الفساد ينهش اقتصاد روسيا
يشكل الفساد واحدا من المشاكل المستشرية التي تهدد الاقتصاد الروسي، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ويرجع الخبراء أسبابه إلى ضعف القوانين الرادعة وقوانين العقوبات.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد في خطابه السنوي أن الفساد والرشوة يشكلان عقبة أساسية أمام تطور روسيا. وكان بوتين قد دعا في وقت سابق إلى توحيد جهود مختلف الدول في مكافحة الفساد الذي اعتبره من المشكلات الرئيسية التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وتشير إحصاءات رسمية إلى أن حجم الأضرار التي وقعت على الاقتصاد الروسي بسبب الفساد بلغت نحو 40 مليار روبل (572 مليون دولار) في النصف الأول من عام 2014، بينما تمكنت السلطات من كشف 11.5 ألف قضية فساد خلال تلك الفترة، لم يصل منها إلى المحاكم سوى 6.5 آلاف فقط.
وشهدت روسيا خلال الأعوام الأخيرة عدة فضائح فساد مدوية، من أبرزها قضية شركة "روس كوسموس" بعد سقوط ثلاثة أقمار صناعية مخصصة لبرنامج غلوناس الملاحي، وقضية وزير الدفاع السابق سيرديكوف، وقضية "روس أغرلي ليزنغ" التي أظهرت تورط مسؤولين في إصدار فواتير وهمية بشراء معدات بمئات الملايين من الروبلات، وغيرها.
لكن القضية الأبرز التي شغلت الرأي العام الروسي مؤخرا، فضيحة الفساد المدوية التي تشير إلى تورط أفراد من عائلة النائب العام الروسي يوري تشايكا في مشاريع كسب غير مشروع، مما دفع عددا من السياسيين والشخصيات الاجتماعية للمطالبة بالتحقيق في القضية والتشكيك في قدرة النيابة العامة على مواصلة محاربة الفساد في البلاد.
وتنص القوانين الروسية الخاصة بمكافحة الفساد على معاقبة المتورطين في جرائم فساد بدفع غرامات، وإذا لم يستطع دفعها فإنه يسجن، مع الحرمان من شغل مناصب عليا لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
زوفاريتش: الفساد بات يشكل تهديدا للأمن الوطني الروسي (الجزيرة)
تهديد للاقتصاد
الخبير المالي الروسي بغدان زوفاريتش اعتبر أن الفساد بات يشكل تهديدا للأمن الوطني الروسي، بل وأصبح يشكل تهديدا على المستوى السياسي لكيان الدولة، ويلقي بظلاله السلبية حول صورة روسيا عالميا.
وأوضح زوفاريتش في حديث للجزيرة نت أن من أكثر مظاهر الفساد انتشارا في روسيا: الاختلاسات وسرقة المال العام وغسيل وتبيض الأموال والتهرب الضريبي.
وأضاف أن الفساد غالبا ما يلقى رعاية سياسية لدرجة أن السياسة الوطنية باتت موجهة لخدمة المجموعات الحاكمة، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان المواطن للثقة في السلطة الحاكمة.
وأشار إلى أن أبحاثا أجرتها معاهد دراسات، بينت أن سرقة المال العام والتهرب الضريبي وإخفاء الدخول يكلف خزينة الدولة نحو تسعة تريليونات روبل (128 مليار دولار) سنويا، وهذا يشكل ما نسبته 5.12% من إجمالي الدخل القومي.
نغماتولين: مكافحة الفساد تسير ببطء شديد بسبب اختفاء القوانين الرادعة (الجزيرة)
معالجة خاطئة
من جانبه أوضح المحلل الاقتصادي تيمور نغماتولين أن مكافحة الفساد والرشوة في روسيا تسير ببطء شديد بسبب عدم كفاية القوانين الرادعة، والاكتفاء بفرض غرامات على المرتشين من موظفي الدولة دون الزج بهم في السجن ومصادرة ممتلكاتهم.
وعبر نيغماتولين للجزيرة نت عن قناعته بأن مكافحة الفساد يجب أن تبدأ أولا من الأعلى وأن تطال كبار المسؤولين، ويجب ألا تكون هناك حصانة لأي شخص في مواجهة العقوبات في حال تورطه، هذا بالإضافة إلى ضرورة تشديد العقوبات وفرض رقابة مالية صارمة على مؤسسات الدولة.
وشدد على أن الكثير من ملفات الفساد الواضحة تم طيها بسبب تورط مسؤولين كبار فيها، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من شبهات الفساد رافقت التحضيرات لاستضافة أولمبياد سوتشي وبأرقام مخيفة، دون أن تتخذ السلطات أية إجراءات للتحقق من صحتها، ودون أي عمليات مساءلة للقائمين على المشروع.
وأشار نيغماتولين إلى أن روسيا تحتل اليوم المركز الـ136 حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية، في حين أنها احتلت العام الماضي المركز الـ127، وهذا التراجع هو نتيجة غياب الحسم في متابعة قضايا الفساد وإيصالها إلى المحاكم، وكذلك التخبط في الإجراءات الوقائية في مكافحة الفساد وإهدار المال العام والتربح غير المشروع.
الجزيرة نت
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها