القات .. ملهاة اليمنيين في زمن الحرب
حزمات من الأعواد الطرية الخضراء مغطاة بقصاصات من القماش أو أكياس البلاستيك ، للحفاظ على طراوة أوراقها المستديرة، تنتشر في أسواق اليمن وتحظى بإقبال واسع.
لم تطلها آثار الحرب الدائرة فهو النبتة المتوافرة بكثرة هذه الأيام وتحظى برواج كبير رغم الحالة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها اليمنيون منذ بدء الحرب.
إنه "القات" الذي لا يتوقف عن تناوله اليمنيون في الحرب أو السلم.
رغم الحرب
القات أحد الأشياء القليلة التي يمكن لليمنيين الاعتماد عليها لينسوا همومهم من الأوضاع التي يعيشونها والصعوبات التي تمر بها البلاد، ويعتبره الكثيرون الصديق الوحيد للشعب خلال الحرب.
ومن خلال جولة في أسواق القات في العاصمة صنعاء يتضح مدى انتظام توفر هذه النبتة حيث تكتظ الأسواق بالمتعاطين لها يوميا بحثا عن أغصان خضراء يعتقدون انها تساعدهم على نسيان ما يعانون منه جراء الأوضاع المتدهور في اليمن.
يقول عبد العزيز الزبيري بائع قات في أحد أسواق العاصمة صنعاء :"القوة الشرائية للمواطنين انخفضت بسبب ما يعانيه اليمنيين من أوضاع اقتصادية صعبة جراء الحرب في البلاد".
وأوضح الزبيري لـــ" آي إن أي " أن متعاطي القات ممن يرتادون محلة لشراء الأغصان الخضراء، أصبحوا أقل بكثير بسبب الحالة الاقتصادية وتعطل أعمال الكثيرين جراء الحرب".
واقع مر
محمد المونسي يستيقظ في الساعات الأولى كل يوم لجلب القات من منطقة همدان غرب العاصمة اليمنية صنعاء ليصل ظهر كل يوم إلى السوق ، فيما ينتظره زبائنه ومدمني النبتة ليخرجوا ما تبقَّى في جيوبهم الخاوية للحصول على كيس من الأوراق الخضراء التي تجعلهم يعيشون لحظات سعادة قد تنسيهم واقعهم المر.
يقول المونسي لـــ" آي إن أي" "القات هو الشيء الوحيد الذي لم يتأثر بظروف الحرب، وما زال متوفّرا بكثرة رغم ارتفاع أسعاره من قبل المزارعين بسبب انعدام المشتقات النفطية".
يتحدون العقبات
الحرب في اليمن لم تؤثر على رواج تعاطي القات، بل تزايد الطلب علية أكثر من السلع الأخرى، فتجار القات يدفعون مبالغ مالية للمسيطرين على النقاط الأمنية والعسكرية بمداخل المدن لتسهيل عبورهم إلى المناطق التي يريدونها، الأمر الذي جعل "نبتة القات" تتحدى كل العقبات عبر بائعيها، وتواصل سعيها لتستقر في أيدي المتعاطين لها، وإن كان سعرها باهظا.
يؤكد خليل الصبري أحد الموظفين في القطاع الخاص ممن توقفوا عن العمل بسبب الأزمة والحرب لـ" آي إن أي " أن تعاطيه للقات أصبح ضرورة للخروج من حالة الإحباط التي يعيشها بعد أن أغلقت الشركة أبوابها وسرحت موظفيها بسبب الحرب.
ويضيف: " الأزمة لم تردع متعاطي القات عن تناوله، رغم سوء الأوضاع التي تعيشها البلد، وتعطل معظم أشغال العاملين في القطاع الخاص وذوي الدخل اليومي".
أضرار اقتصادية
الدكتور خالد العديني - أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء أوضح أن شجرة القات تعد كارثة خطيرة لها أضرار اقتصادية واجتماعية على الأسرة اليمنية.
وأضاف: في حديث مع " آي إن أي " أن " انتشار زراعــة شـجرة القــات وزيادة الإقبال على تناولها في أرجاء الـبلاد يشكل التحدي الأبــــرز فيمـــا يتعلق بمشــكلة استنزاف المــــياه الجــوفية، كون القات يستنزف كميات كبيرة من المياه التي تستخدم في مجال الزراعة وبنسبة تصل إلى 70% .
الدكتور العديني أكد أن المواطن اليمني يتجه إلى القات لينسى همومه بحثاً عن الراحة والاسترخاء والغرق في وهم نسيان الواقع المرّ الذي يعيشه اليمنيين حالياً جراء الحرب التي زادت من معاناة الشعب.
في ظل الحرب في اليمن تتزايد صعوبة الحياة وتتصاعد الأزمة الاقتصادية ، غير أنّ ذلك لا يقلل من الإقبال غير المسبوق على تناول القات، حيث أفادت دراسة لوزارة الزراعة اليمنية بأن 72% من الرجال و33% من النساء معتودون على مضغ نبتة القات، و42% من المستهلكين الذكور معتادون على ذلك بمعدل 5 ـ 7 أيام أسبوعياً ، في بلد دمّرت الحرب اقتصاده.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها