سيناريوهات إيقاف المملكة عملياتها العسكرية الكبرى في اليمن
جاء إعلان المملكة العربية السعودية إنهاء عملياتها العسكرية الكبرى في اليمن، وترك المهمة للجيش اليمني مع دعمه من خلال مقاتلات التحالف العربي رغم عدم انهاء قوات التحالف العربي لمهامها المعلنة من عملياتها العسكرية، مرتبطًا بعدد من المستجدات على الساحة وفقًا لمراقبين، بالإضافة لتزامنه مع تلك المستجدات.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه المملكة انهاء عملياتها في اليمن، كان الموقف الروسي مشابه في سوريا، وسط مؤشرات سابقة على محاولات تبادل الملفين اليمني بالسوري، بالإضافة للضغوط الدولية، والتهديدات التي تتعرض لها المملكة وكان أبرزها المطالب بمنع بيع الأسلحة لها، والإدانة الأممية في التورط بقتل المدنيين بشكل مباشر، وإمكانية ملاحقتها دوليًا على خلفية تلك الإدانة، بالإضافة لتكلفة الحرب المرتفعة عسكريًا واقتصاديًا.
عسيري يؤكد انتهاء عمليات التحالف الكبرى
كان العميد الركن أحمد عسيري، المتحدث باسم تحالف إعادة الشرعية باليمن، قد أكد أن عمليات التحالف الكبرى في اليمن مضيفًا أن " عمليات التحالف في اليمن تركز حاليا على إسناد الجيش الشرعي لبسط نفوذ الدولة وإعادة الاستقرار".
وأضاف في تصريحات لشبكة الجزيرة أمس الجمعة أن " العمليات العسكرية في اليمن ستركز على بعض المناطق التي يقاتل فيها الجيش اليمني، حيث سيتم تأمينه بالإسناد الجوي".
وأوضح الفرق بين العمليات الكبرى والعمليات المحدودة في الزمان والمكان مضيفًا أن " العمل تحول في بعض المناطق المحررة إلى إعادة الاستقرار وإحلال الأمن للمواطن في معيشته اليومية".
وأكد المتحدث باسم التحالف العربي أن السعودية لن تتخلى عن اليمن، مضيفًا أنها ستعمل على إعادة الاستقرار وإعادة إعمار البلاد.
الانسحاب السعودي و الروسي .. تبادل ملفات أم مصادفة
وجاءت تصريحات عسيري وإعلانه انتهاء العمليات الكبرى في اليمن، متزامنًا مع الانسحاب الروسي من سوريا، وتخلي روسيا عن الحل العسكري واتجاهها نحو الحل السياسي وفقًا لما كشفته تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
حيث قال بوتين خلال حفل استقباله لعدد من الخبراء والعسكريين الذين ساهموا في العمليات الروسية بسوريا،أن قواته ساهمت في منع وصول "الإرهابيين" إلى بلاده وتهيئة ظروف التسوية السياسية.
واعتبر بوتين في تصريحات له أن مهمة روسيا في سوريا مهدت الظروف المناسبة لبدء العملية السلمية لإيجاد حل للأزمة السورية، وذلك بالتوازي مع إجراء موسكو اتصالات مع جهات دولية ومع ما أسماه الجهات المعارضة الإيجابية داخل سوريا.
وحاولت روسيا نهاية نوفمبر الماضي التدخل في الأزمة اليمنية من خلال طرحها الملف اليمني بمجلس الأمن، وصدور تصريحات إيرانية تؤكد امكانية التدخل الإيراني الروسي في سوريا، وذلك أمام الموقف السعودي الرافض للتدخل الروسي والمطالب بإزاحة بشار الأسد وإيران عن الحل في سوريا.
واعتبر مراقبون التدخلات الروسية في الملف اليمني تكشف محاولات للضغط على المملكة بالملف السوري مقابل الملف اليمني.
التهديد الأممي يلاحق المملكة
يواجه المسؤولين في التحالف العربي تهديدات بملاحقة أممية، خاصة عقب الإدانة الأممية الأخيرة، بكون التحالف العربي المسؤول عن أغلب الضحايا المدنيين في القتال الدائر باليمن.
حيث اتهمت الأمم المتحدة التحالف العربي بقيادة المملكة بالتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في اليمن يزيد بمقدار الضعف عما تسببت فيه أطراف الصراع الأخرى.
وأدان المفوض الأممي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين أمس الجمعة في بيان له "الإخفاق المتكرر" للتحالف للحيلولة دون الهجمات على المدنيين.
وجاءت تعليقات الحسين بعد ثلاثة أيام من قصف التحالف العربي لسوق في شمال غرب اليمن بمحافظة حجة مما أدى لمقتل 106 شخص من المدنيين .
وقال زيد أنه" رغم الوعود بالتحقيق في تلك الحوادث "المفزعة والمستمرة" فإننا لم نر بعد أي تقدم في مثل هذه التحقيقات"، مضيفًا " ربما نتطلع لرؤية أعضاء التحالف يفوضون الجهات الدولية المعنية بالتحقيق في جرائم الحرب ببحث الأمر."
وكان فريق تابع للأمير زيد قد زار موقع السوق الذي تعرض للغارة والتقى بشهود "ولم يجد دليلا على حدوث أي مواجهات مسلحة أو تجهيزات عسكرية واضحة في المنطقة وقت وقوع الغارة."
تكلفة الحرب اقتصاديًا وعسكريًا
تعد التكلفة المرتفعة للحرب في اليمن، من أبرز العوامل التي قد تكون سبب في سعي المملكة لانهاء الحرب، وهي تكلفة عسكرية واقتصادية، وتبرز في الخسائر المالية الكبيرة للمملكة بالإضافة للتهديدات التي تواجهها بخسارة صفقات أسلحة مهمة لها في المستقبل.
وعلى الرغم من عدم وجود أي احصائيات دقيقة عن تكلفة الحرب في المملكة في ظل رفض القائمين عليها تقديم معلومات يمكن الاعتماد عليها بهذا الخصوص إلا أن تقديرات أولية نشرتها دويتشة فيلا الألمانية بناء على تكاليف حروب أخرى مشابهة ترجّح بأن التكلفة وصلت بحلول منتصف أبريل 2015 إلى نحو 30 مليار دولار تتضمن تكاليف تشغيل 175 طائرة مقاتلة وتزويدها بالذخائر وتكلفة وضع 150 ألف جندي سعودي في حالة استنفار تحسبا لاحتمالات توسيع نطاق الحرب.
وتابع التقرير أن المملكة تتحمل أساس تكاليف الحرب كونها تقود تحالف "العاصفة" إذ تشارك لوحدها بمائة طائرة مقاتلة، كما أن حدودها الطويلة مع اليمن تشهد مناوشات عسكرية تصيب قرى ومدن ومواقع سعودية بأضرار لا تتوفر معلومات حول حجمها مشيرًا إلى أن تكاليف استخدام الطائرات لا يقل عن 175 مليون دولار شهريا.
ولا تقتصر التكلفة على الجانب الاقتصادي حيث يتعرض المسعى السعودي للتسلح لأزمة كبيرة على خلفية المشاركة في الحرب باليمن، حيث دعا البرلمان الأوروبي، نهاية فبراير الماضي الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى السعودية، بسبب اتهامها باستهداف المدنيين في اليمن.
وطالب البرلمان بريطانيا وفرنسا وحكومات دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى التوقف عن بيع الأسلحة إلى بلاد تُتهم باستهداف المدنيين في اليمن.
وقام نواب البرلمان الأوروبي بأغلبية 449 صوتا بالتصويت لصالح فرض حظر أوروبي على تصدير السلاح إلى السعودية.
ولقي قرار البرلمان الأوروبي استجابة لدى عدد من الدول الأوروبية مما يشير لإمكانية انتقاله لدول أخرى حيث وافق البرلمان الهولندي الأربعاء الماضي على قانون يدعو الحكومة لوقف صادرات الاسلحة الى السعودية معللا باستمرار الانتهاكات السعودية للقانون الانساني في اليمن.
وجاء تصويت البرلمان الهولندي لتطبيق قرار صدر عن البرلمان الاوروبي في فبراير يدعو دول الاتحاد الاوروبي الى فرض حظر على الاسلحة الى الرياض.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها