يعمل مجموعة من الأطفال واليافعين في غاية السعادة كخلية نحل في قناة متخصصة بالأطفال انطلقت ببثها التجريبي قبل نحو أسبوعين، في خطوة هي الأولى في فلسطين.ومعظم هؤلاء هم من ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية عام 2008، وينشطون في خطوة لإبراز معاناتهم على مدار السنوات الماضية من خلال البرامج المنوعة، والترفيه عن أنفسهم بمشاركة الأطفال في محاولة لنسيان أيام ثقيلة على الذاكرة والقلب، بحسب ما أوردته وكالة "معا" للأنباء.
ويسعى هؤلاء من خلال انضمامهم للإذاعة التي تتبع نادي "الصحفي الصغير"، الذي أسس عام 1997 واهتم بتشجيع الأطفال على نشر مقالاتهم و كتاباتهم في وسائل الإعلام المختلفة في الداخل والخارج، لتنمية مواهبهم ومشاركة المجتمع أفكارهم وطموحاتهم.واجتهد الأطفال واليافعون بمساعدة مشرفيهم على وضع خطة برامجية للبث التجريبي لراديو وتلفزيون "الصحفي الصغير" الذي يبث من مدينة غزة بالصوت والصورة.
ويحاولون تنفيذ ما تلقوه خلال الدورات المكثفة في النادي، الذي اجتهد على مدار سنوات لإطلاق أول إذاعة مسموعة وتلفزيون إلكتروني في قطاع غزة يحمل هموم الأطفال ويسعى في تنمية مواهبهم وقدراتهم والتنفيس عنهم.وتقول منسقة البرامج الصحافية اليافعة، إيمان أبو واكد، إن انطلاق الإذاعة جاء بعد جهد كبير وفترة تدريب طويلة، مشيرة إلى أنها ستنوع في تناول قضاياها، لا سيما في المجالات الترفيهية والفنية والإعلامية وكذلك الإغاثية العلاجية والتنموية.
وتشير إلى أن جميع البرامج من إعداد وتقديم وتنفيذ الفتيان والأطفال، لافتة إلى أن هدف المؤسسة هو إتاحة الفرصة للأطفال والفتيان والشباب لتحقيق ذاتهم وتحسين أدائهم واستثمارهم في عملية الإنتاج والإبداع.
طموح "فضائي":
وتقع الإذاعة والتلفزيون الإلكتروني في مقر متواضع وسط مدينة غزة، يتكون من صالة للمونتاج والبث وأخرى للإعداد، إضافة إلى استوديو بألوان زاهية يتناسب والفئة المستهدفة، وتبث الإذاعة على الموجة 106.3، فيما يبث التلفزيون الإلكتروني عبر موقع النادي www.yjctv.ps.ويطمح الأطفال والفتيان الذين يديرون هذه القناة لتحويل البث التلفزيوني الإلكتروني إلى فضائي لبث قضاياهم للعالم أجمع.
وتشير المذيعة اليافعة آية الطيب إلى أن الإذاعة متخصصة ذات أهداف نوعية خاصة تعبر عن رؤية النادي إزاء قضايا الأطفال والدفاع والترويج لحقوقهم على كافة المستويات من أجل تقديم خدمة إعلامية متكاملة، لافتة إلى أنها تهدف لتمكين المشاركين بالتدريب على المهارات الإعلامية والثقافية وتطوير قدراتهم على تنفيذ ومتابعة ثقافاتهم.
وأكدت الطيب أن الإذاعة ستعمل على مساندة ومساعدة كافة المؤسسات العاملة في مجال الفتيان والشباب وتغطية فعاليتهم إعلاميا وتوفير المعلومات وتبادلها فيما بينهم، موضحة أن بعض البرامج ستبث باللغتين الإنكليزية والفرنسية.وركز النادي في السنوات الأخيرة على قضايا الأطفال والشباب ورسم لوحات الأمل لديهم بريشتهم وأقلامهم وكاميراتهم الصغيرة ليوصلوا صوتهم إلى باقي أطفال العالم.
وتحدثت الصحافية اليافعة جميلة الهباش التي فقدت ساقيها في الحرب الأخيرة على غزة عن كون البرامج المقترحة سوف توجه إلى الأطفال وتتعلق باهتماماتهم، على سبيل المثال: دروس اللغة، الحياة المدرسية، المشاكل في المدارس، هواياتهم، دورهم في المجتمع، عمالة الأطفال، حقوق الأطفال، العلاقة مع الآباء والمدرسين.
وأشارت إلى أن هناك العديد من البرامج التي سوف تتم فيها دعوة الآباء للنقاش والاستماع لأطفالهم بوجود مختصين في التربية وأطباء وخبراء نفسيين، وذلك لاقتراح حلول للمشاكل الأكثر انتشاراً عند أطفال غزة.
صحافيون يتامى:
أما الصحفيتان الصغيرتان زينب ومنى السموني اللتين فقدتا عائلتهما خلال الحرب أيضاً واللتين ستُقدمان برنامجاً خاصاً بهذه الفئة فشكرتا الإذاعة كونها أتاحت لهن فرصة توصيل صوتهن للعالم ونقل صورة المعاناة الحقيقية للضحايا، ويشاركهما في البرنامج الطفل لؤي صبح (13عاما) الذي فقد عينيه أيضاً خلال الحرب.
والسموني ومعهن عدد من أطفال ضحايا الحرب وأعضاء نادي "الصحفي الصغير" سافروا مؤخراً إلى فرنسا ودولاً أوروبية أخرى للعلاج النفسي وتلقي دورات تدريبية في مجال إعداد وتقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
وذكرت أبو واكد -منسقة البرامج- أن القناة ستشترك في برامج مباشرة مع نظيراتها في مدن فرنسا وبلجيكا لتعزيز التعاون والتواصل مع أطفال العالم خاصة مع أبناء الجاليات الفلسطينية والعربية هناك.وأشارت إلى أن وفداً من الفتيان والفتيات شاركوا في برامج مشابهة في تلك المدن في فترات سابقة.
وتقول أبو واكد إن الإذاعة تلقت تمويلاً جزئياً بنسبة 20% من مؤسسات فرنسية مساندة للشعب الفلسطيني من بينها "CBSP" وهي جمعية فرنسية تساعد في مشاريع إنسانيه، مشيرة إلى وجود نقص شديد في تمويل المعدات اللازمة لاستمرارية الإذاعة والتلفزيون بشكل جيد.
وشكرت المؤسسات الفرنسية منها بال ميد وبعض البلديات الفرنسية والقنصلية الفرنسية التي ساهمت مساهمة إنسانية لعلاج الأطفال جسديا ونفسيا في السنوات الأخيرة.