السلفيون الفئة الصامتة الأكبر في الجنوب.. متى تقول كلمتها الفصل في كل ما يجري؟
كانت مفاجئة كبرى بكل المقاييس تلك التي حدثت في المشهد السياسي المصري وما أفرزته الانتخابات النيابية المصرية الأخيرة عندما تسيد التيار السلفي عبر حزب النور المرتبة الثانية متجاوزا أحزابا عريقة شاخت وهرمت في العمل السياسي ..
كان السلفيون وحزب النور في مصر المحروسة القوة التي لم يحسب أحد حسابها أو يترقب ظهورها بذلك الحجم الكبير، وتبين للمراقبين أن الصوت المرتفع دوما والحاضر بكثرة على سطح الأحداث ليس بالضرورة هو الأقوى والوحيد ، فربما تحت الرماد قوى صاحبة انتشار أوسع لكن الوقت لم يحن لتعبر عن ذاتها وتكشف حجمها الكبير إلى السطح وأمام الملأ.
وفي جنوب اليمن اعتقد الكثير من المراقبين لسنوات مضت أن (لا صوت يعلو على صوت الحراك) بعد أن تركت له ساحات وشوارع مدن الجنوب ينشط على كيفه وبلا منافس طوال أربعة أعوام في الفترة من (2007- 2010م) حتى كانت المفاجئة عندما حل الربيع العربي وهبت نسائمه باتجاه السعيدة وانساح أريجه ونزل في ثلاثين ساحة ومدينة ومنها المحافظات الجنوبية في ساحة الحرية بعدن والتغيير في المكلا وباقي مدن حضرموت وشبوة والمهرة وحتى في وسط البحر وجزيرة سقطرى.
لقد جاء الربيع العربي بمتغيرات ما كانت لتخطر على ذهن أذكى وأفهم مراقب سياسي على الإطلاق ، ومنها ظهور قوى شعبية ظلت لسنوات صامتة حتى تناساها الناس، لكن الظرف المواتي ألزمها لتصرخ وهي بكامل عدتها وروحها المعنوية ويجب أن يحسب الكل حسابها..
في نقاش جمعني بسلفي جنوبي بارز ، وجهت إليه كل التساؤلات والإستفسارات الواردة هنا: لماذا لا يخرجون إلى الشارع؟ لماذا لا يظهرون للناس حجمهم الكبير وتكون لهم كلمتهم في كل مايجري؟ وهل سيكتفون بالفرجة وتقبل أي نتائج سيفرضها المتصارعون في الساحة؟
اكتفى بالقول لي أن شيوخهم يرصدون المشهد بدقة وأنهم متنبهون لكل ما يجري ولديهم اهتمام كبير بمجريات السياسة وهم غير راضين عن الكثير مما يحدث في الجنوب من مختلف الأطراف ، ولكل حادثة حديث وفي الوقت المناسب سيتدخلون..
يعتقد السلفيون أن الكثرة مذمومة في القرآن ، وفي هذا سنجدهم يحتجون بالكثير من النصوص من الكتاب والسنة (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله).. أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء..
عندها خطر على بالي اجتهاد مثقفي وكوادر وقادات فصائل الحراك الجنوبي للظهور بكامل بهائهم وحشدهم في كل فعالية مناسباتية تمر كان آخرها في 14 أكتوبر بالمعلا و30نوفمبر في المنصورة ، متجاهلين أن القضية التي يناضلون من أجلها لم تعد بحاجة لإثبات وجود بمثل هذه الحشود كونها صارت محل إجماع محلي من كل الفرقاء وضمن مبادرة ممهورة بقرارين دوليين، وبالتالي فإن سياسة إلإرتفاع الدائم بالسقف حد التصادم مع ما يطرحه المجتمع الدولي والإقليمي لن يفضي إلى شيء غير التحليق بعيدا عن الواقع والمخاطرة بالقضية العادلة نفسها وتعقيد الحلول المطروحة وفتح فضاء بلا أفق ولا نهاية ولا بوصلة تهدي أصحابها إلى شاطئ الأمان.
زعيم حزب السلفيين يعلن: الحراك الجنوبي ليس الممثل الوحيد لأبناء الجنوب
يقول الشيخ محمد موسى العامري وهو رئيس حزب الرشاد السلفي أن الحراك الجنوبي ليس الممثل الوحيد لأبناء الجنوب ،فهناك جهات سياسية متعددة في الجنوب ومن حقها أن تبدي رأيها ،وأن تضع المشروع الذي تراه مناسبا لليمن وأضاف العامري في برنامج إذاعي ان هناك شروط تعسفية تطرحها الجهات التي لم تشارك في الحوار ,مشيرا إلى أن هناك من يريد مثلا محاصصة معينة بحيث يكون 50 % حراك جنوبي ،و50% شماليون.
وأضاف : نحن في اللجنة أعطينا الأخوة الجنوبيين 50% من المقاعد وربما أيضا تزيد عن هذا ، ولكن هذه للجنوبيين عموما وليس للحراك الذي هو ليس الممثل الوحيد لأبناء الجنوب.
ولفت الى أن التيار العقلاني والكبير في الجنوب هو الذي ينادي بالفيدرالية وليس الذي ينادي بفك الارتباط ،دون أن يغفل وجود أصوات أخرى .
وتابع: وهناك من ينادي بالأقاليم المتعددة ،ومن ينادي بحكم محلي كامل الصلاحيات ، ومن الصعب أن نجعل طرفا من هؤلاء بأنه هو الممثل للجنوب.
متى يعلن الحراك السلفي عن نفسه لمواجهة حوثي الشمال وشيعي طهران
الحراك السياسي النشط في المدن الجنوبية ووقوع هذه البقعة الحيوية والإستراتيجية من الجزيرة العربية محل تجاذب محلي وإقليمي لن يجعل السلفيين يطيلون صمتهم أكثر مما مضى.
خصوصا وهم يرقبون التيار السياسي الذي حكم الجنوب إلى العام 1990م وأقصد هنا الاشتراكيين كأفراد وليس الحزب ،عبر نفس الشخوص (الجدد والقدامى) وهم يتكتلون ويحتشدون لإعادة مجدهم الذي انهار مع إصلاحات البروستريكا في عهد جورباتشوف آخر أمين عام للحزب الشيوعي السوفيتي ومنه إلى شتى المعسكر الشرقي في كل العالم وجنوب اليمن.
هذا يستفز السلفيين بشدة ويحرك فيهم طاقة هائلة للنهوض والوقوف في وجه التيار من منطلق ديني عقائدي بحت، كما لا ينسى سلفيو جنوب اليمن وشماله –معا- ذكريات جهادهم الأسطوري في جبال أفغانستان عندما أسقطوا نظام نجيب الله الشيوعي ومشاركتهم في حرب 94م باليمن كان من ذات المنطلقات الفكرية والعقدية.
قد يقول قائل أن الزمن تغير ومن ينادي اليوم بمطالب الحراك الجنوبي لا علاقة لهم بالفكر الماضي، لكن السلفيين سيردون قائلين: إن من يتصدر المشهد هو الأمين العام السابق للحزب وأعضاء مكتبه السياسي ولجنته المركزية وأبناء القيادات وهؤلاء جميعهم يمثلون الجسم الأكبر في (رأس وبطن وسيقان) مكونات الحراك، بل لقد عجز الحراك على مدى ست سنوات من تقديم نماذج أخرى لا علاقة لهم بالماركة المتعارف عليها، وإن وجدت بعض الوجوه من طرف أخر لكنها بالرغم من ذلك ضاقت ذرعا وطفح كيلها وأعلنت أكثر من مرة تبرمها من ممارسات الحراك الاشتراكي، وللمراقب العودة لتصريحات وأحاديث علي هيثم الغريب وعلي السعدي وطارق الفضلي وآخرين على سبيل المثال لا الحصر..
هذا الموقف الرافض من السلفيين تجاه من يحاول رسم المشهد السياسي في الجنوب منفردا ستزيد حدته وتشدده مع التحالفات الجديدة التي ينسجها بعض أطراف الحراك مع الحوثي شمالا وطهران خلف البحار شمال شرق الجزيرة العربية، ولن يطول صمتهم طويلا خصوصا مع بوادر نضج سياسي بدأ في التشكل عبر حزبهم المعلن (الرشاد)، ومنه عبر منضمات وتحالفات وتشكيلات مدنية ودعوية ستزدهر جنوبا ولا يعدم السلفيون تشكيلها وملئها بالأنصار وما أكثرهم وأسهل تجيشهم وتحريكهم بخطاب الشيوخ حيث ينصاع له الأتباع بكل تهليل وتفاني.
وحينما يتصدر السلفيون أي حراك جماهيري مرتقب فلن يتصارعون ويتزاحمون على مكبرات الصوت والمنصات ، أو يتشظون ويتفرقون كأيدي سبأ ، بل سيكونون كتلة واحدة وخطاب موحد لأنهم يستهدون منهج (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص).. بنيان واحد متناسق وليس مكونات تتصارع وتختلف على أتفه التفاصيل كمكان إقامة الفعالية ومن هو الشرعي والممثل والرئيس..