت المحمية في صعدة وعمران، كما تعرض للقصف المباشر ما مجموعه 78 سوقًا ومركز تصدير وتخزين زراعي.
وأصابت الخسائر أيضًا مياه الري بالقصف المباشر لنحو 19 منشأة مائية، ما بين سد وحاجز وخزان وقناة ري، كان أبرزها سد مأرب الذي يروي آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى 98 مضخة مياه آبار وغطاسات وشبكات ري حديثة.
ورغم أن ما يشغل بال المعنيين حاليًّا هو استصلاح المساحات الزراعية المتضررة، إلا أن الجهات المعنية تفتقر إلى خطط شاملة، يقول المتوكل: ”ليس لدينا إمكانات، وما نقوم به مجرد خطط وبرامج جزئية بالتعاون مع منظمات خارجية مهتمة؛ لإيقاف التدهور الحاصل، وتحسين الإنتاج الزراعي، من خلال إجراء بعض المعالجات في المناطق المتضررة“.
تصريحات ناطق الزراعة قوبلت بانتقاد لاذع من قِبل أحمد شماخ، الذي وصف سياسة وزارة الزراعة بالسلبية، وعلل وقوع المزيد من الخسائر الاقتصادية بغياب دور الدولة.
يرى شماخ أن الحرب الخارجية ليست وحدها المسؤولة عن انهيار الاقتصاد اليمني، فالصراع الداخلي على حد قوله: ”أسهم في خلق التشوهات الاقتصادية التي فرضت نفسها على الواقع في مختلف القطاعات؛ حيث أدى توقف إنتاج النفط وانعدام الوقود إلى جفاف وموت مساحات شاسعة من الحقول الزراعية، وتوقف 70% من الأنشطة، وتوقفت معها معظم المشروعات الاستثمارية، ما تسبب في بطالة شديدة، وولد موجة نزوح كبيرة نحو المدن الرئيسية“.
دليل صحة هذا المذهب ساقه خالد الضبي -أحد مزارعي العنب بمنطقة بني حشيش، شمال صنعاء- إذ يقول: تكبدنا خسائر فادحة بسبب الانقطاع الطويل للكهرباء وارتفاع أسعار ’البترول والديزل‘.
ويردف الضبي: ”قبل الحرب خسرنا الكثير لشراء محولات قوية لتشغيل المضخات بالكهرباء الرئيسية، وبسبب انقطاعها لجأنا إلى استخدام الديزل الذي اختفى بسبب الحرب“.
ويؤكد الضبي أنه طيلة تلك المدة وهم مجبرون على شراء الوقود من السوق السوداء بأسعار خيالية، ما رفع تكاليف الإنتاج، ما اضطره في النهاية إلى إيقاف زراعة نصف مزارعه.
من ثَم يؤكد شماخ ضرورة الاستعداد لمواجهة أي مخاطر مستقبلية، وإيجاد حلول حقيقية على الأرض.
وزير اقتصاد سابق فضل عدم ذكر اسمه، انتقد ما سماه ’الأطروحات الأكاديمية‘، وأكد أن الأضرار والخسائر الاقتصادية المعلنة في بيانات رسمية تظل مجرد تقديرات وأرقام لا قيمة لها ما دامت الحرب مستمرة والأوضاع غير مستقرة.
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
* تم تحديث التقرير بمعلومات إضافية في 8 /4/ 2016
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها