صحيفة خليجية: ثروة صالح تقدر بـ 20 مليار دولار
سعى الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح إلى التعاطي مع معطيات جديدة لا تصبّ بالضرورة في مصلحته. وكانت خطوته الأولى في هذا الاتجاه السعي إلى استيعاب الضربة التي وجهها اليه الرئيس عبد ربه منصور هادي من خلال عملية اعادة هيكلة القوات المسلحة التي أبقت خصمه اللدود اللواء علي محسن الأحمر، المتهم الاساسي بمحاولة اغتياله، قائدا للمنطقة العسكرية الشمالية الغربية، فيما استبعد نجله العميد أحمد من أي موقع في انتظار تعيينه مستقبلا قائدا لإحدى المناطق العسكرية.
لم يدفع علي محسن الأحمر الذي تحاول اكثر من دولة خليجية، تلميع صورته ثمنا سوى تذويب الفرقة التي كان على رأسها في الجيش اليمني. في المقابل، اصبح عدد لا بأس به من الضباط المحيطين به والموالين له في مواقع حساسة في مختلف القطاعات العسكرية.
ويعتبر علي صالح الخاسر الأول في عملية إعادة الهيكلة نظرا إلى أنها ألغت عمليا موقع قائد الحرس الجمهوري الذي كان نجله على رأسه، فيما جرى تذويب الحرس في الجيش. وكان الحرس الجمهوري يمثّل القوة الضاربة في الجيش اليمني وكان درعا للنظام بفضل انتشاره في المدن الكبرى، خصوصا في التلال والجبال المحيطة بصنعاء.
وبدا واضحا من ردود فعل الرئيس اليمني السابق، الذي «رحّب» بعملية اعادة هيكلة القوات المسلحة، اقلّه علنا، أنه يريد تفادي اي صدام مباشر مع الرئيس الجديد الذي عمل منذ توليه السلطة على تفكيك المنظومة العسكرية - الامنية التي كانت تحمي نظامه. وشملت عملية التفكيك هذه اقالة عمّار محمد عبدالله صالح من موقع مسؤول جهاز الامن القومي، وهو جهاز استخباراتي انشئ في السنوات الاخيرة من عهد علي عبدالله صالح. واقام هذا الجهاز علاقات مميزة مع الأجهزة الأمنية الأميركية والأوروبية والعربية.
كذلك وضع على الرف العميد طارق محمد عبدالله صالح الذي كان مسؤولا عن أمن رئيس الجمهورية والحراسات الخاصة به وقائدا لأحد الألوية العسكرية. وتوجت العملية بازاحة العميد يحيى محمد عبدالله صالح من موقع اركان حرب الامن المركزي، أي القائد الفعلي لهذه القوات المنتشرة في كلّ أنحاء اليمن لضبط الوضع الداخلي.
وعمار وطارق ويحيى أبناء الشقيق الأكبر للرئيس اليمني السابق وكانوا من أعمدة نظامه. وكان يحيى، وهو الابن الأكبر لشقيق الرئيس السابق، يعتبر من مراكز القوى في اليمن في عهد عمه، نظرا إلى ان الامن المركزي، التابع نظريا لوزارة الداخلية، كان يشكّل قوة مساندة للفرق والالوية المعنية مباشرة بحماية النظام، وعلى رأسها الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.
ويقول متابعون للوضع اليمني ان علي صالح يتكل في المرحلة المقبلة على المشاكل التي سيواجهها هادي الذي يعتبر رئيسا انتقاليا تنتهي ولايته في فبراير 2014. وبين ابرز المشاكل موقف الحوثيين الذين يرفضون الحوار الوطني ويعترضون، لاسباب مذهبية، على صعود نجم اللواء الأحمر الساعي إلى لعب دور اساسي في مرحلة ما بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في فبراير 2014.
وهناك خصومة عقائدية بين علي محسن الأحمر، القريب من السلفيين والاخوان، والذي خاض سلسلة من الحروب مع الحوثيين عبر «الفرقة الاولى مدرّع» التي كان يقودها والتي كانت تعتبر من اهمّ الفرق العسكرية في الجيش اليمني (كانت هذه الفرقة تضمّ نحو 23 لواء). لكنّ علي محسن دخل، ابتداء من السنة 2005، في مواجهة مع علي صالح (ابن قريته) بسبب عمل الأخير على توريث نجله أحمد الرئاسة. ويتهم علي محسن الرئيس السابق بأنه حاول التخلص منه وأنه وراء زج فرقته في الحروب المتكررة مع الحوثيين، ابتداء من السنة 2004، وذلك بغية اضعافه عسكريا والعمل في الوقت ذاته على تقوية الحرس الجمهوري بقيادة نجله أحمد.
وقدر المحللون العسكريون عديد الحرس الجمهوري بنحو 33 لواء تمتلك احدث الاسلحة وكمية كبيرة من الصواريخ.
وتحوّلت المواجهة بين علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر إلى مواجهة علنية ابتداء من العام 2010 عندما انضم الاخير مع افراد فرقته إلى «الحراك الشعبي» الذي أدى إلى تخلي علي صالح عن الرئاسة بموجب المبادرة الخليجية. ويعتقد في صنعاء أن علي محسن كان وراء اختراق حراسات علي صالح وتدبير عملية محاولة لاغتياله في مسجد النهدين، الواقع داخل حرم دار الرئاسة في صنعاء، في الثالث من يونيو 2011. واصيب الرئيس السابق بجروح وحروق بالغة كادت أن تودي به. وعولج بعد محاولة الاغتيال في السعودية حيث أمضى أشهرا عدّة.
ويراهن علي صالح على ان الخلافات الداخلية بين مختلف اطراف الازمة اليمنية ستضعف خصومه في المدى الطويل، خصوصا أن الحوثيين، الذين باتوا يعتبرون من المنتمين إلى المذهب الشيعي الاثني عشري، اكثر من كونهم زيديين، يكرهون علي محسن، كما أن لديهم حلفا غير معلن مع مجموعات وشخصيات جنوبية تسعى إلى الانفصال.
ومن بين هذه الشخصيات علي سالم البيض نائب رئيس مجلس الرئاسة السابق الذي ارتبط في السنوات الاخيرة، مثله مثل الحوثيين بعلاقة مع ايران.
اضافة إلى ذلك، اقام الحوثيون الذين قرروا مقاطعة الحوار الوطني علاقات مع شخصيات وزعماء قبليين في المناطق الوسطى ذات الكثافة السكّانية، خصوصا في تعز والمناطق المحيطة بها التي تعتبر معقل الشوافع في اليمن. وقد استخدموا المساعدات المالية التي حصلوا عليها من إيران في اقامة هذه العلاقات المخالفة للطبيعة!
وربّما كان ذلك هو السبب الذي يدفع علي صالح إلى مهادنة هادي والسكوت عما يصفه في مجالسه الخاصة بـ «الظلم» الذي يتعرّض له بسبب المواقف «المنحازة» للرئيس اليمني.
في غضون ذلك، يعدّ علي صالح نفسه لأسوأ الاحتمالات، بما في ذلك احتمال فرض عقوبات عليه بحجة عدم التزامه المبادرة الخليجية التي وقّعها في فبراير الماضي في السعودية. ولهذا السبب يسعى قريبون منه إلى ايجاد ملاجئ آمنة للثروة المالية الكبيرة التي يمتلكها مع افراد عائلته. وتقدر هذه الثروة بمليارات عدة من الدولارات قد تصل إلى عشرين مليارا.
وكشف مصدر مطلع أنّ قريبين من العائلة يجولون حاليا في مدن أوروبية وخليجية عدة، بينها لندن ودبيّ، بحثا عن ملاجئ آمنة وتغطية «قانونية» لهذه الأموال.
كذلك كشف هذا المصدر أن علي صالح غير مرتاح إلى تعاطي الأميركيين معه. ويعتقد المصدر أنّ الرئيس السابق يخشى من أن يكون لدى الأميركيين حسابا يريدون تصفيته معه في ضوء ما يعتبرونه معلومات خاطئة قدّمها لهم مرتبطة بـ «إرهابيين» كانوا يبحثون عنهم. ومن بين هؤلاء عناصر على علاقة مباشرة بتفجير المدمرة كول في عدن في العام 2000 بناء على أوامر مباشرة من أسامة بن لادن.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها