متقاعدو عدن.. بين مطرقة البريد و سندان الشيخوخة
يقف المئات من المتقاعدين تحت لسعة الشمس "بطوابير" طويلة أمام مكاتب البريد بمختلف مديريات عدن الثمان بغية استلام رواتبهم _والمتأخرة منها_ في حين عدم وجود تعزيز مالي من البنك المركزي فرع عدن بسبب شحة السيولة النقدية بالبنك ذاته بسبب غياب للإيرادات وقلة فائض البنوك.
متقاعدون على شط الانتظار
يقف "عيدروس علي شفيق" ذو السبعين عاماً امام مكتب بريد كريتر ضمن مئات المتقاعدين الطاعنين بالسن ؛ ينتظر راتبه الزهيد كل يوم لكن دون جدى ؛ والسبب يرجع حسب قوله "إلى عدم وجود سيولة نقدية هكذا يرد علينا القائمين على مكتب البريد".
لم يشفع للحاج عيدروس تقدمه في السن من خلال حصوله على راتبه لشهرين ماضية ؛ فالرجل ظل يرتاد مكتب البريد لقرابة شهرين بشكل يومي أملاً باستلام راتبه مؤكداً بقوله " شهرين وانا تحت لسعة الشمس أنتظر رواتبي المتأخرة لكنهم يردن علينا بعدم وجود سيولة نقدية مما يزيد تفاقم وضعي المعيشي والذي يعتمد على راتبي والذي يقدر بـ(36750)ريال يمني فقط".
"أم صالح محمد صالح" هي الأخرى تقول: "أنني لم استلم راتبي طيلة سبعة اشهر ماضية بسبب عدم وجود سيولة حسب ما يقوله القائمين على مكتب البريد ؛ وان حياتنا مقرونة بالراتب القانوني الذي نقتات منه لزوجها المتوفي".
إغلاق للبريد وقطع للشوارع
مع عدم توفير السيولة النقدية الكافية بمكاتب البريد بعدن تغلق مكاتب البريد أبوابها بوجه المتقاعدين ؛ أقدم مئات من المتقاعدين على قطع الشارع المجاور للبريد بكريتر احتجاجا على عدم صرف رواتبهم.
مسؤول بمكتب بريد خور مكسر _المكتب الرئيسي_ يبرر بقوله "عدم تزويد البنك المركزي بعدن لمكاتب البريد المختلفة بالسيولة الكافية هو السبب الرئيسي بعدم صرف رواتب المتقاعدين".
تتحدث "أم الشهيد صالح" والدموع تذرف من عيناها عن الواقع المرير بسبب تأخر راتب زوجها المتوفي لمدة تزيد عن سبعة أشهر ماضية ؛ فيها تبكي عندما تذكر ولدها شهيد المقاومة صالح متسائلة اين دور الحكومة اليمنية والتحالف العربي من هذه المشكلة"؟
ويشتكي بعض المتقاعدين من ابتزاز حراسة البريد واخذ مبالغ مقابل استلام رواتب الغير بطريقة غير قانونية الأمر الذي أنكرته قيادة المقاومة بتبعية حراسة البريد لها من خلال ردها على الأسئلة بهذا الخصوص.
البنك المركزي يرد نحن أيضاً ضحية
بدوره ترد إدارة البنك المركزي فرع عدن بالقول : " إن البنك المركزي قائم على الإيرادات التي تأتيه من المرافق الخدمية بعدن وكذا فائض البنوك ؛ ولكن بسبب الوضع الأمني وعدم الاستقرار السياسي حدّ من توفير السيولة النقدية في البنك مما أنعكس سلباً على مكاتب البريد ورواتب الموظفين".
ويوصل "كمال جعفر قاسم" نائب مدير البنك حديثه: "قائلاً أن الاعتماد الكلي على البنك فرع عدن أثقل كاهل البنك والذي يعد فرعاً للبنك الرئيسي بصنعاء والذي لا يزال مرتبط به رغم تحرير مدينة عدن من قبضة الحوثيين والذين يسيطرون على البنك الرئيس".
هذا وأقف الحوثيون التعزيز المالي لفرع عدن قُبيل عيد الأضحى المبارك بعد تعزيزهم بدفعة مالية نُقلت من صنعاء إلى عدن وأنهت الأزمة لتعود مجدداً وسط رفض حوثي تعزيز مالي جديد بسبب أزمة مالية هي الأخرة تعصف ببنك صنعاء المركزي رغم استيلاءهم على ما يزيد عن 600ألف دولار من العملة الصعبة إبان احتلالهم على مقر البنك المركزي بالقطيع أثناء فترة الحرب.
مأساة الناس تزداد سوءً
تتحدث أحد الفتيات التي تنتظر مثلها مثل المئات من الناس امام نكتب بريد كريتر راتب أبوها "علي مقبل" السبعيني والمصاب بالقلب والسرطان والصرع والصمامات بهدف الحصول على الراتب والبالغ 70 ألف ريال يمني ومجمل سعر الدواء 42 ألف ريال يمني ولكن هذا المبلغ لا يفي بمتطلبات البيت والعلاج لأبوها المتقاعد والمصاب بالمرض.
وحول ذريعة عدم تسديد المواطنين لفواتير الكهرباء والماء كي تعود خيراتها للبنك المركزي الذي بدوره سينقلها كرواتب للموظفين ؛ قالت الفتاة "عليهم أن يصرفوا لنا الرواتب أولاً كي يتسنى لنا تسديد فواتير الماء والكهرباء".
وتزداد الحالة المعيشية للناس أكثر سوءً بسبب غياب الرواتب وغلا المعيشة الضرف الذي ولده واقع الحرب التي شنتها جماعة الحوثي وصالح على مدينة عدن بـ25مارس/اذار من العام الجاري ؛ مما يتحتم على حكومة الشرعية ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بسرعة توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين منهم لإعادة تطبيع الحياة وجعلها أكثر ملائمة لتخطي الظروف الراهنة التي فرضتها الحرب.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها