سـر (الحُفرة) التي نُصِبت للداعية السعودي سلمان العودة في السويد!
ربما تعامل الداعية السعودي المعروف الشيخ سلمان العودة بعفوية الانجرار نحو الإعلام (إفادة واستفادة)، وهو يتحدث إلى صحيفة محلية سويدية، ليست من الصحف الشهيرة هناك، خلال رحلته الدعوية في الأيام الماضية إلى هناك، من أجل “إظهار التضامن مع أطفال سوريا”، في إشارة إلى شريحة اللاجئين السوريين في أقاصي شمال أوروبا.
يُحسب، أحيانا،ً انكباب الدعاة المعاصرين على الإعلام، وخصوصاً الإعلام الجديد، من خلال إكثار الظهور والتلذُّذ بالتنافس المليوني عبر مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، فيسبوك، سناب شات، إنستجرام، وغيرها)، ضدهم وليس لصالحهم، خصوصاً مع الوقوع في مصائد “إغراء البريق”، ومن ثمّ في “حُفر إعلامية” تُدمى القلوب والعقول.
وحينما يضطر الشيخ العودة إلى كتابة تغريدة حديثة في مساء الثلاثاء (3 مايو)، يقول فيها: “العاقل يجعل لحسن الظن موضعاً ولا يتسرع ويلح في سلخ جلود الآخرين! #لا_تغلط”، لا شك أنه متأثِّر من آلام “حفرة” ما.
جولة مالمو السويدية صنعت “الحفرة”
مثلما اهتم الشيخ العودة بنشر لقاء له مع صحيفة “ترك برس” التركية، الشهر الماضي، عقب جولة دعوية على معسكرات اللاجئين السوريين جنوب تركيا، لم ينكر المقابلة التي نشرتها صحيفة “هلسينبوريس داقبلادت” بمدينة هلسبنوري في جنوب السويد، قبل أن يقدم أحد دروسه الدعوية في مدينة مالمو السويدية.
ويبدو أن ما شجعه لإجراء المقابلة والاستشهاد بها، أنها جاءت رداً على حملة شنتها صحيفة سويدية أخرى اسمها “سيدسفنسكا” على جمعيات إسلامية في مالمو، بسبب دعوتها للشيخ العودة، الذي وصفته، تلك الصحيفة، بأنه “ملهم أسامة بن لادن”، وأنه ينكر محرقة اليهود، وأنه ينادي بقتل المثليين.
وهذا نص مقابلة صحيفة “هلسينبوريس داقبلادت”، الذي طالب الشيخ العودة بالرد على تلك المزاعم، وهنا كانت “الحفرة”، إذا صح الافتراض:
الصحيفة: لماذا أنت في مالمو؟
الشيخ العودة: أريد إظهار التضامن مع أطفال سوريا، وقبل شهر كنت في مخيم للاجئين في تركيا، ورأيت بأم عيني كيف هو وضع الشعب السوري، والأطفال منهم بالذات.
الصحيفة: لقد شجبت القاعدة و(داعش)، هل تريد تطبيق الشريعة بوسائل سلمية؟
الشيخ العودة: يسعدني أنكم تعلمون أنني شجبت القاعدة و(داعش)، وكل أنواع العنف، بغض النظر عن المجموعة التي تقف خلفه. الشريعة مفهوم واسع جداً، وهي مفهوم تم اختطافه. وهي ليست مفهوماً قانونياً، وإنما هي نظام قانوني في البلد الذي يتواجد فيه الإنسان. الشريعة تولي الخلق والسلوك اهتماماً كبيراً.
الصحيفة: لقد قمتَ بإلقاء أحاديث معادية للسامية وبشدة، ومنها أن المحرقة “أسطورة مبالغ فيها بشدة” و أن “اليهود يخبزون الخبز على دم الإنسان”، وهناك تسجيل تلفزيوني. ما تعليقك على هذا؟
الشيخ العودة: لا أذكر هذا على أي حال، أنا نشط في كثير من القنوات.
الصحيفة: هل تنكر المحرقة؟
الشيخ سلمان العودة: لا، لا أفعل هذا. هي موثقة تاريخياً. لقد حدثت إبادة جماعية أيضاً في البوسنة والآن في سوريا.
الصحيفة: لقد قلت أن المثلية الجنسية غير مقبولة في الإسلام. كيف تريد معاقبة المثليين؟
الشيخ العودة: حرية الإنسان في التصرف كيف يشاء، أحد ركائز الإسلام. ولكن على المرء أخذ العواقب. في كل الكتب السماوية، التوراة والإنجيل والقرآن، تعتبر المثلية الجنسية، فعل آثم. والقول الصحيح في الإسلام، أن المثلية الجنسية لا تستلزم عقوبة ما في هذه الدنيا. هي إثم يتحمله الإنسان في الحياة القادمة. المثلية الجنسية لا تقصي الناس من الإسلام. ولكن إن كان للمرء أفكار أو مشاعر مثلية، أو عاشها بمستوى حميمي، فالإسلام لا يشجع على إظهارها للعلن، أو التباهي بها.
الرد عبر فصول “التواصل الاجتماعي”
بعد أن انتشرت تلك المقابلة على قنوات فضائية مختلفة شرقاً وغرباً، وجد الشيخ العودة نفسه بحاجة للرد لإيضاح تعليقه على ما ورد على لسانه بشأن موضوع “المثلية الجنسية”، وذلك يوم الاثنين 2 مايو.
وقال عبر مقطع فيديو نشره على صفحته في موقع “إنستجرام”، وروّج لها عبر “تويتر” و”سناب شات”: “أقول لأبنائي اللي يقولون ليش ما تعلق؟ الصحف الأجنبية ليست عربية ولا إسلامية ولا تعرفناـ هي أكثر احتراماً لنفسها وقرائها من هؤلاء الذين يتسترون تحت أسماء وهمية ويكتبون دون مراعاة لأي قيمة أخلاقية.. كل مسلم حتى الجاهل يدري إن ما يسمى بالفاحشة أو المثلية أو الشذوذ محرم؛ بل كبيرة من الكبائر بإجماع العلماء، وأكثر السلف والعلماء يرون عليه الحد وأبو حنيفة يرى التعزير، ولا يصحح الأحاديث.. وسواء كان الحد بالقتل أو التعزير؛ فهو ليس موكولاً إلى آحاد الناس لي ولك .. لا، موكول إلى القاضي الذي يثبت الواقعة بالطريقة الشرعية ثم يصدر الحكم”.
وأضاف الشيخ العودة جزئية مهمة، حينما قال: “أما الذين يقولون إن الشذوذ إنه يخرج من الملة، فهم خوارج وفعلهم أشد حرمة من الشذوذ نفسه”.
لذا؛ غرّد الشيخ العودة بعد رده الإيضاحي، قائلاً: “اللهم لا تجعلني يوماً منتصراً لباطلٍ، ولا قائماً في مأثمة، ولا منافحاً عن هوى”.
مثل هذا القول يدعو فعلاً للتأمُّل، حينما يتألّم المرء من جراء الوقوع في مطبات إعلامية، تستدعي صناعة ما يلزم من “سوء فهم” و”تلفيق”، وبالتالي؛ ردود أفعال لا حدود لها.
ردود الفعل تنحرف عن مسارها
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً “تويتر”، انحرفت بعض ردود الفعل عن مسارها، حينما أنشأ البعض وسمًا “هاشتاق” غريبًا، ينبئ عن فهم ساذج للموضوع برمته، حيث جاء تحت عنوان #العودة_يبيح_ المثلية، وجاء “هاشتاق” آخر بعنوان #العودة_لاعقوبة_للمثليين.
لهذا، كتب حساب “مثقف من الطيبين” معلقاً: “بدايةً قالوا #العودة_يبيج_المثلية ثم تراجعوا وقالوا #العودة_لاعقوبة_للمثليين .. وهنا دليل كذبهم، لكنهم سيكابرون”. وفي نفس الاتجاه أضاف حساب “سيف الإسلام الشراري”: “قبّح الله بهتانكم وتدليسكم وعقولكم الرخيصة التي تصدق هذا الكلام.. وضمائركم الفاسدة التي لا ترقب في مسلم إلاً ولا ذمة”.
وبالطبع هناك من استغل الوسم وهاجم على طريقته، كما فعل حساب “عبدالله المناع” حينما كتب: “تاجر دين وداعية فتن تلاحقه دعوات أهالي المغررين بسببه.. اليوم يبحث عن الشعبية بين الشواذ جنسياً”.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها