محنة الشيخ طارق الفضلي مع اللجان الشعبية
عدن بوست الاثنين 17 ديسمبر 2012 08:24 مساءً
يبدو من تتبع تسلسل أحداث عودة الشيخ طارق الفضلي إلى مدينة زنجبار ، أن عودته لم تكن مصادفة، بل كان مخططاً لها، وبتطمينات والتزامات من قيادات عليا في السلطة، فطارق الفضلي ،الذي يعرف أن أعداءه أكثر من أصدقائه في هذه الفترة، لا يمكن أن يعود إلى مدينة زنجبار وهي تحت سيطرة اللجان الشعبية أبرز خصومه على الإطلاق، وأيضاً لم يعد له ذلك الولاء والاحترام السابق بين أبناء قبائله.
ثم أن هناك حقيقة تبدو غائبة لمتابعي أحداث عودة الفضلي، وهي أن اللجان الشعبية، لم تكن لتجرؤ على مهاجمة منزل شيخ مشائخ آل فضل لولا وجود ضوء أخضر من مشائخ قبائل آل فضل، بل إن معظم أفراد اللجان هم من أبناء آل فضل أنفسهم .. وقد كانت هناك مجموعة من الأحداث زادت من نقمة قبائل آل فضل ضد الشيخ طارق الفضلي، لعل أهمها حادثة مجزرة وادي حسان، حيث أن مجموعة كبيرة من رجالات آل فضل قد قضوا في تلك الحادثة الرهيبة، وكانت مجزرة وادي حسان قد وقعت في يوم الجمعة 29يوليو 2011م ، وراح ضحيتها أكثر من 30شهيداً، وأكثر من 50جريحاً من أبناء آل فضل، بواسطة قصف الطيران الحربي للنظام السابق وجماعة أنصار الشريعة على مواقع القبائل في وادي حسان - 30كم شرق مدينة زنجبار- وبالإضافة إلى حوادث أخرى سابقة مشابهة، فقد كانت هذه الحادثة هي القشة التي قضت على علاقة الشيخ طارق الفضلي مع قبائله، وقطعت كل ولاء كان يمكن أن يقدم للفضلي من قبائل آل فضل.
من زاوية أخرى يرى بعض المحللين أن ردة فعل اللجان الشعبية السريعة ضد عودة الفضلي لم تكن موفقة، حيث أنه وإن كان متهماً بتواطئه مع جماعة أنصار الشريعة، فإنه مازال يملك الكثير من مقادير القوة في محافظة أبين، ولعل حادثة التفجير في مبنى المحافظة القديم بعد يومين من خروج الشيخ طارق الفضلي يدل على ذلك، ثم أن استشهاد أحد حراسة الفضلي بعد رمي احد افراد اللجان الشعبية قنبلة يدوية باتجاه سور منزل الفضلي، يبدو أنه لن يمر بسلام، حيث أن القتيل محمد حسين الحسيني المرقشي هو ابن أحد أبرز مشائخ قبيلة المراقشة، والتي تعد أقوى قبائل آل فضل وأكثرها تنظيماً وتماسكاً، بل يقول بعض محبي الفضلي ومناصريه، كان على اللجان الشعبية أن تطالب بالقبض على من سلّم محافظة أبين للقاعدة، وعلى رأسهم محافظ أبين السابق صالح الزوعري ومدير امن المحافظة السابق عبدالرزاق المروني وقائد الأمن المركزي ومديري جهازي الأمن السياسي والاستخبارات العسكري، وليس فقط تحديد موقف من طارق الفضلي الذي لم يكن يصدر منه أكثر من مجرد الكلام!!( إشارة لتصريحات الفضلي الصحفية).
عقب قيام اللجان الشعبية بمحاصرة منزله هدد الفضلي بمقاتلتها إن لم تفك الحصار عن منزله. وبحسب تصريحات نشرها موقع "مارب برس" فقد قال (لن أخرج من منزلي ألا مقتولا، ولا يستطيع كائن من كان إخراجي، فالبيت بيتي والأرض أرضي). ولكنه غير كلامه بعد دخول وساطات كبيرة في مشكلته مع اللجان الشعبية، ووصف خروجه من مدينة زنجبار أنه نصر بحد ذاته، حيث نقل موقع "بندر عدن" عن مصدر مقرب من طارق الفضلي لدى وصوله محافظة عدن قوله "أن ما جرى بعد الأزمة التي اشتدت هو نصر لأنه تجنب للدماء وتجنب لفتنة كانت أطراف معروفة تريد إشعالها داخل أبين وداخل قوى الحراك، وهذه الأطراف هي التي تضايقت من آرائه الحرة".
ويعتقد متابعون أن احتواء الفضلي من قبل السلطة الحالية أمر وارد بقوة، خاصة بعد تفرق الكل من حوله أبتداءً بالحراك الجنوبي والذي كان صمته مستغرباً أثناء حصار مسلحي اللجان الشعبية للفضلي في منزله، وهو الذي ظل فترة طويلة من الوقت يشغل النائب الثاني لرئيس مجلس الحراك حسن باعوم ، وانتهاءً بأبناء قبيلته الذين أنقلب معظمهم ضده، ثم ن هذا الفرض يناسب شخصيته التي تهوى السلطة والتحالف مع من يحقق طموحاته، وفي الأول والأخير فإن وجود الرئيس هادي، وهو ينتمي إلى قبيلة آل فضل، في أعلى هرم السلطة، كفيل بتعميق ذلك الفرض وتحقيقه، ولعل الأيام القادمة تفصح عن اللافتة الجديدة التي سيستظل بها الفضلي.