محللون: ترحيل التونسيين من ليبيا لن يضعف "داعش"... وتونس متأهبة للنزوح
رأى محللون أن الاستجابة لدعوات ترحيل العمالة التونسية من ليبيا، بسبب انضمام أعداد كبيرة من التونسيين إلى تنظيم "داعش"، لن تؤثر على قوة التنظيم في الداخل الليبي. واستبعد المحللون أن يكون لدى تونس مخاوف حقيقية من تسلل عناصر تابعة لـ "داعش" عبر الحدود التونسية حال أي تدفق محتمل للنازحين من ليبيا إلى وطنهم. وتقوم أوساط ليبية "غير رسمية" بتنظيم حملاتٍ تدعو إلى ترحيل العمال التونسيين من ليبيا، تنامت على خلفية مقتل أكثر من 70 شخصًا وإصابة مئة آخرين، بتفجير مفخخة في معسكر لتدريب خفر السواحل بمدينة "زليتن" الليبية، عن طريق تونسي ينتمي إلى "داعش". وتأتي تلك الدعوات بالتزامن مع تقاريرَ غربيةٍ تشير إلى احتمالات تدخلٍ عسكري دولي لمواجهة "داعش" في ليبيا، الأمر الذي أثار التكهنات حول موجات نزوح باتجاه الحدود التونسية، التي يُخشى من تسلل عناصر التنظيم من خلالها إلى داخل تونس، حسب مراقبين. وفي اتصالٍ خاص مع "الأناضول"، قال عضو المكتب الجهوي في الاتحاد التونسي للشغل، يونس الكوكي، "ليس هناك ما يوحي بوجود تهديدٍ جدِّي لمستقبل العمالة التونسية في ليبيا، إذّ من الصعب الربط بين وجود التونسيين والعمليات الإرهابية في ليبيا". وأوضح الكوكي، أنّ "ما يقال عن حالات اختطاف عمال تونسيين في ليبيا للضغط على الحكومة التونسية ليست أكثر من ردودِ فعلٍ غير رسمية على مستوياتٍ جهوية (مناطقية) معروفة"، حسب وصفه. وكانت أنباء تواترت حول عمليات اختطاف تتم ضد تونسيين يعملون في ليبيا، معظمها يهدف إلى الضغط على الحكومة التونسية للإفراج عن معتقلين ليبيين في السجون التونسية بتهم "إرهابية". وبيّنَ "الكوكي" صعوبة التعامل الرسمي بين الحكومة التونسية وليبيا "التي تتعدد فيها مصادر القرار إلى الحد الذي يزيد من تعقيد إمكانيات التعامل الرسمي بين البلدين". وأضاف، أنّ هناك "علاقاتٍ تونسية متميزة مع شخصياتٍ وجهاتٍ ليبيةٍ فاعلةٍ ومؤثرة، وسبقَ لتونس أنْ استضافت حوارات ليبية ليبية بين رئيس المؤتمر الوطني العام (في طرابلس) المنتهية ولايته نوري أبو سهمين، ورئيس مجلس النواب (في طبرق) عقيلة صالح، لوضع حد للأزمة في البلاد". ورغم تصريحه بأن "حدود البلدين لا زالت غير مضبوطة نوعًا ما منذُ عام 2011" إلا أن الكوكي، نفى أن يكون لدى الحكومة التونسية "مخاوف من عودة العمال إلى ليبيا عبر المنافذ الرسمية، التي تمتلك الجهات المسؤولة عنها قاعدة معلومات وخدمةً أمنيةً عالية المستوى"، أما على الصعيد الاجتماعي، فليس هناك ما يدعو إلى "القلق من عودتهم إلى أوساط المجتمع التونسي الذي يغلبُ عليه طابع أيديولوجي رافض للتيارات المتطرفة"، حسب رأيه. واستبعد أنْ تؤدي الدعوات لترحيل التونسيين إلى "التأثير على قوّة داعش في ليبيا، والذي انضم إليه متسلّلونَ تونسيّون عبر الحدود بطرقٍ غير شرعية". وكشف عن استعداداتٍ تونسيةٍ وتحضيراتٍ على الحدود بين البلدين "لاستقبال النازحين الليبيين وتوفير أماكن لإيوائهم في حال تعرضت ليبيا إلى تدخلٍ عسكري غربي تتوقعه أوساط عربية وغربية"، لافتًا إلى أن الرئيس الباجي قائد السبسي "قال أكثر من مرة، إنّ تونس لا يمكن أنْ تغلق الحدود في وجه الأشقاء الليبيين"، بحسب الكوكي. الجدير بالذكر، أن إحصاءات حديثة كشفت أن العمالة التونسية داخل ليبيا تقدر بنحو مئة ألف، معظمهم يعملون بالتجارة وشركات المقاولات، إضافة إلى القطاعين الصحي والإعلامي. من ناحيته، وصفَ عضو لجنة الحوار الموقِّعة على الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية، أشرف الشح، محاولات الربط بين العمالة التونسية في ليبيا و "داعش" بـ "الخاطئة"، مضيفًا في اتصالٍ مع "الأناضول"، أنّ "داعش يضمّ تونسيين وجنسيات عربية دخلوا بصورةٍ غير مشروعة". يذكر أن صحفًا غربية نقلت عن العقيد إسماعيل شكري قائد الاستخبارات العسكرية في مدينة مصراتة ، قوله إن "داعش يضمّ حوالي ثلاثة آلاف مقاتل ثلثهم تونسيون" والباقون قدموا من دول عربية وأفريقية. وذهب الشح، إلى أن الضجة الإعلامية التي أثيرت حول العمالة التونسية تعود إلى "القبض على عددٍ من عناصر داعش ممنْ يحملون الجنسية التونسية، وهذا لا يعني تعميم الوصف على العمالة التونسية التي دخلت بطرقٍ رسمية بعد خضوعها للتدقيق الأمني". وأشار في الوقت نفسه إلى "عدم وجود حملة رسمية لترحيل العمال أو المواطنين التونسيين، مؤكداً على "دخولهم إلى ليبيا دون مطالبتهم بتأشيرةِ دخولٍ، كما هو معمول به مع جنسيات أخرى". وقال إنّ "ترحيل العمال التونسيين أو عدمه، أو حتى غلق الحدود لن يؤثر في قوة داعش أو تمدده"، مؤكداً أنّ القضاء عليه يتمّ من خلال "الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة قادرة على تجاوز الأزمة السياسية، وإجراء ترتيباتٍ أمنيةٍ قادرة على مواجهته". أما الباحث في الشأن السياسي الليبي عصام الزبير، فقد أشارَ في اتصالٍ مع "الأناضول"، إلى وجود "العديد من اللجان المشتركة بين البلدين لتفعيل وتطوير علاقاتهما، لكنّ تونس لمْ تتعامل معها بشكلٍ جدّي". وحول قضية المخطوفين التونسيين في ليبيا، قلّل الزبير من أهميتها، قائلًا إنها "لا تشكل ظاهرة إنّما هي أفعال وأساليب مُورست في السابق على العديد من البلدان العربية أو الأجنبية للضغط عليها لتحقيق مكاسب معينة"، ووصفها بأنها "أفعالٌ غير منظمة". وأضاف، إنّ "إغلاق الحدود، كما هو ترحيل العمال التونسيين، لنْ يؤثرَ على قوة، أو ضعف، داعش" موضحاً أنّ "العمالة التونسية تتركز في القطاعات الخدمية، وقطاع البناء بشكلٍ خاص". واستبعد أنْ يكون هؤلاء هدفاً "لنشاطات داعش لضمهم إلى صفوفه"، كاشفاً عن "اتباع التنظيم أساليب تجنيد عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي لجذب التونسيين أو غيرهم إلى الأراضي الليبية ومن ثمّ يتمّ تدريبهم في سيرت وضواحي درنة قبل إرسالهم إلى سوريا والعراق". وأوضح الزبير أنّ "مقتل عدد من عناصر داعش من حَمَلة الجنسية التونسية خلال العمليات العسكرية أو الضربات الجوية هو الذي أثار الضجة حول مسائل ذات صلة بالعلاقات الليبية التونسية أو إغلاق الحدود أو ترحيل العمال التونسيين وغيرها من القضايا العالقة". ولفت إلى أنّ تونس "شهدت العديد من العمليات الإرهابية، لكنْ حتى الساعة لمْ يتمْ اتهام أيّ مواطنٍ يحمل الجنسية الليبية بالضلوع في مثل تلك العمليات، أو المشاركة فيها"، بحسب الباحث في الشأن السياسي، الليبي عصام الزبير.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها