4ملايين يمني يحلمون بكسرة خبز وجرعة دواء
باتت كسرة خبز، وجرعة دواء، أقصى ما يحلم به اليمنيون في مدينة تعز، التي تحولت إلى أشبه بمدينة أشباح لا يسكنها إلا الخوف والجوع وأصوات القصف، بعد 10 أشهر من الحصار الخانق، الذي تفرضه عليها جماعة “أنصار الله” (الحوثيين).
وتظهر في بيوت وأزقة المدينة المحاصرة، وسط اليمن، نُذر كارثة إنسانية حقيقية، فهناك يطل الوجع برأسه في زاوية، والجميع يتحسس بصيص أمل، قد يرفع المأساة عن مدينتهم، وينتشلهم من مستنقع الجوع والخوف.
هناك في تعز يحتاج المحاصرون للحصول على طعامهم عبور 3000 قدم، عبر طرق وعرة، تعترضهم فيها أخطار جمّة، تبدأ بالسير وسط الصخور والمنعرجات على ارتفاعات شاهقة، ولا تنتهي بقناصة “الحوثيين” المنتشرين بين الجبال.
معاناة سكان تعز
وتروي الناشطة الحقوقية إشراق المقطري فصول معاناة سكان تعز قائلة: “الحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح منذ أشهر على تعز، والقصف المستمر لمنازل المواطنين، واستهداف المستشفيات والوحدات الصحية، دفع بالأوضاع الإنسانية والصحية إلى الهاوية، وبات أكثر من 4 ملايين نسمة ينتظرون الهلاك، في ظل صمت المجتمع الدولي، وخذلان المنظمات الإنسانية والإغاثية لمعاناة الناس هناك”.
وتضيف المقطري: “في تعز هناك حالة سخط وامتعاض من الدور السلبي للمنظمات الدولية الإغاثية، إذ ظلت عاجزة عن تقديم المساعدة، حتى أنها عجزت عن اتخاذ موقف شجاع يدين ممارسات (الحوثيين) غير الأخلاقية تجاه السكان هناك، أو مطالبة تلك المنظمات بفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإغاثية، وإبعاد المواطنين عن أماكن التوترات”.
ومضت تقول: “ينبغي أن تسارع الجهات المسؤولة ومنظمات الإغاثة الإنسانية لإنقاذ الناس في تعز، قبل وقوع الكارثة”.
وتشير إلى أن طريق “مشروعة وحدنان”، الذي يسيطر عليه الجيش الوطني، والمقاومة الشعبية، الموالية للحكومة اليمنية، متاح حالياً لنقل المساعدات للمحاصرين.
وتقول: “المطلوب من الجهات الإغاثية المعنية تسيير المساعدات الغذائية والدوائية عبر طريق (مشروعة وحدنان) إلى منطقة (المسراخ)، التي تبعد 60 كم عن مدينة تعز، وهناك سيقوم أبناء المدينة بنقلها للمحاصرين”.
وتوضح المقطري أن آخر مساعدات وصلت تعز عندما أنزلت طائرات تابعة لـ”التحالف العربي”، مؤخراً، 40 طناً من المواد الطبية والإغاثية، إضافة إلى جهود بعض الجمعيات الخيرية في إيصال بعض المساعدات، ولكن كل ذلك لا يغطي ما نسبته 5% من احتياجات المواطنين، في ظل انعدام تام لكل الاحتياجات الحياتية الأساسية.
خطر وقوع كارثة
وتقول الناشطة اليمنية: “كلما مرّت الأيام ازداد خطر وقوع الكارثة، ولولا طريق (مشروعة) الوعر، الذي يسلكه السكان لتوفير بعض الاحتياجات بصعوبة بالغة لغدت حياة الناس جحيماً لا يطاق.. ينبغي على الحكومة اليمنية والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، العمل بشكل سريع وعاجل، لإنقاذ حياة أكثر من 4 ملايين نسمة محاصرين في تعز”.
وتؤكد المقطري أن المخزون الدوائي نفد قبل فترة طويلة، وأغلقت المستشفيات في المدينة الأقسام الخاصة بالنساء والولادة وأقسام غسيل الكلى.
وبحسب إحصائيات صادرة عن مكتب صحة تعز، فإن 73 حالة وفاة سجلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وجميعها من مرضى الفشل الكلوي، بسبب غياب المحاليل والأجهزة الطبية اللازمة، من المستشفيات لتقديم العلاج لهم.
كما أن هناك 7600 جريح بسبب الحرب، بحاجة إلى العلاج الفوري، أو النقل إلى خارج المدينة، وفق ذات الإحصائية.
نقص المعونات الطبية
ولا تقتصر صور المعاناة، التي بلغت ذروتها في المدينة، على الدواء والغذاء، فتقول الناشطة الحقوقية مقطري: “ليس الدواء والغذاء وحدهما ما يؤرقان حياة الناس هنا، فانعدام أسطوانات غاز الأوكسجين أسهم في وفيات عدة، خاصة من الأطفال والنساء الحوامل، فضلاً عن غياب الكهرباء، والمياه، والمشتقات النفطية، وغاز الطبخ، والسيولة المالية”.
وكانت “اللجنة الطبية العليا” في تعز قد حذرت قبل أيام من اتجاه الأوضاع الإنسانية في المدينة نحو الكارثة، بعد توقف العمل في 37 مستشفى، وإلغاء إجراء نحو 1000 عملية جراحية إسعافية، جراء انعدام أسطوانات الأوكسجين.
وفي هذا السياق، تقول المقطري: “رغم صرخات ومناشدات العاملين في القطاع الصحي إلا أن الأمور بقيت كما هي، وكأن لا أحد يعنيه أن المدينة مقبلة على كارثة حقيقية وفاجعة، في حال استمرار الحصار والتوقف التام للمستشفيات”.
جدير بالذكر، أن عدد الضحايا في مدينة تعز من المدنيين جراء الحرب وقصف “الحوثيين” المتواصل للمدينة، بلغ 1536 قتيلاً، بينهم 148 طفلاً، و135 امرأة، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف جريح، بينهم 288 بحاجة ماسة للسفر للعلاج بالخارج، بحسب إحصائية صادرة عن مكتب الصحة بالمدينة، في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويفرض الحوثيون وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح حصاراً على جميع المنافذ الرئيسية في لمدينة تعز منذ 10 أشهر، ويمنعون إيصال الإمدادات الطبية والإنسانية للمستشفيات الواقعة في مناطق سيطرة المقاومة الموالية للحكومة، وفقاً لمنظمات حقوقية محلية ودولية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها