مجلس قوى الثورة الجنوبية يدعو لمعالجة آثار حرب94 وتقديم الإعتذار(نص البيان)
اعتبر مجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية جنوبي اليمن ، إن ذكرى حرب صيف 94 م هي ذكرى أليمة، على الشعب في الجزء الجنوبي من الوطن، داعياً إلى معالجة أثار الحرب وتقديم اعتذار من القوى التي "حكمت".
وأكد المجلس في بيان سياسي بمناسبة ذكرى حرب صيف 94م حصل عدن بوست على نسخة منه، على الضرورة "الملحة لمعالجة آثار حرب صيف 94م وكافة الحروب الأخرى بما يضمن إنهاء وإزالة كافة الآثار المترتبة على تلك الحروب، كما دعا كافة الاطراف إلى كشف ملابسات تلك الحرب وتوضيح حقيقتها والجهات المستفيدة منها حتى يتجنب شعبنا العودة الى الصراعات وثقافة التخوين ومسارات العنف".
ودعا المجلس كافة الأطراف "التي حكمت إلى توجيه أعتذار رسمي لأبناء الجنوب لما لحق بهم من أضرار بالغة ومعاناة أليمة جراء حرب صيف 94م وما تلاها وما سبقها من سياسة الإقصاء والتهميش التي تعرض لها شعب الجنوب".
فيما يلي عدن بوست ينشر نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان سياسي بمناسبة ذكرى حرب صيف 94 م
يمر شعبنا بمخاضات وتحولات سياسية كبيرة تحمل في أحشائها تطلعاته في إنهاء الاستبداد وسياسة الإقصاء والتهميش والتوق لبناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة والحرية والكرامة، تلك التطلعات التي كان للثورة الشبابية الشعبية - التي استلهمت من نضالات أبناء الجنوب الأحرار – الفضل الكبير في جعلها أهدافاً استراتيجية لتضحياتها الكبيرة، وفي الوقت الذي نعيش فيه هذه الأحداث الكبرى ونعايشها تمر بشعبنا في الجنوب ذكرى مؤلمة وثقيلة على إحساسه ووجدانه وشعوره بالظلم والمعاناة.. ذكرى تتجسد فيها ملامح المأساة الأليمة التي تعرض لها وعانى جراء مسبباتها ونتائجها الوخيمة مند الاستقلال الوطني وحتى اليوم.
لقد كانت حرب صيف 94م حرباً أليمة ونتائجها ظالمة بكل الأوزان والمقاييس.. ومع كونها كذلك؛ فهي لاتعد بداية لمآسي شعبنا في الجنوب وعذاباته المتراكمة كظلمات بعضها فوق بعض – وإن عدت الأهم أثرا والأعمق امتدادا وتأثيرا – بل هي حلقة من حلقات مرحلة تاريخية مظلمة عاناها شعبنا الجنوبي متذوقا فيها مرارة العنف والإقصاء ومصادرة الحرية والكرامة الآدمية المقدسة وصنوف التعسف والشمولية وألوان الممارسات اللاإنسانية...
لقد حمل التوقيع على الوحدة في طياته ارتجالا لا مسئولا وسلوكا شخصيا مخلا بشروط ومعايير المشروع الحقيقي والانجاز التاريخ المترجم للحلم الوطني والشعور القومي والهدف الاستراتيجي البعيد، تمخضت عنه عوامل وأدوات ومصوغات نشوب حرب ظالمة ومستعرة منذ الوهلة الأولى، ومن هنا فقد بات واضحا لدى كل فئات وشرائح المجتمع الجنوبي أن من أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث الكثير من هذه النتائج الكارثية المتناسلة هو تغييب أصحاب المصلحة الحقيقة في حرية الاختيار وتقرير المصير وهم جموع الجماهير التي طالما راودها حلم وطموح بناء دولة يمنية قوية راسخة البنيان والجذور قائمة على أسس العدل والحرية والمساواة والشراكة الحقيقية ومؤسسات الحكم الرشيد والتوزيع العادل للسلطة والثروة وسيادة الدستور والقانون وكل ما يليق بشعب متمدن مسالم متطلع إلى حياة كريمة وهانئة.
لكن هذا لم يكن حاضرا في أذهان الشركاء الموقعين فضلا عن توجهاتهم السياسية وأجنداتهم الوطنية التي أثبتها واقع مانحن عليه اليوم من انتكاسة وفجيعة.
نعم.. لقد كانت حرب صيف 94م نتاجاً طبيعياً للفشل الكبير الذي رافق إدارة مشروع دولة الوحدة من قبل شركاء الوحدة (الاقصائيون) الذ ين أرادوا البطولة الشخصية وقرع أبواب التاريخ دون إدراك ما يتطلبه منهم هذا الدور من تحمل للمسؤولية الأخلاقية والتاريخية والقدرة على تجاوز الذات الانانية وضيق الأفق المترجم عن عقول قاصرة موتوره ما لبثت أن كفرت بكل قيم ومعاني الوطنية والوحدة ومصير شعب بأكمله بات رهينا لأمزجة شخوص حولت حلم الشعب إلى مجرد قرار عابر يتم اتخاذه في لحضه صفو مزاج أو تعكيره، وبالمحصلة فقد تحول الأصدقاء الشركاء الموقعون على الوحدة في عام 1990م إلى شركاء متشاكسون أعداء مثلوا طرفي حرب 1994م وأدواتها فدمروا البلاد وأكثروا فيها الفساد...
ولم تكن نتائج حرب صيف 94م الكارثية لتفرز المنتصر من الخاسر- كما توهم قصار النظر - بقدر ما أفرزت شروخاً وصدوعا عميقة في جسد المشروع الوطني الموحد دولة وشعبا،أرضا وإنسانا حيث أفضى واقع الحرب وما تلاها إلى صنوف الممارسات القهرية لنظام المخلوع صالح الفاسد وأعوانه اللصوص الذين استهوتهم نشوة المنتصر الغالب فأخذوا ينشرون الفساد والإرهاب والنهب والسلب والعبث بكل ما طالته أياديهم القذرة، ومن هنا فقد كان من الطبيعي أن يكون هناك تعبير يرقى إلى مستوى الحدث الكبير المحرك لعجلة التغيير والتعبير عن الحقوق المغتصبة فتبلورت مطالب شعبية واسعة وحراك جماهيري واسع على أساس المطالب العادلة التي عبر عنها أبناء الجنوب بما يعكس أرقى صور الوعي المدني في رفض الظلم والقهر ومن ثم فقد تشكلت ملامح أوسع وأعمق للقضية الجنوبية العادلة كمحرك فاعل وقوي للحيلولة دون استمرار العبث وغياب دور القانون في نظام عصبوي مقيت.
ومع وصولنا إلى هذه المرحلة الحاسمة في صياغة حاضرنا ومستقبلنا فإن حل القضية الجنوبية بأبعادها السياسية والحقوقية والتاريخية وبما يلبي طموحات وتطلعات أبناء الجنوب بات هو المدخل الحقيقي لاستعادة مشروع الوحدة الوطنية القائمة على أساس المساواة والشراكة الحقيقية والنظام القانون وكل معالم وأسس الدولة المدنية الحديثة التي يجد فيها كل مواطن نفسه وكل ذي حق حقه.
إن مجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية وهو يعيش الذكرى الثامنة عشر لحرب صيف 94م ليؤكد على التالي :
1- يؤكد المجلس على الضرورة الملحة لمعالجة آثار حرب صيف 94م وكافة الحروب الأخرى بما يضمن إنهاء وإزالة كافة الآثار المترتبة على تلك الحروب، كما يدعو كافة الاطراف إلى كشف ملابسات تلك الحرب الآثمة وتوضيح حقيقتها والجهات المستفيدة منها حتى يتجنب شعبنا العودة الى الصراعات وثقافة التخوين ومسارات العنف.
2- يدعو المجلس كافة الأطراف التي حكمت إلى توجيه أعتذار رسمي لأبناء الجنوب لما لحق بهم من أضرار بالغة ومعاناة أليمة جراء حرب صيف 94م وما تلاها وما سبقها من سياسة الإقصاء والتهميش التي تعرض لها شعب الجنوب.
3- يؤكد المجلس على ضرورة إجراء مصالحة جنوبية شاملة تستوعب كافة محطاتنا السياسية وتحوي كافة فرقاء العمل السياسي تستند الى كل الجهود التي قطعت في مسيرة التصالح والتسامح وتتجاوز كل الخلافات والاختلافات من أجل أيجاد أرضية جنوبية صلبة وواسعة.
4- يطالب المجلس بإجراء محاكمة لكل الفاسدين المتورطين في العبث بأراضي وعقارات وموارد الدولة والمال العام،وكذلك المتورطين بنهب الممتلكات الخاصة، ويدعو إلى عودة ما تم نهبه وتعويض المتضررين.
5- يدعو المجلس كافة أبناء الجنوب الأحرار الشرفاء من مختلف المكونات والأحزاب وقوى الحراك السلمي إلى التلاحم ورص الصفوف ونبد القطيعة وإيجاد القواسم المشتركة والتسامي فوق الخلاف وتعميق الثقة والالتقاء والتحاور وتقريب وجهات النظر واحترام التنوع وحرية الرأي والعمل بكل إخلاص لضمان تماسك ووحدة صفنا الجنوبي والانتصار لقضيتنا العادلة، فالجنوب وقضيته ملك أبناء الجنوب جميعاً وهم معنيون بها وتتطلب جهود الجميع، كما يرحب المجلس بكل الجهود المخلصة التي تبذل في الداخل والخارج لتوحيد أبناء الجنوب ويدعو كافة القيادات الجنوبية في الخارج إلى العودة إلى وطنهم كما يدعو الحكومة إلى تسهيل وتهيئة عودتهم.
6- يؤكد المجلس بأن الحوار هو الطريق الوحيد القادر على تجنيب البلاد ويلات العنف؛ بل هو السبيل الأمثل الذي يجسد معاني الشراكة الحقيقية في تحمل أعباء المرحلة التي نمر بها حيث الجميع شركاء في عملية التغيير السياسي والاجتماعي،وحيث لا بديل عن الحوار إلا العنف وإدامة الخصومة والفرقة واستدعاء صراعات الماضي ومآسيه، ولتلك الأهمية الكبيرة التي يحتلها الحوار الوطني فإن المجلس يدعو إلى تهيئة الأرضية المناسبة والبيئة الجاذبة للمشاركة في الحوار من خلال جملة من الإجراءات الضرورية التي تضمنتها النقاط السالفة، كما يدعو المجلس كافة الدول الراعية للمبادرة الخليجية للدفع باتجاه ذلك،.
7- يؤكد المجلس على أن قوى الثورة الشبابية الشعبية تضع بناء الدولة المدنية الحديثة كهدف أساسي نصب أعينها ولذلك فأن المجلس يحث القائمين على إدارة شؤون الدولة بأن تكون القرارات والتعيينات ملتزمة بمبادئ الحكم الرشيد القائم على النزاهة والكفاءة والبعيد عن الإقصاء والتهميش كما يدعو المجلس الى أعطاء الأولوية في التعيين والتغيير المدني والعسكري للكفاءات الجنوبية التي تم إقصائها وتسريحها قسراً خلال كافة المراحل والمحطات السياسية.
8- يدعو المجلس كافة القوى الثورية الجنوبية إلى وقفة احتجاجية جماهيرية في مختلف الميادين والساحات الثورية بالمحافظات الجنوبية يوم الأحد الموافق 8/يوليو للتعبير بوضوح عن رفضنا واستنكارنا لكل ما يتصل بماضي الحروب وثقافة العنف والدمار التي تطال الإنسان والعمران ومطالبتنا بإزالة آثار حرب صيف 94م وكافة الحروب الأخرى والتأكيد على لغة الحوار والتفاهم.
صادر عن مجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية – عدن
الجمعة 6/7/2012م