في تعز.. تموت الأسود جوعا
أصبحت حديقة الحيوان في مدينة تعز اليمنية مكانا موحشا، حيث تحولت حيوانات إلى عظام داخل أقفاصها بعد نفوقها جوعا، بينما تصارع بقيتها داخل الأقفاص الفارغة من أجل البقاء، وهي توشك على الفناء تحت وطأة الجوع الذي يفرضه حصار الحوثيين.
وبدأت مشكلات حديقة الحيوان الواقعة في منطقة الحوبان منذ استيلاء الحوثيين عليها، وتدهورت أوضاع الحيوانات فيها مؤخرا على نحو واضح، حيث أكل فهد يائس فهدا آخر من شدة الجوع في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو الشهر الأسوأ بحسب الطبيب البيطري في الحديقة، من حيث الخسائر ونفوق الحيوانات بسبب الجوع والمرض.
وتعتبر تعز من أكثر المناطق اليمنية التي تعيش أزمة إنسانية بالغة جراء الصراع، فالحصار الذي يفرضه الحوثيين منذ أكثر من عام عليها لم يرحم إنسانا ولا حيوانا، حيث يعاني الآلاف من سكانها من نقص كبير في المواد الغذائية والطبية، أدى إلى وفاة عشرات المدنيين بعد توقف معظم مستشفيات المدينة عن العمل.
الجوع والمرض
وقال مدير حديقة الحيوان شوقي الحاج إن الجوع والمرض قتل 11 أسدا وستة نمور عربية نادرة من أصل 31 نمرا، فضلا عن عدد من الحيوانات من ضمنها المها العربي النادر الذي كانت الحديقة تمتلك 18 منها من ثلاثة أنواع، ولم يتبق منها على قيد الحياة سوى خمس.
وتعتبر حديقة الحيوان التي افتُتحت قبل أكثر من عشرين عاما في تعز، من أكبر الحدائق في اليمن، حيث تحتوي على حيوانات نادرة كالنمور العربية والمها والأسود، فضلا عن الضباع والثعابين والتماسيح والبوم والقرود والببغاوات والنعامات والصقور والحدأة والنسور، وغيرها.
كما تمتاز هذه الحديقة عن غيرها من الحدائق في اليمن بامتلاكها أنواعا نادرة من النمور والمها العربي، وقد نجحت خلال السنوات الماضية بالحفاظ عليها وتكثيرها، وزودت الإمارات وحديقة الحيوان في صنعاء بعدد من هذه النمور.
وقال الحاج في حديث للجزيرة نت إن الحوثيين تحملوا مسؤولية تغذية الحيوانات في الحديقة كونهم الطرف المسيطر في المنطقة، لكن تموينهم لم يكن بالشكل المطلوب مما تسبب في نقص غذائي للحيوانات ظهر على المدى الطويل وفتك بعدد منها.
دعم وحزن
وأضاف مدير حديقة الحيوان أنهم يسعون حاليا -بعد الحصول على دعم من السلطة المحلية- لإنقاذ عشرين أسدا و25 نمرا باقية على الأقل داخل أقفاص الحديقة، وأضاف: "أن امرأة سويدية قامت أيضا بدعم الحديقة بمبلغ 33 ألف دولار عبر مندوبها الذي يقوم بشراء الأغذية للحيوانات ويتابع بشكل مستمر".
من جهته أعرب طبيب الحديقة البيطري أحمد عبد الرزاق عن أسفه وحزنه لفقدان العشرات من الحيوانات النادرة، مبينا -في حديث للجزيرة نت- أن موتها كان بسبب الجوع والمرض.
وقال إن النمور نفقت بعد ضعف قدراتها البصرية وتدهور حالتها الصحية وعدم تمكنها من الأكل بالشكل المطلوب، وماتت أيضا المها بسبب تدهور الغذاء وانتشار حشرات القرد وعدم توفر اللقاحات والمبيدات الذي تحميها منها الحشرات.
وأضاف: "حاولنا بشتى السبل إيجاد هذه اللقاحات، وبذلت قصار جهدي لتوفير ما استطعت من أدوية خلال الفترة الماضية، لكن رغم عدم اعتماد موازنة لشرائها وصرف تكاليفها بالجهود الذاتية، لم نستطع تغطية الحاجة الكبيرة للحديقة لكل ما ذكرت، فضلا عن أن هناك أدوية انعدمت من السوق تماما.
عجز ومسؤولية
بدوره أكد الصحفي حسام الخرباش الذي يسكن في منطقة قريبة من الحديقة، أن أوضاع الحيوانات ساءت كثيرا خلال الشهرين الماضيين بعد أن عجز القائمون على الحديقة عن توفير الطعام لها وتركت لمصيرها يحاصرها الجوع داخل أقفاصها.
وقال في حديث للجزيرة نت: "يتحمل الحوثيون المسؤولية الكبرى بسبب هذه المجاعة التي شهدتها الحديقة باعتبارهم الطرف المسيطر على المنطقة، وأيضا لعدم تجاوبهم مع مناشدات العاملين بتوفير الأطعمة والأدوية بالشكل اللازم، فضلا عن منع عدد كبير من عمال الحديقة وعددهم 67 من الوصول إليها بسبب الحصار".
وأضاف: "مع أنه تم شراء بعض الأدوية والأغذية، فإن ذلك لا يمنع المخاوف من تكرار الكارثة مرة أخرى كون التمويل الذي قدم للحديقة مؤخرا من صندوق النظافة قد يتوقف في أي لحظة بسبب الأوضاع الذي تشهدها المدينة، الأمر الذي يستدعي تدخل منظمات الرفق بالحيوان لتفادي كارثة جديدة".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها