إيرانيات في صنعاء ينشرن فكر "الخميني"
تشير الوقائع إلى أن التدخل الإيراني في اليمن عميق الجذور ومتعدد الوجوه والأهداف، التي من بينها نشر الفكر "الاثني عشري" والثقافة "الخمينية"، بعد النجاح على مدى سنين في إنشاء مجاميع مسلحة تمخضت عنها، مليشيات طائفية، أدخلت البلاد في أتون حروب وصراعات مستمرة حتى الآن.
ولم يظهر النشاط الإيراني بوضوح إلا في عام 2004، وإن كان بدأ قبل ذلك التاريخ بفترة ليست بالقصيرة؛ حيث دعمت إيران تمرد المليشيا الحوثية بقيادة حسين الحوثي على الدولة، ودشنت سلسلة حروب مع الجيش اليمني توقفت في عام 2009، قبل أن تتحالف مع الرئيس المخلوع صالح، وتقوم بانقلاب مسلح على السلطة الشرعية في سبتمبر/ أيلول من عام 2014.
جديد الحضور الإيراني في اليمن هو ما كشفه مصدر مطلع لـ"الخليج أونلاين" عن إدارة إيرانيات متزوجات من يمنيين لأنشطة فكرية وثقافية واجتماعية؛ تهدف بمجملها نشر الفكر "الاثني عشري"، الذي وبحسب مطلعين، تستميت إيران سعياً إلى تصديره لدول المنطقة ومنها اليمن.
- نشر الثقافة الخمينية
المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أكد أن زوجة قيادي حوثي درس في إيران تدير مشاريع مختلفة، ظاهرها العمل التنموي والإنساني والاجتماعي والتعليمي، وجوهرها نشر الثقافة الخمينية في اليمن.
وأضاف أن زوجة القيادي الحوثي وهي إيرانية الأصل "تعمل تحت مظلة ما يعرف بتنظيم مستقبل العدالة، وهو أحد الكيانات السياسية التي تدعمها إيران في اليمن، حيث تقيم دورات وأنشطة تحت شعار العلم والعمل، يتم فيها تدريس الفكر الاثني عشري".
وأشار إلى أن من بين النشاطات التي تديرها زوجة القيادي الحوثي "إقامة فعاليات علنية ولوحات دعائية في الشوارع لإحياء مناسبات شيعية، مثل عاشوراء، ومهاجمة السعودية والفكر السني وإيفاد طلاب للدراسة في إيران".
ووفقاً للمصدر فإن هذه الأنشطة تحظى برعاية وحماية المليشيا الحوثية المدعومة من إيران، وتستفيد من سيطرتها على صنعاء، حيث لم تكن مثل هذه الأنشطة تقام بشكل علني قبل انقلاب مليشيا الحوثي وصالح على سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وجود الإيرانيين في اليمن ليس جديداً، وسبق أن أعلنت الحكومة اليمنية في أكثر من مناسبة عن وجود عناصر إيرانية وأخرى تابعة لمليشيا حزب الله اللبناني الإرهابية تقوم بمهمات تدريبية للمليشيا، لا سيما في الجانب العسكري.
- مواجهة شاملة
الباحث اليمني المتخصص في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم يرى أن "غياب المراكز والبحوث التعليمية والاجتماعية يجعل من إيران فاعلاً ثرياً وقوياً لدى المجتمع اليمني"، لافتاً إلى أن "مواجهة إيران سياسياً وعسكرياً، لا يعني بأي حال من الأحوال تركها تعبث في تفاصيل الدولة الأخرى الاجتماعية والثقافية والتعليمية والدينية أيضاً".
هاشم الذي يرأس مركز "ساس للدراسات" أكد في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "الحد من الأنشطة الإيرانية الثقافية والفكرية يتطلب مواجهة الفكر بفكر بديل ومماثل على مبدأ نيوتن لكل فعل رد فعل".
وشدد على أن "الاستراتيجية الناجعة للمواجهة يجب أن تكون شاملة لكل مناحي الحياة، حتى يتم تأمين مستقبل الجيل اليمني القادم من خطر تمدد فكري وإثني في البلاد".
ومنذ اندلاع ثورة فبراير/ شباط الشعبية 2011، التي أجبرت الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على ترك السلطة، تغلغلت إيران في اليمن من خلال دعمها لنحو 17 حزباً سياسياً، ومنظمات حقوقية ومدنية، كما أنشأت مصفوفة إعلامية من قنوات تلفزيونية وإذاعات وصحف ومواقع إلكترونية، واستقطبت عدداً من الصحفيين والناشطين، لا سيما من تيارات اليسار.
في المقابل تغيب الجهات والمؤسسات وحتى الأنشطة التي يمكن أن تكون درعاً مضاداً للأنشطة الإيرانية في اليمن، برغم إدراك الجميع لخطورة المشروع الإيراني على المنطقة برمتها، وهو ما انعكس بتحرك عسكري عربي أجهض دولة يمنية موالية لإيران، من خلال الهزائم العسكرية التي تلقتها المليشيا على يد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وخسرت على أثرها معظم المناطق التي سيطرت عليها.
- ممارسات طائفية
ويخوض اليمنيون مواجهة حاسمة ضد المليشيا الحوثية وحلفائها، بعدما كرست الطائفية وشرخت النسيج الاجتماعي اليمني من خلال ممارساتها "القمعية"، التي ابتدأت بتهجير سكان منطقة دماج لأسباب طائفية، مروراً بتفجير المساجد ودور القرآن ومراكز العلوم الشرعية.
كذلك اقتحمت المليشيا الحوثية المساجد، وفرض خطباء بالقوة في عدد من المناطق اليمنية، وأصبحت خطبة الجمعة تستند إلى تعميمها كل أسبوع وفق المواضيع التي تخدم سياستها وفكرها.