إحدى ضحايا شبكة الدعارة بلبنان تروي قصتها المأساوية
أكدت صحيفة النهار اللبنانية أن شهادة إحدى ضحايا شبكات الدعارة للصحيفة كشفت عن معطيات خطيرة عن أماكن وأسماء أشخاص متورطين بجرم إخضاع فتيات للعمل في الدعارة والتجارة بالقاصرات في عدة مناطق لبنانية.
وقالت الصحيفة إن أسماء عملت في إحدى الشبكات التي فضحت في العام 2010 عادت لتتكرر في قضية "شي موريس" و"سيلفر"، مطالبة المعنيين بالتحرك فورا للتدقيق في هذه المعلومات التي تثبت أن بعض الرؤوس، التي سبق أن حقق معها أو سجنت، عادت لتنخرط في المجال الإجرامي عينه.
وشددت الصحيفة على أن هذا الأمر "يطرح علامات استفهام حول جدية الملاحقة لمثل هذه الشبكات وفاعليتها".
قصة سارة المأساوية
وقالت الصحيفة عن قصة الضحية التي روت شهادتها لـ"النهار" إن القصة بدأت في العام 2010، وكشف النقاب عن شبكة اتجار بفتيات يديرها شخص عرف بـ"جمال عبد الكريم العلي".
ونوهت الصحيفة إلى أن "جمال" احتال على فتيات -معظمهن سوريات- بإقناعهن بالزواج، بحيث يدفع لوالد كل فتاة مبلغا وقدره ألف أو ألفا دولار أمريكي مهرا لها، ومن ثم يعقد عليها قرانه، ليصبح ولي أمرها، والآمر الناهي الوحيد بتحديد مصيرها. استأجر منزلا في منطقة جونيه، وحجز الفتيات فيه بحراسة من رجاله، هم المسؤولون أيضا عن إيصالهن إلى الزبائن.
وأوضحت أنه في ذاك الحين، أثارت الحادثة ضجة صاخبة إعلاميا، وواكبها اللبنانيون بدورهم ليتفاجؤوا بتكرار القضية من جديد بعد مرور ست سنوات، وكأن شيئا لم يكن.
وقالت "سارة"، وهي صاحبة اسم مستعار، في روايتها لقصتها المؤلمة لصحيفة "النهار اللبنانية"، إن "المصيبة ليست في ظلم الأشرار، بل في صمت الأخيار، وكضحية وقعت بين أيدي الأشرار، اخترت أن أواجه كل المصاعب، لأعيش حياة كريمة من دون أن أتعرض للاستعباد والإساءة".
ونوهت "النهار" إلى أن قصة سارة بدأت في العام نفسه، حيث كانت تتردد إلى منزل عائلة والدتها في طرابلس، وصودف أن جمال العلي يقطن إلى جانب العائلة، فأغراها بوظيفة في مطعم، لتكتشف لاحقا أن الأمر كاذب ويتعلق بالدعارة. تقول: "بدأ يهددني، وأجبرني على العمل في شقته في جونية، ومن كانت تخالفه من الفتيات كان نصيبها الضرب، حتى إنه كان يرسل إلينا جواسيس للإيقاع بنا".
وبحسب الصحيفة، حاولتْ سارة الهرب من الشقة، حتى نجحت مع صديقتها، فألقتا بنفسيهما من الطابق الثاني بواسطة حبل، والتجأتا لأحد المعارف.
وأكدت صحيفة النهار أن سارة تعرضت للضرب المبرح والتعدي الجسدي والمعنوي، ولم تتعد 17 عاما، والتي قالت: "كنت أشعر أني أباع كأي سلعة معروضة في سوق شعبي"، وقد سقطت ضحية لإحدى شبكات الدعارة التي قادها جمال عبد الكريم العلي، الذي قبض عليه وحجز في مخفر حبيش عام 2010؛ لارتكابه جرم استعباد عدد كبير من الفتيات القاصرات.
قصص الإجهاض
وأشارت صحيفة "النهار" إلى أن سارة روت العديد من القصص الفظيعة، إحداها عن عملية إجهاض صديقتها (د.ع.) التي حملت من أحد الزبائن، الأمر الذي جرى التعامل معه كباقي الجرائم من طريق إجهاضها بالقوة، وذلك بواسطة إجبارها على شرب حبوب مذوبة في سائل؛ لقتل الجنين والتخلص منه نهائيا، الأمر الذي أدى إلى فقدانها كمية كبيرة من الدم.
وبحسب الصحيفة، تقول سارة إن صديقتها كانت حاملا في الشهر السابع، ومعلوم أن الجنين يكون في مرحلة تكوّن الأعضاء، فلا يعدّ إجهاضا، بل جريمة قتل. دفن الجنين في حديقة منزل جمال العلي على يد أخويه، لكنهما اتهما أحد أقاربهما، الذي وُضع جرّاء ذلك في السجن لأشهر عدة. شهدت سارة على تلك الحادثة، وخضعت لتهديدات القتل بواسطة مسدس؛ من أجل إخفاء الأمر، وعدم إخبار أحد عنه، كما تروي.
الماضي والحاضر
وأثارت صحيفة النهار تساؤلا قالت إنه "الأكثر أهمية"، وهو يكمن في كيفية ربط قضية سارة التي حصلت عام 2010 بقصة الاستعباد الجنسي التي كُشف عنها في الأسبوع الماضي؟
وأكدت الصحيفة أن الجواب واضح؛ إذ إن الأشخاص الذين ساهموا في استعباد الفتيات عام 2010 هم الأشخاص ذواتهم الذين تآمروا على مصير القاصرات اللواتي هربن من مصيرهن البائس.
ونوهت إلى أن شبكة الدعارة، التي رأسها جمال العلي، كانت مع نفس الأشخاص الذين كُشف عنهم الأسبوع الماضي، منهم علي الحسن وعماد الريحاوي.
وأضافت سارة إن ثمة عملا مشتركا يجمع جمال العلي وعلي الحسن، وذلك من طريق تبادل الفتيات وتوزيعهن على عدد من الزبائن في مختلف دول الشرق الأوسط.
وذكرت الضحية لصحيفة "النهار" أن "علي الحسن يملك منزلا في منطقة بجبل لبنان، فيه عدد كبير من الفتيات اللواتي يُستعبدن ويُجبرن على ممارسة الدعارة"، مضيفة أن فئة من زبائنه تنتمي إلى الوسط الفني وبعض النافذين.
وبحسب الصحيفة، أشارت سارة إلى أنها تملك الكثير من المعلومات عن عدد كبير من أوكار الدعارة في لبنان، على وجه الخصوص في جونيه ونهر إبراهيم ووادي خالد، وغيرها من المناطق اللبنانية.
وذكرت سارة أن أحد القوادين هو "الشيخ صدام" الذي يعمل ما بين جونيه ونهر إبراهيم، ويتاجر بالكثير من الفتيات القاصرات، كما تقول. وتتحدث عن فندق يقع قرب عمشيت يملكه "ط.ج". إضافة إلى أحد التجار الذي يتعامل مع جمال العلي وعلي الحسن والمسؤول عن استلام الفتيات من جمال، ودفع مبلغ له أول كل شهر، وقدره 1500 دولار أميركي، وفقا لـ"النهار".
ونوهت الصحيفة إلى أنه من اللافت أن جمال العلي ما زال يعمل حاليا في أحد الفنادق في المجال ذاته، دائما، وفق ما تصرح به سارة.
وقالت "النهار" إنها أجرت اتصالا مع جمال العلي، وقال خلاله إن "لديه حالة وفاة، ولا يمكنه الحديث الآن"، مكتفيا بالآتي: "أنا الحمد لله تبت...سجنت 11 شهرا، وانتهى الأمر".
وختمت صحيفة النهار بالقول: إن ما ترويه سارة يثبت أن "إمبراطورية الاتجار بالبشر" لها باع قبل بدء الأزمة السورية، من دون أن تنجح الملاحقات الأمنية بوضع حد لها.
لا تزال سارة ضحية تلك الجريمة، ولا تزال تتلقى العديد من التهديدات والإساءات من زوجها الذي ارتبطت به طلبا للحماية، كما تقول. لكنها اكتشفت بعد فترة أنه يعمل في المجال عينه فتركته، وهو اليوم يصرّ على العودة إليها، ولا يتوانى عن ضربها، وفق ما تظهر جروح في رقبتها تقول إن الرجل سببها لها.
ويبقى الأهم الآن، التحقيق في ما تملكه سارة من معلومات، والتأكد منه؛ بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصير فتيات وقعن ضحية مصير بائس، وألا تكون كل الحقائق التي نستمع إليها هذه الأيام وليدة صدفة اكتشافها واهتمام الإعلام بالفضائح التي تكشفت عنها، بحسب ما قالت "صحيفة النهار".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها