كاتب يمني يفند أسباب أزمة الدولار في اليمن
بداية يجب أن نعي النقاط التاليه:
1_ المصدر الأساس للدولار في اليمن هو حوالات المغتربين وبالذات حوالات المغتربين في السعودية ويلي ذلك وبفارق كبير جدا عائدات النفط والغاز
2-المحركون الأساسيون لوضع الدولار في اليمن مثلث مكون من ثلاثة أضلاع :
الضلع الأول ..البنوك اليمنية (عددها١٧بنكا) ترتبط البنوك بالضلع الثاني وهم الصرافين في السوق ويمكن تسميتهم (نقاط تجميع) ويشرف على الطرفين ويساعد ويتدخل عند الضرورة فقط الضلع الثالث وهو البنك المركزي
الألية :
3-يجمع الصرافون الريالات السعودية من السوق عبر شراءها من المواطنين الذين تصلهم حوالات أهلهم ...ثم يقوم الصرافين ببيعها للبنوك ..وتقوم كذلك البنوك بالاستلام المباشر للريالات السعودية سواء عبر الحوالات أو عبر ايداع الاشخاص للريالات السعودية في حساباتهم ...
4-ينبغي الانتباه أن قدرة البنوك على تحمل تجميع الريالات من الصرافين أو تجميعها عبر فتح حسابات بالريال السعودي لها سقف معين بسبب المخاطر والتأمين على خزائن البنك..فكلما زاد المبلغ تزداد المخاطر..كما أن استقبال البنوك لحسابات الريال السعودي لو فتح على اطلاقه سيسبب مشاكل لان التجار المودعين للريالات يطلبون من البنوك تحويلها الى الخارج للشركات الاجنبية بالدولار ..وهنا ستظهر مشكلات و أشياء ستفهمونهافي قادم المقال
5- الطريقة المعتادة منذ سنوات أن البنوك بعد أن تجمع الريالات السعودية (تسمى النقدية) ترسلها في صناديق فولاذية مؤمنة الى البحرين وهناك يتم نقلها الى الدمام ثم يتم تحويلها في مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي) الى دولارات ...
6- تخضع صناديق الريالات للتأمين على المخاطر وهذا في زمن السلم يكون سهلا أما في زمن الحروب فيرتفع الى 400% أحيانا
7- كانت البنوك ترسل صناديق الريالات السعودية بشكل شهري تقريبا ..وكان المعدل السنوي لما ترسله قرابة أحد عشر مليار ومائتي مليون ريال سعودي أي مايساوي ثلاثة مليار دولار في السنة ...ليكون المعدل الشهري لمايرسل الى البحرين من الريالات السعودية قرابة 800مليون ريال سعودي في الشهر الواحدليتم تحويلها بعد ذلك الى مايقارب 250مليون دولار شهريا
8- كانت تلك المبالغ المرسلة الى البحرين ومنها الى السعودية تقيد في حسابات البنوك التجارية اليمنية في البنوك العالمية بالدولار ..فتتمكن البنوك المحلية بالتالي من تمويل وفتح الاعتمادات للتجار لشراء السلع واستيراد كل شيء من الخارج
مالذي حصل في هذه الشهور الستة .؟؟؟
توقفت الالية السابقة تماما فالحصار منع تحرك الطائرات الى البحرين فلا رحلات الا الى بيشه ثم عمان .. وعدم اعتراف العالم الخارجي بمن في الداخل من مسئولي الدولة عرقل اصدار التصاريح لنقل الريالات الى الخارج وهنا يأتي دور من يسكنون فنادق الرياض في أزمة الدولار الحالية
تجمع في هذه الستة شهور لدى البنوك اليمنية في الداخل مايقارب خمسة مليار وثمان مئة مليون ريال سعودي أي مايمكن تحويله الى مليار ونصف دولار تستطيع من خلالها البنوك فتح الاعتمادات للتجار
......توقفت البنوك عن شراء الريالات السعودية من الصرافين بسبب تخمة المعروض
امتنعت البنوك عن السماح بايداع الريالات السعودية في حسابات العملاء كي لاتزداد تخمة المعروض
تعرقل ارسال النقدية السابقة الى الخارج وبدأت البنوك بالتنسيق مع البنك المركزي بالبحث عن حل كي لايضطرب وضع الدولار في السوق بسبب عدم توفره في البنوك التي توفره للتجار كاعتمادات في الخارج
تم التواصل مع حكومة فنادق الرياض لاستصدار تصريح نقل للريالات ..تم هذه المرة اقتراح نقل الريالات الى مؤسسة النقد العربي السعودي أي البنك المركزي السعودي مباشرة بدلا من نقلها الى البحرين ثم الى السعودية ...
بدأت صعوبات كثيرة في الظهور
مؤسسة النقد السعودية لاتتعامل في التحويل الا مع شركة العمودي السعودية وشركة العمودي لاتتعامل مع البنوك اليمنية الا مع بنك واحد هو التضامن وبالتالي تعرقل الموضوع لان شركة العمودي اشترطت على بقية البنوك أن تفتح حسابات معها وأن تنتظر لشهرين على الاقل ثم سيتم تحويل مبالغها ...
لحل ذلك تم في الداخل وبالضغط من البنك المركزي ان يتسلم بنك التضامن كامل المبلغ الذي يخص كافة البنوك ثم يرسلها باسمه وحده لمؤسسة العمودي ..تلكك بنك التضامن وبعد ضغط البنك المركزي وافق ..
بشكل مفاجيء... وبعد ذلك اعتذرت شركة العمودي في السعودية عن استقبال المبلغ !!!!
تم التواصل بحسام الشرجبي باعتباره نائب وزير المالية ويقيم مع فريق الرياض ..تواصل بدوره مع مؤسسة النقد السعودي مباشرة ..وافقوا على الموضوع دون شركة وسيطة ..وطلبوا نقل المبلغ الى السعودية بطائرات خاصة وسيقومون فورا بتحويلها الى حسابات البنوك في الخارج بالدولار
تم البحث عن طائرة خاصة لنقل المبلغ (خمسة مليار وثمان مئة مليون سعودي) تم التواصل باليمنية تحدثوا عن رحلة قادمة من القاهرة وعند وصولها سيحركونها الى السعودية ..تعرقلت رحلة اليمنية بسبب سخيف ..سبق لليمنية أن طلبوا رقما خرافيا في الرحلة قرابة الستين ألف دولار ..تم التواصل مع السعيدة وافقت على تحريك طائرتها القابعة في حضرموت الى صنعاء ومنها الى السعودية بنصف المبلغ.
بدأت مشكلة التأمين على الطائرة في الظهور
أن تنقل مليارات كهذه في طائرة وفي ظروف حرب كهذه يشكل مخاطرة كبيرة لدى شركات التأمين
اخذت المفاوضات أسابيع مع شركات التأمين ..
بدأ الدولار يضطرب لأن الصرافين الصغار والتجار يتابعون بدقة ..ويعلمون جيدا أن البنوك لاتزال ترفض فتح الاعتمادات في الخارج بسبب عدم تحويل المبلغ
تم اقتراح ان يتم نقل المبلغ على دفعات كي يقل التأمين على المبلغ ..قرابة 15رحلة ..فوافقت شركة التأمين
أبلغتكم يومها في ٢١ أغسطس وبشرتكم بان الرحلة ستنطلق يوم الاثنين ٢٤أغسطس ..كان كل شيء مرتبا
تعرقلت الرحلة ...اعتذرت شركة التأمين المحلية اعادة تامين عن الشركة العالمية يوم الأحد أي قبل الرحلة بيوم ..تخيلوا !!!
تم البحث عن شركة تأمين جديدة ..تم العثور على شركة محلية أخرى وافقت بعد تواصلها بشركة عالمية
ظهرت في نفس التوقيت مشكلة جديدة
تابعوا الجزء الثاني
عن أسباب اضطراب وضع الدولار في الفترة الماضية
الجزء الثاني
كتبها :وضاح حسين المودع
بعد أن انتهى قبل أسابيع حل مشكلة شركة التأمين على الطائرة التي ستنقل الريالات السعودية لاستبدالها بدولارات لحساب البنوك اليمنية كما سبق شرح الاليه
ظهرت مشكلة جديدة
ففي نفس هذه الفترة وقبل أسابيع أرسل البنك المركزي طائرة الى عدن محملة بقرابة 6مليار ريال يمني (مايعادل 28مليون دولار) وكان ارسال هذه الطائرة بالتنسيق مع حكومة الرياض ولغرض تسليم مرتبات موظفي الجنوب ...وحين وصلت تم منعها من الهبوط وتوجه الطيار اضطرارا الى جيبوتي وبقت هناك لأيام
هذه الحادثة ألقت بظلالها على عملية نقل طائرة الريالات الى السعودية وانشأت مخاوف من حدوث عرقلة شبيهة ..لكن العرقلة لن تكون بتلك الخطورة بل أكثر بكثير فنحن نتحدث عن مليار ونصف دولار ..يمتلكها المواطنون اليمنيون جميعا الذين يضعون أموالهم في البنوك التجارية وأي أخبار عن تأخر تحويل ماستنقله الطائرة الى جدة سيلقي بظلاله على الوضع الاقتصادي وسيجن الناس خوفا على مبالغهم المودعة والموضوعة في البنوك فالشائعات تنهي عمل البنوك في كل العالم بسبب هلع الناس
ولذلك تأخر وحتى اليوم نقل الطائرة التي ستنقل الريالات الى جدة ..ولازال العمل مستمرا دون كلل
ثمة مساعي لاتتوقف يوميا من البنك المركزي ومن جمعية البنوك اليمنية لحل الاشكال هذا ...
يتعاون حسام الشرجبي رغم تركه للعمل نائبا لوزير الماليه ويؤكد أنه سينجز عملية نقل الريالات كأحد اعماله قبل ترك المنصب
كذلك ثمة مؤشرات إيجابية أن من تم تعيينه وزيرا للمالية في الرياض وهو منصر القعيطي سيتعاون في تسهيل مهمة تحرك الطائرة ..خصوصا والرجل كان رئيسا لجمعية البنوك ورئيسا لكاك بنك ويعلم أن هذا الموضوع ليس له دخل بالسياسة وأن عدم نقل الطائرة ..سيرفع سعر الدولار ويهز عمل البنوك ..ويؤثر على حياة الناس جميعا في اليمن في كل جوانبهم المعيشية وسيضر بالذات الفئات الأكثر فقرا في اليمن
حتى اليوم لازالت المساعي حثيثة لحل مشكلة ايجاد طائرة لنقل الريالات السعودية وتحويلها الى مليار ونصف دولار ولايمكن إلا أن ندعو أن يعي الجميع خطورة تأخير نقل الطائرة على حياة بسطاء اليمنيين بالذات ..ومالم تغادر الريالات ..فان الدولار لن يستقر
سأذكر في نهاية هذا المقال بعض النقاط المرتبطة بالموضوع على شكل معلومات سريعة :
1-حجم التدفق النقدي للريالات السعودية (التي ستتحول بالتالي الى عملة صعبة كماسبق شرحه) تناقص من جهة وتزايد من جهة ...فعملية تصدير المنتجات الزراعية اليمنية وعملية تهريب القات والسلاح والمخدرات عبر الحدود الى السعودية انتهت تماما أو تقلصت بنسبة 90% وهذا قلل من كمية تدفق الريالات السعودية.
2-عملية تحويل المغتربين في السعودية للريالات الى الداخل تعرقل كثير من أساليبها ..فلم يعد يتم تهريبها أو نقلها عبر المسافرين لتوقف كثير من المسافرين والمهربين عن السفر عبر حرض..كذلك كثير من وكلاء المغتربين لم يعد بامكانهم التحويل ،كذلك كان لسفر كبار التجار ورجال الأعمال خوفا من القصف تأثير على حجم الاحتياج للدولار فلم يعد هناك من رجال الاعمال سوى ٣٠_٥٠٪ فيما البقية غادروا.
٣-بالمقابل أصبح التحويل عبر الكريمي مثلا أكثر فائدة للدولار حيث صار المغترب يسلم للكريمي في السعودية ويقوم مصرف الكريمي بايداعها في مؤسسة النقد السعودي وقيدها الى حسابه دولار في البنوك الخارجية ولذا باع الكريمي الدولار منذ أسبوع ب٢١٥ لأنه الوحيد الذي قيد لحسابه مبالغ بالدولار خارج اليمن.
٤-أيضا ينبغي فهم أن الطلب على الدولار انخفض بنسبة 50%على الاقل بسبب توقف الاستيراد للسلع الكمالية وانخفاض عدد المسافرين الى الخارج بنسبة 90% وهذا جيد ويدفع الدولار للاستقرار ويمكن مثلا فهم أن قطاع استيراد الأدوية وهو من القطاعات شديدة الأرباح وشديدة الفعالية والحركة انخفض نشاطه هذا العام الى اقل من 170مليون دولار فيما كان في العام الماضي قرابة 500مليون دولار أي انخفض بقرابة 70% رغم أن الاحتياج ازداد بسبب زيادة الجرحى والقتلى والمرضى بسبب القصف ،وعلى قطاع الأدوية المستوردة وقطاع السفريات قس بقية القطاعات ليتضح أنه لا أحتياج فعلي للدولارات .
٥-كذلك كان لموضوع دعم السعودية لعملائها في الداخل بمليارات الريالات السعودية دور كبير في زيادة كمية العملة الصعبة ويمكن لكل منصف أن يلاحظ كيف أن محافظات الجنوب تتعامل منذ شهور بالريال السعودي بسبب كثافة المعروض من أموال العملاء .
٦- من المؤكد بالتالي أن الصرافين كان لهم الدور الأكبر في اضطراب أسعار الدولار ويمكن أن نعي أيضا أنهم
يعانون أيضا من تخمة المعروض وأنهم كانوا يشترون الريالات السعودية خلال الفترة الماضية من الناس على أمل بيعها للبنوك بزيادة ربح عشرين فلس يمني في الريال مثلا ..ولكن البنوك توقفت عن الشراء منهم بسبب ماشرحته سابقا ..فأصبح الصرافون بالتالي في مشكلة... فاستخدموا وسيلة المضاربة التي رفعت سعر الدولار ..ولذا أظن أن موضوع حبسهم كان قرارا اضطراريا صحيحا للحفاظ على هدوء السوق ولو قليلا.
٧-أكبر مشكلة تساعد على اضطراب أسعار الدولار هي الشائعات واعتماد الناس على الوتس اب والفيس بوك وعدم وجود مختصين يشرحون للناس الالية التي ذكرتها ..وقد لاحظت كيف تورط كثير من الذين كنت اظنهم يفهمون الجوانب الاقتصادية .. بالافتاء بطريقة خاطئة واغلبهم صدق أكذوبة أن قرار التعويم كان له تأثير على الدولار رغم أن التعويم لم ينفذ حتى اليوم!!
كذلك لابد أن أنوه إلى جهود البنك المركزي ونائب المحافظ في الأسبوع الماضي بوضع حل بان تنقل البنوك الريالات السعودية من خزائنها الى خزائن البنك المركزي مؤقتا في حساب خاصة كي تتمكن بالتالي من تخفيف التأمين على خزائنها ..وأيضا قيام المركزي بشكل مستمر ودون توقف حتى اليوم بتمويل وبيع الدولار بسعر مدعوم هو 214.80 لتجار ثلاث سلع أساسية هي القمح والرز والسكر ودون توقف أيضا للمشتقات النفطية ..مايجعل من كل الترهات التي تتحدث عن زيادة الطلب على الدولار مجرد هرطقات اعلامية وترديد لشائعات اعلاميي مرتزقة الكبسة.
....
في الختام :
يمكنني التأكيد أن الوضع الاقتصادي في اليمن لم يصل بعد لحد الخطورة والانهيار..عكس الوضع الانساني المنهار وبالذات في جانبه الصحي ..
وقد تأكدت من كل معلومة ذكرتها في هذا المقال بشكل قطعي ..وسيصدر البنك المركزي بعد شهرين مايؤكد أن نشاط البنوك التجارية لم يتأثركثيرا وأنه انخفض بنسبة لاتزيد عن 3% مقارنة بالعام الماضي وهي نسبة معقولة جدا ..
ولابد أن أشير أخيرا إلى أهمية تعاون الجميع في استمرار عملية نقل طائرة الريالات لقيدها في الخارج كدولارات كي تستقر الأمور قليلا ..
فلنختلف في الأمور كلها الا فيما فيه هلاك للجميع وبالذات الفئات الأشد ضعفا وهم النساء والأطفال والشيوخ وبالذات المرضى ،ولاتصدقو أن انهيار الدولار سيؤثر على غير هؤلاء أو سيؤثر على ميزان القوى العسكري فللحرب موازنتها الخاصة ومواردها الخاصة البعيدة كل البعد عن ماسبق شرحه.
ارجو أن أكون قد وفقت بشرح بعض المبهم في موضوع أسباب اضطراب أسعار الدولار في الفترة الماضية فان أخطئت فمن نفسي وإن وفقت فمن الله ثم الشكر لكل من أمدني بالمعلومات سواء في البنك المركزي أو وزارة المالية أو الغرفة التجارية أوجمعية البنوك أو اتحادات المستوردين أو جمعية الصرافين
والله من وراء القصد
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها