الجزيرة : دعوات جنوبية لانفصال حضرموت
دعت قيادات جنوبية بـاليمن إلى فصل حضرموت عن بقية محافظات الجنوب، وذلك في خطوة تتعارض مع دعوات الحراك الجنوبي لاستعادة ما يسمى دولة الجنوب وتعرض وحدة اليمن لمخاطر التوجهات التجزيئية.
فقد طالبت قيادات حضرمية، شاركت باجتماع عقد اليومين الماضيين بالعاصمة السعودية الرياض، الأمين العام لـمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني "بحل عادل لقضية حضرموت وفق المعايير الدولية وإعطاء شعب حضرموت حق تقرير مصيره".
وقال بيان صادر عن تكتل عصبة القوى الحضرمية أول أمس الخميس إن قيادة الكتلة طالبت خلال الاجتماع بتطبيق قرارات الأمم المتحدة الصادرة عامي 1963 و1965، والتي تنص على "حق تقرير المصير لشعب حضرموت".
وكان مجلس التعاون برئاسة الزياني التقى الثلاثاء الماضي بعدد من القيادات الجنوبية وممثلي قوى الحراك الجنوبي بالداخل والخارج في إطار جهود تبذلها الدول الراعية للمبادرة الخليجية باليمن، وذلك لحمل الجنوبيين على المشاركة بالمؤتمر المرتقب للحوار الوطني.
وشهد اللقاء جدلاً واسعاً بين عدد من قيادات الحراك الجنوبي التي ترفض المشاركة في الحوار بصيغته الحالية، وتطالب بالانفصال واستعادة ما تسميه دولة الجنوب العربي، وبين قيادات حضرمية ترى أن حضرموت كيان وهوية مستقلين وليست جنوبية.
تحديد المصير
وقال رئيس عصبة القوى الحضرمية عبد الله باحاج إن الموقف الجوهري الذي يجمع عصبة القوى الحضرمية مع مطالب الحراك الجنوبي هو "التحرير والاستقلال، كون أراضي حضرموت وأراضي الجنوب في حالة احتلال من لدن قوات صنعاء منذ 1994" على حد قوله.
واعتبر باحاج في حديث مع الجزيرة نت أن ما يطالب به الحراك الجنوبي من استعادة لدولة الجنوب السابقة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) يمثل "كارثة قادمة" على حضرموت لكون هذه الدولة المطلوب استعادتها هي الأخرى كانت دولة احتلال لأرض وشعب حضرموت منذ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967.
وقال باحاج "إن شعب حضرموت فرض عليه بالقوة المسلحة على مدى نصف قرن نظام حكم لا يعبر عن هويته الاجتماعية والحضارية والسياسية والتاريخية أن يكون يمنياً جنوبياً ثم يمنياً موحداً وهو ليس بيمني جنوبي ولا بيمني موحد".
استفتاء شعبي
وأضاف المتحدث نفسه "طالبنا بإجراء استفتاء شعبي حر في حضرموت تشرف عليه منظمات إقليمية ودولية، ويشارك فيه كل أبناء حضرموت بالداخل والخارج من أجل تحديد المصير واختيار شكل نظام الحكم.
وتعد أبرز مطالب عصبة القوى الحضرمية تمكين سكان حضرموت من أن يختار وبحرية تامة نظام الحكم الذي يرتضونه، وتعد العصبة ائتلاف مجموعة من التنظيمات السياسية الحضرمية ظهر في 17 مايو/أيار الماضي بدعوة وسعي حثيث من جبهة إنقاذ حضرموت، وهي أحد مكونات هذه العصبة.
وتقول هذه العصبة "إن الاحتلالين اليمني الجنوبي واليمني الشمالي مثل عائقا أمام تحقيق الحلم الحضرمي في أن تكون دولة حضرموت المتحدة دولة خليجية سابعة".
ويشير سياسيون جنوبيون إلى أن مأزق التسوية السياسية باليمن -التي تحظى برعاية إقليمية ودولية- يكمن في رفض غالبية الجنوبيين المشاركة في حوار لا يرون له أفقا يلبي مقتضيات حل قضيتهم "على النحو الذي يحقق تطلعاتهم وأهداف ثورتهم السلمية".
تبديد المخاوف
وقال علي الكثيري نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب رابطة أبناء اليمن والناشط بالحراك الجنوبي في حضرموت إن المتابع لما يجري بالمحافظة "سيجد أن الغالبية يحتشدون في ساحات الحراك المطالب باستقلال الجنوب عن الشمال".
واعتبر الكثيري في حديثه للجزيرة نت بأنه لا يمكن التقليل من قيمة الدعوات المتنامية في حضرموت للانفصال عن اليمن شمالا وجنوبا، مشيرا إلى أن هذه الدعوات نتاج ما تعرضت له حضرموت طيلة السنوات الـ25 الماضية من إقصاء واستلاب وإخضاع.
وأشار إلى أن غالبية أبناء حضرموت ترى أن "الخلاص كامن في تحرير الجنوب عن الشمال، وأن جنوبا جديدا سينتصب على قواعد الشراكة في السلطة والثروة واعتماد الفدرالية بين مكونات الجنوب".
وأكد الكثيري أن هذا الأمر من شأنه أن يبدد مخاوف أبناء حضرموت وعدن والمهرة تحديدا، ويحصن الجميع من شراك تجربة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بين عامي 1967 و1990 على حد قوله.
خطر التفكك
ويحذر محللون من أن خطر تفكك الوحدة الحالية لليمن سيفرز عددا كبيرا من دعوات الانفصال من أكثر من منطقة وأعمال عنف بين أطراف عديدة، بما فيها القوى الانفصالية بالجنوب فيما بينها.
ويرى المحلل السياسي والباحث المتخصص بالقضية الجنوبية عبد الناصر المودع أن الحقائق على الأرض تشير إلى أن "أي عملية انفصالية جدية ستؤدي إلى انتشار العنف والفوضى والحروب العديدة في أكثر من منطقة يمنية شمالية وجنوبية".
وقال المودع بحديث مع الجزيرة نت إن هناك دعوات انفصالية داخل الكيانات التي تطالب بالانفصال، وإن مطالب العصبة الحضرمية بحق تقرير مصيرهم حضرموت تعد نموذجا لهذه الحالة".
وشدد الباحث على أن اليمن في وضعه الحالي لا يحتمل أي صبغة غير صبغة الدولة الواحدة، وأن أي تفكك لهذه الصبغة يعني دخول البلاد جنوبا وشمالا في "حالة من الفوضى والتجزئة لا نهاية لهما".
المصدر:الجزيرة