اليمن في ظل الحرب: أوضاع إنسانيةُ صعبة.. وحياةٌ لا تُسرُّ الصديق
بسبب الحرب ومنذ الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن ابتداء من يوم 26 مارس 2015 وحتى اللحظة والجحيم يلازم حياة اليمنيين، وحسب المؤشرات فإنه أهم صراع ومعركة دخلتها اليمن في تاريخها الحديث، فبعد سيطرة الحوثيين وقوات صالح على أغلب المؤسسات في الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية وقوات التحرير تساعدها قوات التحالف من البر والجو في سبيل التحرر، وبعد أن تم تحرير محافظة عدن من سيطرة قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وزعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي على يد قوات التحالف التي تتزعمها المملكة العربية السعودية وتساعد قواتها في ذلك جماعات مسلحة من أبناء المحافظة، انتقلت المعركة إلى مدينة تعز ويبدو أنها هي الأخرى حسب آخر التقارير الإخبارية في طريقها إلى التحرر أيضا من قوات أطراف الصراع المناوئين لتنتقل المعركة إلى محافظة الحديدة.
ولعل وصف الحالة الإنسانية في اليمن منذ اندلاع الحرب هو الأكثر أهمية وبحسب التقارير فإن مدينة تعز هي الأكثر معاناة في هذه الحرب التي دارت رحاها في كافة المحافظات اليمنية بلا تمييز من الجو أولا وما تلا ذلك من صراعات ونزاعات في سبيل التحرر من سيطرة أنصار صالح والحوثيين وقواتهم، ومنذ ما يزيد على أربعة أشهر على بدء المعركة في محافظة تعز وهناك 2.2 مليون مواطن يواجهون أوضاعا إنسانية و إقتصادية صعبة من خلال إرتفاع أسعار المواد الغذائية وإنعدام المشتقات النفطية والغاز والحصار الذي تفرضه الأطراف المناوئة على تدفق المشتقات النفطية والسلع إلى المدينة التي تمثل أكبر محافظة يمنية في تعدادها السكاني. إذ إرتفعت أسعار المواد الغذائية إلى 50 % داخل المدينة وإلى 70 % في ريف المحافظة مع إنعدامها ما بين فترة وأخرى، وبلغ سعر إسطوانة الغاز بزيادة مقدارها 600% ما جعل المواطنين نتيجة لذلك يتبعون الطرق التقليدية في تحضير الأطعمة وطهيها وهي تقطيع الأشجار والطهي باحطابها. وارتفعت أسعار عربات المياه نتيجة إنعدام المياه بنسبة 150% وفي الريف بنسبة 200%وهكذا أصبح نصيب كل أسرة من الماء ما مقداره 30 لتر فقط في اليوم بشرط أن يكون عدد أفراد الأسرة 8 أشخاص.
ولا يختلف الأمر إلا بنسب بسيطة في المحافظات اليمنية التي لا تؤيد حكم قوات الحوثيين وصالح كثيرا، وتستمر معاناة الكثيرين نتيجة انعدام المشتقات النفطية وكذلك بدأت الأطراف المناوئة وأنصارها نظرا لنفوذهم من استغلال الوضع فازدهرت تجارتهم النفطية في الأسواق السوداء وصاروا يبيعونها باسعار خيالية فقط لأنهم الوحيدون القادرون على الحصول عليها لسيطرتهم على الطرق والمصادر الخاصة بها ولا صوت في البلاد أقوى من صوتهم.
وتوقف عدد كبير من المستشفيات الأهلية عن العمل. واطلق مرضى الفشل الكلوي نداء استغاثة بعد ان توقف العمل في مراكز الغسيل الكلوي واعتبر الأطباء هذا الامر بالكارثة وناشدوا المنظمات الدولية والسلطات المحلية إلى الإسراع في توفير المشتقات النفطية للمستشفيات مؤكدين ان حياة المئات من مرضى الفشل الكلوي مهددة بالموت نتيجة توقف مركز الغسيل الكلوي.
وقد وصف ناشطون حقوقيون هذه القضية بأنها في غاية الخطورة امام كل منظمات حقوق الانسان الدولية ومنظمات العالمية المعنية مدينة تعز في وضع انساني خطير في ظل الأحداث التي فرضت نوعا من الحصار على المحافظات التي تدور فيها معارك تحريرية منعها من دخول أي مشتقات نفطية إليها كما استنفذ مخزونها من المشتقات النفطية تحت مسميات تتعلق بجهات التصارع في الأحداث.
وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في تقرير لها أن الأطفال في اليمن يعانون من خطر الموت والإصابات والنزوح، وخطورة الإصابة بالأمراض، مع تصاعد حدة الأحداث، وقال ممثل اليونيسيف في اليمن جوليين هارنيس : يدفع الأطفال ثمناً باهظاً للنزاعات، فهم يقتلون ويُشوهون ويُجبرون على الفرار من منازلهم"، وذكر هارنيس أن صحة الأطفال مهددة، إضافة إلى تعطل مسيرتهم التعليمية.
وفي 30 ابريل 2015م وجهت منظمة سياج لحماية الطفولة نداء استغاثة عاجلة لإنقاذ اكثر من ثمانية ملايين طفل يمني بينهم نحو مليون رضيع يعيشون كارثة غذائية وصحية. كما أكدت معلومات مركز الرصد والحماية في سياج أن الاطفال يتهددهم الموت والامراض الناتجة عن نقص التغذية والمياه الصالحة للشرب وانعدام الخدمات الصحية بشكل شبه كامل.
ويستمر تفاقم الوضع جراء الأحداث التي تعصف بالبلاد ليصل عدد الأطفال الذين يتهددهم الموت والامراض بسبب الحصار والأحداث إلى أكثر من 8 ملايين طفل في جميع محافظات اليمن ومنع الأطراف المتصارعة من وصول الاغذية ومياه الشرب إلى المواطنين، ومن جانبها جددت سياج للطفولة تحذيرها من تفاقم الوضع الانساني في اليمن نتيجة عدم وصول مواد غذائية وادوية ومواد بترولية إلى اليمن مند نحو شهر تقريبا. حيث نفذ المخزون الغذائي لنحو 60% من الاسر اليمنية بشكل كلي واصبح من المتعذر عليهم تأمين احتياجاتهم التموينية. وقد أشارت منظمة اليونيسف في تقريرها إلى أن المستشفيات تعاني من ضغط متزايد لتتمكن من التعامل مع أعداد الحالات الكبيرة التي تسببت بها الأحداث في ظل تناقص الإمدادات، وتعرض العديد من المستشفيات والمرافق الطبية للهجوم. وأشارت اليونيسيف إلى أن أكثر من 100.000 شخص من مختلف أرجاء اليمن، شردوا من ديارهم.
وفي تقرير آخر صادر عن المركز اليمني لحقوق الإنسان تعاني المستشفيات من وضع صحي كارثي بسبب نقص مادة الأكسجين بسبب الأحداث واستهداف مصنع الأكسجين مما سبب توقف المصنع بشكل كلي وهو المصنع الوحيد الذي يزود المستشفيات بالأكسجين.
كما تعاني المستشفيات من نقص حاد في الدواء بسبب الحصار حيث تزاد نسبة الأمراض نتيجة الأحداث فهناك جرحى وهناك خائفون هلعون فزعون مما يحدث حالهم حال راكب البحر إن سلم جسده من الغرق لم يسلم قلبه من الخوف.
وبسبب انقطاع الكهرباء وأزمة المشتقات النفطية لا تعمل الأجهزة الطبية وكل ماله علاقة بالكهرباء في المستشفيات. وبسبب ازمة المواد البترولية ثمة صعوبة في ضخ مياه المشروع إلى المنازل وعليه تعيش الأسر حالة صعبة بسبب عدم توفر المياه ويصعب أيضاً شراء الماء التجاري لنفس السبب انعدام مادة الديزل.
كما ويؤكد تقرير المرصد أن آثار أزمة المشتقات النفطية على سائر الحياة من عمل المصانع والمزارع والمعامل ومن تحريك مركبات وناقلات وعمل المخابز وكل ما هو متعلق بالكهرباء في الحياة، مما شكل وضع مأساوي يعيشه المواطن اليمني.
وفي تقريره عن المواد الغذائية أشار المرصد إلى أن اليمن تعتمد على المواد الرئيسية في الغذاء كالقمح على الصادرات وعليه هناك أزمة خانقة تسببها نقص الحبوب ألأساسية مما يجعل المواطنين مهددين بالمجاعة.
أما موقف الدول الكبرى فيتضح في توجهات روسيا لفض النزاع عبر طرق سلمية واقتراح التعويض وإعادة الإعمار في تفاوضات تمت في مسقط لأكثر من مرة كان أخرها مطلع الشهر الحالي، وكانت روسيا ممثلا وضمينا للأطراف اليمنية (صالح والحوثيين) وكانت أمريكا ممثلا وضامناً للسعودية ودول التحالف لولا أن هذه المفاوضات التي كانت نتائجها بيد مندوب الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ وكان من المفترض تقديمها لمجلس الأمم المتحدة قد اعترضها شرط أحد الأطراف الأساسية وهو الرئيس عبدربه منصور هادي الذي أكد شرطه بأنه لن يكون هناك أي اتفاق ما لم تنص وثائق الملف المقدم إلى الأمم المتحدة على عودته رئيسا لليمن جديد ولا أحد يعرف حقا ما هي النوايا الحقيقية وراء هذا الشرط الذي يرفضه الحوثيون وصالح تماما ومن يهتدي بهديهم، وأما إيران التي كانت محسوبة لدول التحالف أحد أطراف الصراع باعتبارها وراء توسع نفوذ الحوثيون في اليمن والخطر الأكبر على دول المنطقة حسب مبررات الحرب منذ البداية فظل موقفها الصمت منذ البداية وظل انشغالها ببرنامجها النووي الذي باركته أمريكا وبعض قوى التحالف.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها