ناشط جنوبي : شعب الجنوب مستعداً للحوار
لا اعلم من هو صاحب شعار ( لا تفاوض لا حوار نحن اصحاب القرار) ولا اعلم ما إذا كان صاحب هذا الشعار اطلقه وهو يعي معانيه الخطرة على قضية شعب الجنوب أم لا , وهل كان ذلك عن حسن نية أم عن خبث ؟. ومع الاسف الشديد تردده جماهير شعبنا عن حسن نيه , ايمانا منها بقضيتها العادلة . وزاد الطين بلة أنه حتى القائمون على ما يسمى بقناة عدن ليف يتفاخرون بترديده على قناتهم , فهم لا يعون معانيه الخطرة على قضية شعبنا , وهم بذلك يذكروننا بتلك الشعارات التي كانت قيادات الجنوب السابقة تجبر الجماهير على ترديد شعارات لا تعي معانيها ومخاطرها مثل ( يمن ديموقراطي موحد نفديه بالدم والارواح) و(ثورة .. ثورة لا اصلاح ) فكانت نتائجها كارثية على شعب الجنوب , وخير دليل وضع الاحتلال الذي نعيشه اليوم.
وها هي اليوم تكرر نفس الاخطاء في ترديد شعارات لا تعي معانيها , ومنها هذا الشعار ( لا تفاوض لا حوار نحن اصحاب القرار ) فهي بهذا الشعار ترتكب خطأ جسيم جدا , والدليل على قولنا ما يلي :
أولاً: ان من يقول انه يرفض الحوار كمثل الذي لديه عصاء ويعطيه لخصمه ويقول اضربني بعصائي . فالحوار قيمة انسانية لا يمكن لإنسان سوي أن يرفضه , فكيف اذا كان هذا الانسان يدعي أنه سياسي ولديه قضية عادلة مثل قضية شعب الجنوب أن يرفض الحوار ؟.
ثانيا: أي خلاف أو صراع بين طرفين حول قضية ما ومهما طال الصراع حولها , ومنها قضية شعبنا , فأنه في نهاية المطاف سوف يتم حلها عن طريق الحوار والتفاوض بين الطرفين .
ثالثاً: عندما يرفض الانسان خيار التفاوض والحوار , فذلك يعني ان خيار الحرب هو وسيلته الأخرى التي يتمسك بها للتعامل مع الطرف الأخر ولحل قضيته . وشعب الجنوب ضل وسوف يضل يناضل بشكل سلمي وحضاري رغم القتل والقهر , وهذا يعني أنه يؤمن بالحوار والتفاوض لحل قضيته.
رابعاً: ترديد هذا الشعار يعني أن الجنوبيين لا يقرأون جيدا الوضع العالمي وتوجهاته , وهذا ما يجعل العالم يقف ضدنا رغم ادراكه لعدالة قضيتنا . وبالمقابل الطرف الآخر يحصل على تعاطف اقليمي ودولي . وبالفعل الطرف الأخر يشيع أن الجنوبيين يرفضون الحوار.
خامساً: هذا الشعار يظهر شعب الجنوب أمام العالم وكأنه يخاف من التفاوض والحوار لأنه ليس لديه قضية عادلة , أو أنه ليس لديه قدرات على التفاوض. والعكس هو الصحيح.
سادساً: بهذا الشعار يتم ايهام البسطاء من جماهير شعبنا أن الاستقلال المنشود سوف يتحقق بيسر وسهولة سريعة. وبمجرد حوار أو تفاوض بين الطرفين ( الجنوب والشمال) ولمدة ايام محدودة وسوف يأتي الاستقلال . والحقيقة أن الاستقلال ليس بالأمر السهل , فقضية شعب الجنوب معقدة للغاية وتحتاج لعقول جنوبية مبدعة وفي مختلف المجالات العلمية لتقود حوار شاق ومعقد ومطول , وقد يكتنف مسيرة الحوار الفشل ولعدة مرات , وقد يصاحبه ايضا صراع مسلح.
ولتوضيح الصورة الحقيقية لنهج شعب الجنوب السلمي عمل الفريق الجنوبي برئاسة المناضل الدكتور / ناصر الخبجي الذي التقى بالوزير البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال افريقيا وسفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي اثناء زيارتهم لعدن في الخامس من هذا الشهر على تغيير الصورة التي كان الطرف الآخر قد زرعها في ذهن الجانب الدولي عن موقف شعب الجنوب من الحوار , وبشكل كبير فوق ما يتصوره البعض . فقد وضع مسبقا خطة محكمة ومبسطة لما سوف يقوله للجانب الدولي . وبما لا ينتقص شيئا من مطالب شعب الجنوب , وبالفعل استطاع ايصال قضيته بشكل سلس ومفهوم , حتى أن السفير الأمريكي بعد نهاية اللقاء قال لاحد الحاضرين معه . (( كان هذا افضل لقاء حول القضية الجنوبية)) .
وانطلاقا من هذه التجربة الجنوبية الجيدة والمفيدة فإن موقف الشعب الجنوبي تجاه الدعوات الاقليمية والدولية له بالدخول في الحوار مع الطرف الأخر تتجلى خطوطه العريضة والمعقولة وفي ابسط صورها على النحو التالي:
1. يعبر شعب الجنوب عن تقديره وعرفانه للاهتمام الاقليمي والدولي بقضية العادلة , ويبدي استعداده للتجاوب مع كل الدعوات الخيرة لحل قضيته.
2. شعب الجنوب خاض نضاله التحرري بشكل سلمي وحضاري رغم القمع والقتل , ويؤمن بالحوار والتفاوض كقيمة انسانية رفيعة لحل قضيته ومستعدا له , ولكن على أن تتوفر ابسط شروط الحوار والتفاوض المتعارف عليها دوليا.
3. أن يكون الحوار بين طرفيين ندين متساويين ( الجنوب والشمال).
4. أن يكون الحوار في أرض محايدة وتحت اشراف اقليمي ودولي ضامن .
5. دخوله في الحوار والتفاوض مع الطرف الأخر لا يعني تقييده بأي سقف للحوار قد تكون حددته وثيقة ما في وقت سابق , ولهذا فهو لا يؤمن باي سقف لأطروحاته ومطالبه إلا سقف ارادته التي يناضل من أجلها وقدم في سبيلها التضحيات الغالية .
6. سيكون حواره وتفاوضه مع الطرف الآخر حول قضيته ( القضية الجنوبية ) ولن يشارك في أي نقاش أو حوار لقضية اخرى.
7. قوى الثورة السلمية لتحرير الجنوب واستعادة دولته المستقلة هي من سوف يحدد ممثلي شعب الجنوب في الحوار مع الطرف الآخر.
قد يقول البعض أن هذه الرؤية متواضعة , ولكننا نقول أن النجاحات التي حققتها الثورة الجنوبية بفضل نضال شعبنا وتضحيات شهداءه وشهيداته بحاجة الى التقاط ثمارها في الوقت المناسب , فالانغلاق لا يخدم قضية شعبنا , وعلينا ان نعرف انه بقدر ما نحن الطرف الاساسي والأول فيها , فإن هناك اطراف اقليمية ودولية لها دور اساسي وفاعل في حلها . وعلينا التعامل مع دعوات تلك الاطراف دون التفريط بالأهداف الرئيسية لثورة شعبنا . ولاسيما ان هناك اشارات مشجعة من تلك الاطراف.
كما أن القبول بالحوار وبأبسط الشروط المذكورة انفا لا يعني توقف شعبنا عن نضاله , وإنما هو مطالب بتصعيد هذا النضال بشكل غير مسبوق. لأن ذلك عامل ايجابي كبير في دعم المفاوض الجنوبي.
هذه هي مجرد رؤية ونأمل من الجنوبيين والجنوبيات اغنائها بما يرونه ضرورياً حتى نبي عليها تصورنا.