قضية الجنوب وتحديات الحوار باليمن
يواجه مؤتمر الحوار الوطني باليمن والمقرر عقده مطلع العام المقبل جملة تحديات وعراقيل، أبرزها الجنوب المنقسم بين المطالبين بالانفصال وبين الداعين للبقاء على الوحدة، وكذلك الملف الأمني في ظل استمرار حالة الانقسام في الجيش وقانون العدالة الانتقالية.
وتبذل الحكومة ومعها الرعاة الإقليميون والدوليون في الوقت الراهن جهودا حثيثة استعدادا للحوار الذي دعا إليه الرئيس عبد ربه منصور هادي ومن المنتظر أن تكون جلسته الافتتاحية في عدن، ولحث جميع الأطراف على ضرورة المشاركة فيه.
واتهم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر قبل أيام أطرافا يمنية بالعمل على إفشال العملية السياسية، داعيا إلى تسريع إطلاق الحوار الوطني في هذا البلد.
انقسام
وكان وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية أليستر بيرت أكد، في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا عقب لقاء جمعه بأربعة من فصائل الحراك بعدن، أن هناك مجموعات كبيرة من الحراك الجنوبي تريد أن تنخرط في الحوار ومجموعة أخرى تشكك فيه لإحساسها بالظلم الذي لحق بها خلال السنوات الماضية.
ويطالب سياسيون جنوبيون بضرورة أن يسبق مؤتمر الحوار القادم، حوار آخر جنوبي جنوبي لدفع مشاركة الجنوبيين في المصالحة الوطنية، وبلورة موقف متكامل لجميع المكونات السياسية في الجنوب يتم على أساسه تحديد أهدافها من المشاركة في الحوار.
ويرى الناشط السياسي وأستاذ الفلسفة بجامعة عدن الدكتور سامي عطا أن فرص نجاح المصالحة الوطنية لا تزال ضعيفة, في ظل وجود أزمة ثقة مستفحلة بين اللاعبين السياسيين يصعب ردمها، وإعلان الفصيل الرئيسي في الحراك الجنوبي (فصيل التحرير والاستقلال) مقاطعته للحوار.
وقال عطا في حديث للجزيرة نت إن قوى الجنوب التي ترفض الحوار تنطلق في مبرراتها من كون أن النظام السابق الذي أكد أن نصف رموزه لا يزالون يشاركون بالسلطة الحالية، قد درج على عدم الجدية والالتفاف على أي اتفاق يبرم.
قرارات
ومن جانب السلطة، قال راجح بادي، المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة للجزيرة نت، إن الأيام القليلة القادمة ستشهد صدور قرارات رئاسية من شأنها التمهيد للانطلاق في عملية الحوار وإزالة التخوفات التي تطرح من قبل بعض القوى السياسية.
وأشار المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة إلى أن الظروف أصبحت مهيأة للقيام بعملية حوار ناجحة إذا خلصت النوايا لدى كافة الأطراف السياسية للجلوس على طاولة الحوار.
وأضاف بادي أن "ما يعزز نجاح عملية المصالحة الوطنية هو وجود ضمانات حقيقية لتنفيذ كافة المخرجات التي ستنتج عن مؤتمر الحوار ومواقف واضحة لكافة القوى الإقليمية والدولية تنص على ضرورة إنجاح الحوار".
ويرى المستشار الإعلامي أن بعض الأطراف السياسية التي كانت تعزو أسباب عدم رغبتها في المشاركة بالحوار إلى فشل تجاربها السابقة مع النظام السابق، أصبحت تدرك جيداً أن الوضع قد تغير وأن النظام السابق قد انتهى.
مؤشرات
غير أن محللين يمنيين استبعدوا أن يخرج مؤتمر الحوار الشامل بنقاط حاسمة بالنسبة للقضايا الرئيسية، وانتقدوا فكرة أن يشمل الحوار مشاركة واسعة تضم أكثر من خمسمائة مشارك.
وقال الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر المودع إنه كان يفترض أن يكتفي الحوار أولاً بالقوى والأحزاب الرئيسية لإصلاح النظام الأساسي وإقرار بعض القضايا التي كانت محل جدل وخلاف قبل الثورة، وإدخال إصلاحات دستورية للحد من سلطات رئيس الدولة.
وأشار عبد الناصر في حديث للجزيرة نت إلى أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن الحوار لن ينجح في حلحلة أهم القضايا الرئيسية وعلى رأسها القضية الجنوبية، خاصة إذا استمر الانقسام الحاصل بين فصائل الحراك في الجنوب.
وأكد أن بعض القوى المتصارعة لا ترغب بإصلاح النظام السياسي إصلاحا جذريا بشكل يؤسس لإيجاد نظام ديمقراطي، لأن هذا النظام سيؤدي إلى إضعافها على الأرض والحد من سلطاتها مما يجعل مشاركتها في الحوار تعطل النجاح.
المصدر:الجزيرة