الرياضة اليمنية بين فكي الفساد والسياسة
تسعى وزارة الشباب والرياضة اليمنية إلى محاولة تحسين مستوى الرياضة اليمنية بعد أن شهدت على مدى السنوات الماضية تراجعاً مخيفا سجلت خلاله إخفاقات وهزائم مدوية بشكل أثر سلبا على سمعتها وأدى إلى عزوف الجمهور الرياضي المتابع لأداء الكرة اليمنية.
ويرى نقاد ومراقبون أن الرياضة اليمنية تراجعت إلى الخلف عشرات السنوات واتسم أداؤها بالضعف وغياب قوة المنافسة في الدوري بين الأندية بسبب الفساد المالي والإداري وتداخلات السياسة وتحالفاتها.
محكمة رياضية
وكانت وزارة الشباب والرياضة اليمنية أعلنت مؤخراً عن ترتيبات لإنشاء محكمة رياضية تتولى مهمة البت والفصل في النزاعات الرياضية داخل البلد في أعقاب الحديث عن تفاقم العديد من المشاكل بين الوزارة واللاعبين وإدارات الأندية والاتحادات.
ولا يخفي وزير الشباب والرياضة اليمني معمر الإرياني حقيقة هذه المشكلة وفي كون التداخلات السياسية قد أثرت بشكل مباشر في تدني مستوى الرياضة اليمنية، لكنه تحدث في المقابل عن جهود حثيثة تبذلها وزارته حالياً لفصل الرياضة عن ميادين السياسة.
وقال للجزيرة نت إن الرياضة اليمنية تعاني أيضاً من قصور في الجانب المالي وعدم مشاركة القطاع الخاص في النهوض بها، وإن وزارته تعمل مع حكومة الوفاق في المرحلة الراهنة على جعل الرياضة وسيلة تلاق بين كل الناس بعيداً عن السياسة وتدخلاتها.
وأضاف أن هناك مشكلة في الألعاب الجماعية ككرة القدم وكرة السلة وهي ألعاب مكلفة وموازنة وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب حوالي 25 مليون دولار سنوياً ونحتاج إلى توفير إمكانات أكبر وبحاجه إلى مزيد من الاهتمام.
وكشف عن تحضيرات جارية لعقد مؤتمر وطني للرياضة اليمنية في شهر مارس/آذار القادم في محافظة تعز لمناقشة هذه القضايا وكيفية الارتقاء بمستوى الرياضة ووضع برامج في هذا الإطار من خلال التسويق للدوري الرياضي اليمني وتوفير مصادر إيرادات من خلال الدعاية والإعلان.
وأشار الوزير اليمني إلى أنه ستتم الدعوة في هذا المؤتمر لمشاركة أصحاب رؤوس الأموال ودعوة كل الجهات المعنية للمشاركة في هذا الموضوع، وتوضيح الفرص المتاحة لرؤوس الأموال للاستثمار في الأندية.
وأكد عزم وزارته على تطوير الرياضة من خلال برنامج إعداد متكامل وعبر فتح مشروع الاكتتاب العام للناس والشركات والجهات ورؤوس الأموال للاستثمار في الأندية بنسبة 49% والتسويق والاستثمار وخلق فرص أفضل.
إرادة سياسية
غير أن محللين رياضيين في اليمن يرون أن الحديث عن توجه حكومي لمعالجة اخفاقات الرياضة اليمنية وإعادة الروح إليها بأنه لا يزال مجرد أمنيات ما لم تكن هناك إرادة سياسية عليا حاسمة وقادرة على الاهتمام وفرض بيئة مناسبة للتطوير.
واعتبر المحلل الرياضي سامي الكاف أن ما لحق بالرياضة اليمنية هو حصاد سنين من التعيين السياسي لنظام صالح الذي أخفى العقليات القادرة على إدارة الأمور والنهوض بالرياضة وفق متطلبات العصر الحديث منذ ما بعد عام 1994.
وأشار الكاف -وهو أيضا رئيس تحرير صحيفة الملعب الأسبوعية بعدن- في حديث مع الجزيرة إلى أن هذه البيئة السياسية أنتجت شخصيات هلامية قتلت الرغبة الحقيقية في ممارسة الرياضة.
وأضاف أن "البعض يقول إن عجلة التغيير بدأت بانتخاب رئيس جديد لليمن عبد ربه منصور هادي غير أن الحقائق على أرض الواقع لم تتغير بعد ولا وجود لمؤشرات حقيقية توحي بهذا التغيير.
وأكد على حاجة الرياضة اليمنية إلى أندية لديها مشاريع كبيرة قادرة على تحقيق النجاح من خلال التخطيط المستنير، وعلى المدى الطويل، وتكون بالتالي قدوة لبقية الأندية لكي تعود الروح إلى الرياضة اليمنية.
تسييس الأندية
وعزا اللاعب الدولي الكبير أبو بكر الماس في حديث للجزيرة نت التراجع الكبير لمستوى الرياضة في اليمن إلى فساد إدارات الأندية وإخضاع التعيينات خلال عشر السنوات الماضية لمعايير سياسية بحتة بشكل أنتج إدارات تفتقر إلى الكفاءات اللازمة للتخطيط رياضياً.
وأكد الماس –وهو مدرب سابق وأحد أبرز لاعبي نادي التلال العدني في عصره الذهبي- أن الأندية اليمنية أصبحت تعاني الأمرين مالياً وإدارياً بشكل دفعها إلى توقيف نشاط بعض الألعاب فيها وتسول راتب مدرب في الدرجة الأولى، ما جعل تلك الأندية تتبع شخصيات معينة ولا تؤدي أهدافها الرياضية والاجتماعية.
وأضاف أن "تهافت الحزب الحاكم والمعارضة على مسألة السيطرة وترؤس سياسيين للأندية الرياضية في عدد من المدن اليمنية جعل انتخابات الأندية لأحزاب معينة تتبنى قطاع الشباب كونه يمثل قطاعا كبيرا يمثل شريحة واسعة من المجتمع يتم الرهان عليها أثناء الانتخابات الرئاسية أو المحلية.
المصدر:الجزيرة